مبارك
شهدت الساحة السياسية المصرية فى الفترة القليلة الماضية واقعتين تؤكد أننا مازلنا نعيش فى عصر الرئيس السابق حسنى مبارك، وأن شيئا لم يتغير أبدا إلا الأشخاص، إنما السياسات ظلت كما هى.
الواقعة الأولى هى قيام الدكتور عصام العريان -المثير للجدل- عضو مجلس الشعب المنحل والقيادى بحزب الحرية والعدالة بالتصريح بأن مؤسسة الرئاسة تقوم بتسجيل المكالمات الهاتفية الصادرة منها والواردة إليها مع أى شخص معها بهدف التوثيق، مؤكدا أن هذا أمر طبيعى.
وجاءت تصريحاته هذه على خلفية الأزمة الشهيرة للنائب العام المستشار الدكتور عبد المجيد محمود والذى قام كل من وزير العدل المستشار أحمد مكى والمستشار حسام الغريانى رئيس الجمعية التأسيسية المنوط بها إعداد الدستور بإجراء محادثتين هاتفيتين معه من داخل مؤسسة الرئاسة، واتضح بعد ذلك أن هاتين المحادثتين قد تم تسجيلهما كغيرها من المحاثات التليفونية.
فالدكتور عصام العريان – الذى لم يفكر فى العواقب القانونية لكلامه - يتصرف وكأنه الحاكم بأمره وليس مجرد مستشار لرئيس الجمهورية أو عضو فى فريقه الرئاسى، وتصريحاته هذه أشعلت الموقف مرة أخرى بعد أن هدأ نسبيا ببقاء النائب العام فى منصبه، وقيام الأخير بتحويل الملف إلى النيابة العامة للاستفسار عن صحة كلام الدكتور عصام من عدمه.
كلام العريان بأن تسجيل المكالمات أمر طبيعى وكان يحدث منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر هو كلام كارثى ومفزع بكل المقاييس، لأن تسجيل المكالمات لابد لها من إذن من النيابة العامة، وحتى إذا كان فى العهود السابقة كان يتم تسجيل المكالمات للمواطنين، فالمفترض أن مصر قد شهدت ثورة شعبية جارفة ضد نظام فاسد كبس على أنفاس المصريين وانتهك حياتهم و حرمتهم الشخصية الخاصة بالتجسس عليهم، ومن الخطأ والغباء السياسى أن يتم تكرار نفس أساليب ومنهاجية النظام السابق تحت ستار حماية الأمن القومى، كما كان يفعل الرئيس المخلوع حسنى مبارك وحاشيته، وإلا كان من الطبيعى أيضا استمرار حالة الطوارئ والقبض التعسفى على أى شخص وتعذيب المواطنين فى أقسام الشرطة والمعتقلات باعتباره كان موجودا فى العصور السابقة.
إن ما كانت تفعله النظم والحكومات السابقة من انتهاكات لحقوق الإنسان وتعدى على الحرمة الشخصية لا يجوز أبدا استمراره فى عهد مصر ما بعد ثورة 25 يناير، فالشعب الذى قام بثورة لإسقاط نظام انتهك حقوقه وحريته لن يصمت ولن يقف مكتوف الأيدى ضد أى نظام آخر يفعل نفس الشىء ويكرر أخطاء الماضى، فهذا الشعب يسعى دائما إلى وجود حياة سياسية سليمة يتمتع فيها بكامل حقوقه وحرياته، وسيتصدى لأى شئ ضد ذلك.
إن المصريين بعد أن قاموا بثورة عظيمة دفعوا ثمنها دما غاليا وقدموا من أجلها آلاف الشهداء لن يقبلوا أبدا التفريط فى حقوقهم الإنسانية التى يستمر إهدارها الآن تحت حكم الإخوان.
وكان من المفترض أن يكون الإخوان المسلمين أكثر الناس حرصا على حرمة الحياة الخاصة والشخصية، وتصديا لأى انتهاكات لحقوق الإنسان بعد أن تم انتهاك حقوقهم على مدار عقود كثيرة، ولم يستنشقوا نسائم الحرية ولم ينعموا بحقوقهم إلا بعد قيام ثورة 25 يناير المجيدة.
الواقعة الثانية هى الخطاب الذى أرسله الرئيس محمد مرسى إلى نظيره الإسرائيلى شيمون بيريز بمناسبة تعيين سفير جديد لمصر فى تل أبيب.
جاء الخطاب رقيقا وعاطفيا وحميما يوحى لمن يقرأه من أول وهلة وبدون النظر إلى المرسل إليه بأن الرئيس محمد مرسى أرسله إلى رئيس دولة عربية شقيقة بينها وبين مصر علاقات استراتيجية، لا إلى رئيس دولة عدوة بيننا وبينها منذ قيامها دم وشهداء وتضحيات، ولا إلى رئيس سفاح قاتل شارك فى سفك دماء العرب والمصريين على مدار أكثر من ستين عاما عمر دولة إسرائيل.
ومما زاد الطين بلة أن المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية أكد أن الخطاب صحيح 100% وأن مثل هذه النوعية من الخطابات هى خطابات بروتوكولية ولها ديباجة أو صيغة ثابتة متوارثة منذ زمن فى الخارجية المصرية.
لا يصح ولا يصلح أن يبقى ما كان متبعا فى عهد النظام السابق ورئيسه الذى كان كنزا استراتيجيا لإسرائيل كما هو على حاله، فمن المفترض أن هناك ثورة عظيمة قامت فى مصر تسمى ثورة 25 يناير أسقطت نظاما كان تابعا للنظام الصهيونى وكان خادما مطيعا فى بيت الطاعة الأمريكى.
والخطابات البروتوكولية الدبلوماسية ليست قرآنا ولا كتاباً مقدساً لا يجوز المساس به، إنما هى يجب أن تتماشى مع العصر الجديد وما شهده من تغييرات أسست لنظام جديد.
لقد أصاب هذا الخطاب الكثير من المصريين بالإحباط وبالصدمة لأنهم لم يتوقعوا أبدا أن تأتى هذ الكلمات من أول رئيس مدنى منتخب لمصر ينتمى لجماعة الإخوان المسلمين التى لا تعترف أصلا بإسرائيل فالرئيس مرسى يمثل ثورة جاءت لنسف سياسات النظام السابق فى التودد إلى الإسرائيليين ومجاملتهم بكل الكلمات الريائية.
هذا الخطاب الكارثى هو خيانة عظمى لثورة 25 يناير ومبادئها وأهدافها ولشهدائها الأبرار الذين ضحوا بدمائهم وأرواحهم فى سبيل رفعة وكرامة هذا الوطن وعدم خنوعه أو خضوعه لأى جهة أو لأى دولة.
لقد هدم هذا الخطاب ماتم بناؤه فى فترة السنتين السابقتين منذ اندلاع الثورة حتى الآن.
أعرف أن هناك معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل ويجب أن تُحترم، ولكن وجود مثل تلك المعاهدة لا يبرر استمرار نفس أسلوب ومنهاجية التعامل الذى كان يتعامل بها النظام السابق مع الدولة العبرية.
فقد كان من المتوقع أن تأتى صيغة الخطاب فى صورة رسمية بحتة بدون أى عبارات أو جمل ودية أو عاطفية من قبيل صديقى العزيز أو الوفى، وتطوير علاقات المحبة التى تربط بلدينا... إلخ، خطاب فى سطرين أو ثلاثة سطور يطلب فيه الرئيس محمد مرسى الموافقة على اعتماد السفير عاطف سيد الأهل سفيرا لمصر فى تل أبيب مع التوقيع فى آخر الخطاب فقط.
إن إعادة تكرار أخطاء النظام السابق، واستمرار انتهاج نفس أساليبه التى كانت سببا فى سقوطه يزيد من مشاعر الغضب والكراهية الشعبية ضد نظام الرئيس مرسى وينذر بقيام ثورة أخرى ضده، فالمصريون لم يسقطوا نظاما أحط من كرامة مصر وعزتها ليأتى نظام جديد ويكرر نفس الأشياء.
مبارك
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ولا يوم من أيامك يا ريس بمعنى الكلمة
وحشتنا يا سيد الناس يا زعيم الأمة العربية إللى بيحصل فى مصر ذنبك وربنا بيخلصهولك
عدد الردود 0
بواسطة:
على محسن
مصر بتنتقم مننا لحزنها على زعيمها
فوق
عدد الردود 0
بواسطة:
مبارك زعيم الأمة العربية
مبارك الذي ظلمه شعبه
عدد الردود 0
بواسطة:
مصطفى كمال
رد على 1
عدد الردود 0
بواسطة:
حمدى الجمال
كارثه بقاء حسنى مبارك 30 سنه زعيما لهذه الامه
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن
مصر غنية
لوسمحتوا ياحبيبة قولولو فين الفلوس
عدد الردود 0
بواسطة:
reda said
حسبُنا الله ونعم الوكيل
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن مصرى
لا فرق بين الحذاء والنعل
عدد الردود 0
بواسطة:
زائر
ردا على 4