طه أمين يكتب: العدالة الاجتماعية...الشعار والتطبيق

الخميس، 08 نوفمبر 2012 09:08 ص
طه أمين يكتب: العدالة الاجتماعية...الشعار والتطبيق صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
خرج المصريون فى ٢٥ يناير ٢٠١١ يطالبون بالعدالة الاجتماعية... وبرغم الحماس فى المطالبة بها، إلا أن مفهوماً محدداً للعدالة الاجتماعية لم يكن واضحاً فى أذهان المطالبين بها.... وربما لم يكن حاضراً، حتى، فى أذهان من قادوا الحركة أنفسهم... فقد ارتبط مفهوم العدالة الاجتماعية فى أذهان الكثيرين بمفهوم إيجاد حلول للمشاكل الاقتصادية، أو ربما بمفهوم المساواة على المستوى الاجتماعى...أو بمفهوم رفع الدخل الشهرى لكل أسرة.... ورغم مرور ما يقرب من عامين على ٢٥ يناير... وبرغم إصرار كل من يعمل فى عالم السياسة على استمرار المطالبة بالعدالة الاجتماعية، إلا أن الأمر يزداد غموضاً... فينتقل مفهوم العدالة الاجتماعية إلى حالة من المساومات الانتخابية التى تستخدمها المعارضة لإحراج الحكومة ...أو تتحول الفكرة إلى حالة من تحريض الدولة ضد الأغنياء ورجال الأعمال غير المنتمين لطبقة الحكام الجدد، فتُوجِد لها مسوغا شعبياً وثورياً للاستيلاء على كل ماحققته الطبقة الغنية فى سنوات عملها، وتبرر نقل مراكز السلطة والنفوذ إلى طبقة أخرى تنتمى فكرياً وأيديولوجياً إلى طبقة جديدة من الأغنياء... وفى النهاية، تبقى الفكرة مشوشة فى أذهان الشعب الذى اتسعت أحلامه فى الماضى، وازدادت ثقته فيمن رفعوا هذا الشعار.

وبنظرة أكثر عمقاً لمفهوم العدالة الاجتماعية ندرك أنها لا تنتمى إلى عالم روبين هود، حيث نأخذ من الأغنياء، قسراً، لنسعد الفقراء.... فذلك لا يخلق الا حالة من الحقد على الأغنياء... ونهماً كسولاً بين الفقراء الذين ينتظرون تعليق الأغنياء على المشانق والاستيلاء على ممتلكاتهم وحرق أراضيهم... ولا ينتمى مفهوم العدالة الاجتماعية إلى عالمٍ تقوم فيه الدولة بالإنتاج وتوزيع الدخل نقداً، وبالتساوى، على المواطنين.... وهى بالقطع لا تنتمى إلى مفهوم سيد قطب فى كتابه الشهير "العدالة الاجتماعية فى الإسلام"، الذى خلق خلطاً غير مفهوم بين مبدأ المساواة فى العرق واللون، وبين مفهوم الصدقات والزكاوات والتبرعات، دون أن يقدم تصوراً واضحاً عن مجتمع تحكمه مفاهيم وقوانين واضحة لتطبيق فكرة العدالة الاجتماعية على الأرض.

على كل الأحوال...إن العدالة الاجتماعية ببساطة تعنى فتح باب الفرص أمام الجميع بالتساوى، فى مجتمع يقدر المواهب والقدرات الإبداعية والابتكارية، ويقدر فى نفس الوقت الجهد البدنى الذى يبذله من حُرِم من ملكات الابداع والخلق... ويضع الجميع على خط بداية واحد يسمح لهم بمنافسة شريفة ومتكافئة فى كل المجالات...يعمل كلٌ فيها على قدر طاقته، وينتج ويبدع فى ظل حضور تفاعلى ورقابى موازٍ ودائم وواضح لقوانين تضمن الحقوق والواجبات...وتكفل الحماية والعيش الكريم لمن لا يقدر على العمل لمرض أو عاهة أو شيخوخة... مجتمع يتشرب فكرة العدالة الاجتماعية كمفهوم إنسانى قبل أن يكون مفهوماً اقتصادياً وقانونياً... مجتمع ٍ تدرك النخبة فيه دورها التنويرى، بلا مزايدات سياسية أو انتخابية، وبلا استخدام مجحفٍ للعلم من أجل تغليب فريق على فريق.... أعتقد أن مفهوم العدالة الاجتماعية، إن لم يستغرق تفكير وإيمان المجتمع كله فى علاقاته اليومية كصيغة لأداء الحقوق وحماية الأقل قدرة على الكسب، فإن البحث عن قوانين تفرضه، سيصبح مثل البحث عن قط أسود فى ليل صحراء مظلمة.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة