جلست من عصر الخميس إلى صباح الجمعة أمام التليفزيون لأشاهد ميلاد المسودة النهائية للدستور، وعلى مدى ما يقرب من عشرين ساعة عمل متواصلة رايت مجموعة من خبراء مصر فى كل المجالات يصنعون دستور مصر الجديدة بعد ثورة الشعب المباركة.
أشهد الله أننى بكيت عندما رأيت المستشار الغريانى يبكى. وهو قامة قضائية مشهود له بالعدل والحق، وشاهدته وهو يقود فريق من البنائين يتوافقون على دستور مادة بمادة وكأنهم عمال بناء يصنعون جدار حصين طوبة فوق طوبة. آلاف من ساعات العمل المتواصلة على مدى أكثر من خمسة شهور ومئات من جلسات الاستماع ومئات الآلاف من المقترحات تركوا بيوتهم وأقاموا فى مجلس الشورى مقر الجمعية التأسيسية بصفة شبه دائمة لإنجاز المهمة الأولى للثورة المصرية وهى كتابة مسودة لدستور مصر الحديثة.
الله على ما أقول شهيد أكثر من مائتى مادة ارتج قلبى من مساحة الحريات المهولة التى لم نراها من قبل تكوين حزب بالأخطار، وتكوين جمعية بالأخطار وحقوق المهنيين فى نقاباتهم وحرية تكوين نقابات عمالية فى مكان وحرية الاعتقاد وحرية ممارسة شعائر الأديان وحرية وكرامة الإنسان المصرى أينما كان.
أيضا كانت سعادتى بالغة عندما بشرنا هؤلاء البناءون بالإصرار على إعادة هيكلة كل مؤسسات الدولة من مؤسسة الرئاسة وتقليص سلطات الرئيس والحكومة والارتقاء بمهامها ومسئولياتها والمجالس النيابية الثلاث شورى وبرلمان ومحليات والقضاء بما يضمن الاستقلال والفصل بين السلطات.
أعتقد أن هذا البناء الدستورى الضخم ما هو إلا ميلاد للدولة المصرية الوطنية والديموقراطية والدستورية الحديثة. أعتقد أن هذا البناء يتوافق على مضامينه أغلب المصريين ويحقق حلم ثورة 25 يناير وحلم شهدائها ومصابيها ويحقق حلم فقراء وبسطاء هذا الشعب.
أعتقد أن كل الخلافات المثارة حول هذه الوثيقة الدستورية تنحصر كلها فى الشكليات والإجراءات كيفية اختيار الجمعية وتركيبة الجمعية وما حصل عليه كل فريق سياسى من شرف المشاركة فى بناء هذا الدستور واللغط القانونى والدستورى حول شرعية الجمعية التأسيسية، وهذه هى الحرية والديموقراطية التى تضمن حراك الشعب لصنع الأفضل، وهذه ما هى إلا ظاهرة صحية تدل على شغفنا بالديموقراطية وممارسة الحرية بعد سنين وسنين من الحرمان.
أعتقد أن بناء الدستور الجديد يمثل نقطة محورية وفاصلة ويمثل أيضا نقطة عبور من دولة بدون دستور حقيقى يمثل إرادة الأمة ودولة رخوة بلا مؤسسات ديموقراطية إلى دولة قوية وصلبة البناء. أعتقد أن الدستور الجديد سيولد ليموت مع ميلاده كل أصناف الاستبداد والفساد وتموت دولة الظلم والدكتاتورية وتذهب بلا رجعة إلى مزبلة التاريخ.
لأيهم على الإطلاق من قام وشارك فى بناء هذا الدستور فكلنا مصريون وكل أعضاء الجمعية مصريون وكلنا وطنيون ونحب مصر ونحلم بدولة حديثة يستحقها شعب مصر الذى دفع الغالى والثمين، كل ما يهمنا كشعب مواد ومحتوى ومقاصد هذا الدستور. أعتقد أن الكمال لله وحدة ومالدستور إلا صناعة بشر يخطئ ويصيب ولابد وأنه لا يحمل صفة الكمال ولابد وأن به ربما سهو أو أخطاء أو عوار والحكم النهائى للشعب المصرى الواعى والعظيم.
لم أجد أمامى إلا دستورا مدنيا يحافظ على هويتنا الإسلامية ونسيجنا الوطنى الفريد، دستور يقدس الحرية ويحافظ على الكرامة الإنسانية ويضمن المساواة والمواطنة والانصهار الوطنى بين طوائف الأمة.
من على هذا المنبر أقول لمصر مبروك على هذا الميلاد السعيد بالرغم من آلام المخاض الرهيبة. من على هذا المنبر أطالب أحبائى المصريين أن يتدارسوا مواد الدستور مادة مادة والحرض على المشاركة فى الاستفتاء عليه بكامل الحرية لنصنع عرسا آخر من أعراس الديموقراطية. الكرة الآن ستنتقل من ملعب البنائين إلى ملعب الشعب ليقول كلمة الفصل بكل حرية. اسلمى يامصر وعيشى حرة أبية.
مظاهرات من ميدان التحرير - صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
امىرة الازهرى
اىن المواد التى تعطى اى حقوق للفقراء؟
عدد الردود 0
بواسطة:
ايمن
ثقتنا ف الاخوان كبيرة
معاك يامرسى واللى مش عجبة يشرب من البحر
عدد الردود 0
بواسطة:
وفقي فكري
من ينقض لابد ان يكون قد قرأ اولاً