وقعت عدة تفجيرات اليوم الأربعاء فى منطقة جبلية بدمشق تسكنها أغلبية من الطائفة العلوية، مما يمثل تصعيدا فى هجمات طائفية فى صراع عمق الانقسامات الدينية فى البلاد والمنطقة ككل.وجاءت الانفجارات بعد يوم من هجمات انتقامية أوقعت قتلى فى أحياء بالعاصمة على نحو عمق الانقسام بين العلويين والسنة الذين يمثلون أغلب المشاركين فى الانتفاضة المستمرة منذ 19 شهرا ضد الرئيس بشار الأسد.
وأسفرت الانتفاضة على حكم عائلة الأسد القائم منذ 42 عاما عن سقوط 32 ألف قتيل ودمار أجزاء كثيرة من سوريا.وأحدث الصراع استقطابا بين الولايات المتحدة وروسيا وقوى إقليمية ووسع الانقسام بين السنة والشيعة فى منطقة الشرق الأوسط.
وشوهد دخان يتصاعد من المنطقة العلوية التى تعرف باسم المزة 86 الواقعة قرب قصر الرئاسة وبدا أنه ناجم عن قذائف مورتر من عيار ثقيل.وقالت ربة منزل طلبت عدم نشر اسمها "تتوجه سيارات الإسعاف إلى المنطقة والشبيحة يطلقون رصاص بنادقهم الآلية بجنون فى الهواء."
وذكر التلفزيون السورى أن الهجوم نفذ بقذائف مورتر وأسفر عن خسائر بشرية دون أن يكشف عن مزيد من التفاصيل.وكان نشطاء من المعارضة قالوا إن سيارة ملغومة انفجرت ليل أمس الثلاثاء قرب مسجد فى حى القدم السنى فى جنوب العاصمة مما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات.
وكان حى القدم الذى يعمل منه مقاتلو المعارضة هدفا لنيران المدفعية الثقيلة التابعة للجيش السورى فى الأسابيع الماضية. وضربت طائرات حربية هذه المنطقة أيضا.وأسفرت غارات جوية وهجمات بالمدفعية شنها الجيش السورى خلال الأسابيع القليلة الماضية عن دمار أحياء كاملة بالعاصمة وكذلك أجزاء من بلدات ومدن فى مناطق أخرى.
لكن رغم كل هذه القوة العسكرية لا يبدو أن قوات الأسد تقترب من التغلب على مقاتلى المعارضة الذين يعانون نقصا فى السلاح ويعجزون حتى الآن عن الإطاحة بالزعيم السورى.وقالت وسائل إعلام رسمية فى وقت سابق إن تفجيرا وقع فى حى الورود العلوى على المشارف الشمالية الغربية للمدينة مما أسفر عن مقتل عشرة أشخاص على الأقل.
وتصاعدت وتيرة التفجيرات ذات الصبغة الطائفية مؤخرا. وقال نشطاء إن عددا من القنابل انفجر الشهر الماضى أثناء عطلة عيد الأضحى قرب مساجد فى مناطق سنية وضواحى دمشق مما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات.وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن قوات الأسد قتلت 154 شخصا فى أنحاء سوريا أمس الثلاثاء أغلبهم من المدنيين فى قصف جوى وبرى لدمشق وضواحيها وفى محافظتى حلب وإدلب الشماليتين.
وكان رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون قد لمح بعرض الحصانة من المحاكمة على الأسد كوسيلة لإقناعه بترك السلطة لكنه قال اليوم إنه الأسد لابد وأن يواجه العدالة.وكانت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قد قالت إنه يجب محاكمة المسئولين السوريين الذين يشتبه فى ارتكابهم جرائم ضد الإنسانية أو إصدارهم أوامر بارتكابها أمام المحكمة الجنائية الدولية. ويجمع محققو الأمم المتحدة أدلة على الفظائع التى ارتكبت فى سوريا سواء من جانب الموالين للأسد أو قوات المعارضة.
وقال كاميرون فى زيارة إلى مخيم الزعترى بالأردن الذى يؤوى نحو 30 ألف لاجيء سورى "أود أن أرى الرئيس الأسد وهو يواجه عدالة دولية كاملة بسبب الجرائم المروعة التى ارتكبها فى حق شعبه."ومضى يقول "أقف والحدود السورية خلفى مباشرة وكل ليلة يفر 500 لاجيء من أبشع أشكال الاضطهاد وإراقة الدماء ليصلوا إلى بر الأمان.. وبصراحة فإن ما قمنا به حتى الآن لا يحقق نجاحا."
وأوضح كاميرون إن بريطانيا تريد من الأسد ترك السلطة وأن ترى فترة تحول سياسى سلمى وأمانا فى البلاد فى المستقبل. وأردف قائلا إن تاريخ سوريا "يكتب بدماء شعبها."وحذر مبعوث السلام الدولى الأخضر الإبراهيمى من احتمال أن تصبح سوريا دولة منهارة كالصومال وأن تكون فريسة للمقاتلين والميليشيات.
وأدرجت الأمم المتحدة الحكومة السورية فى "قائمة العار" بالدول التى تنتهك حقوق الأطفال قائلة إن الشبيحة قتلوا وشوهوا وعذبوا واحتجزوا أطفالا لا تزيد أعمارهم عن تسع سنوات. وقالت ليلى زروقى الممثلة الخاصة للأمين العام لشؤون الأطفال والصراعات المسلحة لرويترز أمس الثلاثاء إن المنظمة الدولية تجرى تحريات أيضا حول تصرفات المعارضة.
