ربما اهتمامنا بما يحدث على الساحة السياسية ألهانا عما يحدث على الصعيد الاجتماعى فى الوطن العربى وبصفة خاصة بالجانب المتعلق بالمرأة العربية وما طرأ عليه من تغيير نتيجة ثورات الربيع العربى، ففى استطلاع رأى أجراه "اليوم السابع" مع عدد من النساء العربيات من بعض الدول العربية وجد أن تغييرا ربما ليس جذريا طال المرأة وشمل حقوقها وسلوكها، كما وجد اختلاف تلك النساء حول ما إذا كان صعود الإسلاميين لسدة الحكم يهدد حقوق المرأة من عدمه.
فمن اليمن، تقول نادية عبد الله، ناشطة سياسية، "لا أستطيع القول إن ثقافة المجتمع اليمنى تغيرت بشكل كلى تجاه المرأة ولكن ما ألاحظه أنه من كانوا مع الثورة تغيرت الكثير من الثقافة لديهم عن المرأة بعكس من كانوا مع نظام الرئيس السابق على صالح والذين ازدادوا ثقافة سلبية عن المرأة.
وتابعت نادية فى حديثها لـ"اليوم السابع": "تغير الكثير لدى الأسر الثورية وأصبحوا أكثر ثقة بالمرأة وانطلقت المرأة للمجتمع بشكل أوسع وأكثر ثقة، لكن لم يتغير وضع المرأة بالشكل المطلوب أو الشكل الذى كنا نطمح له بشكل كلى لجميع أنحاء اليمن.
وفى ردها على سؤال، ما إذا كان الإسلاميون يهددون حقوق المرأة، تقول نادية: "بالعكس تماما ما لاحظت أيام الثورة أن الإسلاميين هم أكثر من شجع النساء للخروج للساحات وللثورة والمشاركة بقوة فى الأنشطة الثورية وكانوا أكثر حرصا على تمثيل المرأة فى الكثير من الائتلافات والحركات الثورية الخاصة بهم، ولكنهم ينظرون لحرية المرأة ولحقوقها من ناحية إسلامية، ولا يؤيدون الحرية المطلقة للمرأة كالخروج بلا حجاب أو أى تصرف ضد الإسلام، أى يرون حقوقها فى إطار الدين.
وتضيف الناشطة اليمنية: "حاليا تسعى معظم الأحزاب إلى تضمين المرأة ضمن الحزب حتى لا يقال إن الحزب يعمل ضد حقوق المرأة، وأظن أن أمام النساء الآن فرصة ذهبية لاستغلالها وإثبات وجودهن وقدرتها على العمل السياسى مثل الرجل بل وأفضل".
وتشير نادية إلى أن فوز توكل كرمان بجائزة نوبل للسلام لعام 2011 جعل المرأة اليمنية تحاول أكثر أن تقدم الكثير من أجل الوصول إلى ما وصلت إليه كرمان، حيث أصبحت المرأة اليمنية تتكلم بثقة وتخرج بثقة وإذا أحد حاول التعليق أو التقليل من أهمية عملها تستطيع الرد عليه وتقول: "أخذنا جائزة نوبل ماذا أخذتهم أنتم يا رجال!!".
إما الدكتورة إيمان بيبرس، مستشارة دولية فى قضايا المرأة والتنمية من مصر، ترى أن المرأة المصرية تتعرض لهجمة عنيفة سواء فى الإعلام أو الشارع أو حتى القائمين على وضع الدستور الجديد الذين يريدون تقويض حقوقها فى الحياة ويسعون إلى ترسيخ فكرة أن مكان المرأة المناسب هو بيتها ورعاية أسرتها فقط وهذا ليس إنصافا، على حد قولها.
وتؤكد الدكتورة بيبرس أن الإسلاميين فى مصر يهددون بالفعل حقوق المرأة، فهم يسعون إلى زواج الفتيات عند بلوغهن سن التاسعة وهذا أكبر دليل على أن منظورهم للمرأة لا يطابق مفهوم الإسلام الحقيقى، لافتة إلى وجود وعى طفيف للطبقات النسوية المتوسطة اللاتى بدأن يخرجن للدفاع عن حقوقهن داخل المجتمع المصرى.
وبما أن كل شىء يحدث له إيجابيات وسلبيات، فأهم إيجابيات ثورة 25 يناير بالنسبة للمرأة المصرية أنها استعادت جزءا من كرامتها داخل مجتمعها، فلم تعد المرأة تصمت تجاه قضايا التحرش التى تتعرض لها بشكل متكرر وبدأت تتخذ المرأة المصرية موقفا حاسما من ذلك سواء بتنظيم وقفات احتجاجية أو تنظيم حملات توعية، كما أن المرأة استعادت ثقتها بنفسها.
بينما ترى سمية شاهوت، ناشطة سياسية من ليبيا، أن ثورات الربيع العربى قد جاءت بكثير من الأدوار الاستراتيجية الداعمة والموثقة لدور المرأة العربية والليبية على وجه الخصوص الذى كان مغيبا ومهمشا، وبفضل هذه الثورات أصبح واقعا ملموسا، فلقد تأسست العديد من المنتديات والهيئات الداعمة لمشاركة المرأة منها منتدى المرأة الليبية من أجل السلام والذى تأسس بعد ثورة الرابع عشر من فبراير الليبية ويعتبر من مؤسسات المجتمع المدنى، كما أنه يعبر عن الصوت الواضح والصورة المشرفة للمرأة الليبية وقد قام هذا المنتدى بتنظيم العديد من المظاهرات والحديث مع وسائل الإعلام وكذلك بإجراء الاتصالات مع منظمات دولية.
وتابعت: هذا وقد تأسست الهيئة الداعمة لمشاركه المرأة فى صنع القرار والتى كان لها الدور الإيجابى الفعال هى الأخرى بعد كل التضحيات والمشاركات الملموسة والفعالة فى ثورة فبراير 2011، كما أنه لا يمكن إغفال دور المرأة أو التقليل من خطورته فقد أصبح واضحا للجميع هذا الدور سواء أثناء الثورة أو الآن. فقد سطرت المرأة فى ليبيا أسطر من نور فى جميع المجالات وما زالت تكد وتكدح وتساهم بكل طاقاتها فى رعاية الأجيال القادمة.
وبخصوص ما إذا كان الإسلاميون يمثلون تهديدا لحقوق المرأة من عدمه، ترى الناشطة الليبية أن الإسلاميين دعموا مشاركه المرأة فى المجتمع وأعطوا الصورة المتكاملة لدورها ومكانتها وهذه ترجمة حقيقية لمكانتها الخاصة فى الإسلام فهذا حلم نتمنى من الله تحقيقه فى أن تكون الشريعة الإسلامية مصدرا أساسيا للتشريع ليس فى ليبيا فقط بل فى الوطن العربى جميعا.
أما شريفة من تونس، فترى فى صعود الإسلاميين إلى الحكم تهديدا كبيرا لحقوق المرأة فى تونس، فمن وجهة نظرها تقلصت حقوق المرأة ولم يكن من المتاح الآن أن تمارس المرأة عملها فى أى وقت وربما لم تمارسه أساسا بعد تضييق الإسلاميين الذين يرون المرأة عورة سواء فى صوتها أو لباسها.
كما ترى شريفة أن المرأة التونسية حصلت على مزيد من الحرية فى عهد الرئيس السابق بورقيبة وربما هذه الحقوق لن تعوض ثانية، فلم يكن وقتها هناك فرق كبير بين الرجل والمرأة سواء فى العمل أو الثقافة وكانت المرأة تمارس مهامها فى أى وقت من اليوم ولكن الآن باتت قيود مفروضة تمنع ذلك.
كما أن المرأة التونسية قبل الثورة كانت أكثر تحررا من الآن خاصة بعد صعود الإسلاميين إلى الحكم، فقبل الثورة التونسية لم يكن هناك ما يبيح تعدد الزوجات بالنسبة للرجل وكان فى ذلك إنصاف للمرأة التونسية أما الآن توجد محاولات لتمرير قانون يتيح تعدد الزوجات الأمر الذى اعترضت عليه المرأة التونسية وخرجت لمحاربته فى مظاهرات ووقفات احتجاجية.
وتتابع شريفة:" اليوم فنساء تونس يُمثّلن ثلاثة أرباع ثروة البلاد بل ويُطعمن شعبا بأسره إذ تقول الأرقام أن مساهمة المرأة فى الناتج العام تعدّ نسبة 68٪ وهى تؤمّن إنتاج الخضر والغلال بنسبة 90٪ وحاضرة فى قطاعات التربية والتعليم والصحة بنسبة 60٪ وتمثّل 75٪ من العمالة فى قطاع السياحة و55٪ من موظّفى القطاع العام".
كما تُشكّل المرأة النسبة الأكبر من اليد العاملة فى قطاع النسيج والملابس بـ 90٪ و45٪ فى قطاعات صناعة الأدوية والصيدلة.
بعد مرور ما يقرب من عامين.. ماذا قدمت ثورات الربيع العربى للمرأة؟.. ناشطة يمنية: ثقافة المجتمع تغيرت تجاهها.. ومصرية: الثورة أعادت لنا ثقتنا بأنفسنا.. وتونسية: صعود الإسلاميين هدد حقوق المرأة
الجمعة، 09 نوفمبر 2012 05:42 ص