لقد كنت من الداعين لترك التأسيسية تنهى عملها فى إعداد الدستور وذلك لعدة نقاط، أهمها: سرعة وجود دستور، وخطورة ومساوئ إطالة مدة العمل بدونه. واقتناعى أن إصدار دستور به بعض العيوب يمكن تلافيها مستقبليا، بتعديلات لهذه المواد أفضل من الاستمرار بلا دستور. ولكن للأسف الشديد فإن مسودة الدستور التى تم إعلانها كانت من السوء الذى جعلنى أتراجع عن هذا الفكر. وذلك لعدة نقاط، أذكر منها:
1- عدم التناسق والترابط بين مواده وكأن من قام به هواة وليسوا محترفين، وأنهم عبارة عن مجموعات منفصلة لا يربط بينها فكر. مما جعل مواده لا تفتقر للترابط ولا لضعف الصياغة فقط، ولكن تفتقر كذلك لوحدة الفكر والرؤية، بل وتكاد أن تتعارض فى بعض مواده بين بعضها البعض. كالاختلاف فى إمكانية ازدواج الجنسية بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء (مقالى "رئيس الجمهورية وأمه وزوجته.. إسرائيليون" بجريدة المصريون فى 30/10/2012).
2- قيامها باستحداث أفكار جديدة نتائجها ليست مضرة للوطن فقط، ولكنها مدمرة له. وذلك لكونه أراد استنساخ بعض الأنظمة الخارجية بدون التفكير فى قابلية وصلاحية تطبيقها لوطننا. ومنها نظام المحليات المختلط مع اللامركزية وتخفيض سن المرشحين إلى 21 عاماً وعدم اشتراط مستوى تعليمى معين ولا حتى شهادة محو الأمية!! مما قد يجعل طالبا بالكلية ذو 21 عاماً – وقد يكون طالباً فاشلاً – وبالطبع لا يمكن أن يعين عميداً لكليته أو رئيساً لجامعته. قد نجده رئيساً للحى الذى به كليته أو جامعته، وله فرض القرارات والضرائب والرسوم عليهما وخلافه!! بل الأسوأ أنه يمكن أن يكون هذا الشخص الذى يفعل كل هذا أمىّ لا يعرف حتى القراءة ولا الكتابة!! (مقالى "رسالة مفتوحة للجنة تأسيس الدستور" بجريدة اليوم السابع فى 1/8/2012).
3- الهجوم الشديد من القوى السياسية وقوى المجتمع المدنى والتهديد بالانسحاب أو عدم الموافقة مما تسبب بالقيام بكثير من التنازلات لمحاولة استرضاءهم رغم أن بعضها به كثير من التجاوز، فضلا عن عدم تعبيره من الأساس عن الإرادة الشعبية الحقيقية.
4- غياب معيار الكفاءة والرغبة فى الاستماع، وهى عيب ظهر فينا بعد ثورة يناير. فالكل أصبح وكأنه يعمل بمقولة فرعون "مَا أُرِيكُمْ إِلا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ".
5- بل إن لجنة الاستماع ذاتها كانت تتذرع فى بعض الأوقات بحجج واهية أو أقوال غير صحيحة لعدم الاستماع. ومنها موقف خاص بى حيث تم إخبارى بالأخذ بالفعل ببعض المواضيع التى كنت أعرضها، مما جعلنى أتوقف فى شرح خطورتها وتبعاتها. وفوجئت بها فى المسودة كما كانت!!
6- عرض باب الحقوق والحريات فقط لمدة طويلة مع عدم عرض الأبواب الأخرى، مما منع مناقشتها منذ ذلك الوقت.
7- عرض كامل المسودة بطريقة يصعب معها مراجعتها أو التعليق عليها أو اقتراح أى تعديل لها وذلك لما يلى:
أ- عرض المسودة بعد مناقشتها بحدود الـ 10 أيام (مسودة يوم 24/10 عرضت يوم 4/11) وعلى شاكلتها باقى المسودات. مع ما قد يكون قد تم من تعديلات خلال هذه الأيام العشرة.
ب- تغير المسودات بشكل سريع مسودة يوم 14/10، 21، 22/10، 24/10 وفى كل مرة يتم عرض المسودة بالكامل (حوالى 232 مادة) بدون توضيح المواد المعدلة. مما كان يستلزم مراجعة ليس فقط المواد المعترض عليها ولكن مراجعة باقى جميع المواد كذلك لاحتمالية أن يكون قد تم تغيرها. وقد كان من المفترض على الأقل إرفاق ملحق يوضح التعديلات التى تم تغيرها فى كل جلسة. لسهولة مراجعة التعديلات فقط.
فلو أضفنا إلى هذا صغر مدة المناقشة المجتمعة، لوجدنا أننا أمام خلل لن يؤثر فقط على أن لا يكون الدستور تعبيرا صحيحا عن الإرادة الشعبية، بل قد يجعله يمثل خطورة شديدة على هذا الوطن وخاصة لما قد يسببه من نتائج وآثار قد يصعب تدارك آثارها.
لذا فإننى اقترح أن يتم العودة حاليا لدستور 71 بالتعديلات الدستورية التى تم الاستفتاء عليها فى 19/3/2011. وهو بالمناسبة التحقيق الصحيح لنتيجة الاستفتاء بـ " نعم "، وتصحيح للخطأ الذى كان قد تم فى ذلك الوقت بعمل إعلان دستورى (مقالى بجريدة الأحرار "تدمير الوطن... والخروج من الأزمة" فى 29/12/2011). مع إعادة طرح المادة التى كانت تدعو إلى عمل دستور للاستفتاء عليها مرة ثانية بأن تكون لاستمرار العمل بالدستور الحالى (دستور 71 بتعديلاته المستفتى عليها). وعلى أن يتم لاحقاً طلب تعديل المواد المراد إصلاحها بالطرق العادية لتغيير المواد الدستورية. وذلك حيث إن خطورة ومساوئ عدم وجود دستور تتعداها بمراحل خطورة ومساوئ وجود دستور مشوه لا يناسب أوضاعنا ولا يعبر بشكل صحيح عن الإرادة الشعبية. فإن كان عدم وجود دستور خطر على الوطن، فإن وجود دستور مشوه هو أخطر وأضل سبيلا.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد الحق
جمعية لكتابة الدستور وليس مؤتمر شعبى!
عدد الردود 0
بواسطة:
said omar
?!?!?!
غير صحيح وغير موضوعي!!!ومكابر!!!
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد الاسكندرانى
لقد فرط العقد