أميرة غريب تكتب: أنا مريضة نفسيًا!

الأربعاء، 07 نوفمبر 2012 11:55 ص
أميرة غريب تكتب: أنا مريضة نفسيًا! صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يدفعنى كل يوم أعيشه إلى فضول قاهر واحتياج حقيقى للمعرفة... معرفة "غرباء البشر" من الناس.. ومعرفة "غموض الأماكن" من أسرار الجدران.

ويوما بعد يوم أصبح لدى مجموعة خاصة من الشخصيات المذهلة والتى ارتبطت بهم ارتباطا حقيقيا.. جعلنى هذا الارتباط على قدر كبير من التعجب لأحوالهم وطقوسهم الخاصة وزرع بداخلى حقائق مزعجة عن أشياء كثيرة كانت تبدو لى بأنها ليست مزعجة على الإطلاق، كما أنه أشعرنى بارتياح عميق وبسرد كامل لإجابات كانت غامضة كل الغموض لدى بل وأحيانا كنت أظن أنها بمثابة الألغاز الكائنة بجوهر حياتى.

جميعهم يمثلون لى فكرا خاصا منفردا عميقا لا أراه بين عيون المزيفين من البشر حيث شعرت باقترابى الشديد منهم إنهم يقفون جميعا على الحد الفاصل بين الحكمة والجنون... ولكى لا يعم الغموض مفرداتى ويشعرنى أنا ومن يقرأه بالاختناق سأفسر تلك المقدمة الغريبة والغامضة.

عندما كنت طفلة صغيرة كنت أقيم خارج مصر تحديدا فى إحدى الدول العربية واستغرقت هذه الإقامة نحو تسع سنوات ولأننى بدأت الوعى والإدراك بعد خمس سنوات من ولادتى فأصبح تفسير التصرفات البشرية من حولى مكونا منذ بلوغى خمس سنوات واعترف اعترافا حقيقيا أن هذا البلوغ فى هذا الوقت أشعرنى بالانتقال كما لو أننى بلغت بلوغ الشباب وانتقلت من مرحلة إلى مرحلة حيث إننى فى هذه السن الصغيرة استطعت الانتقال من حالة اللاوعى إلى حالة الوعى الكامل.. كل من حولى من أطفال فى هذه البلد التى انتقلت فيها من عدم الإبصار إلا الإبصار كانوا ينظرون إلى نظرة غريبة ويقولون إننى مصرية بسخرية لا حد لها لدرجة أنهم كانوا يجتمعون فى وقت واحد ليقوموا بإسقاط تهمة لا أدرى متى أو كيف كان لى ارتكابها ويقولون بصوت عال وساخر" المصرية أهى.. المصرية أهى"، فقد كانوا يعتبرون أن هذه الكلمات سبة لى وإننى سوف أقوم بالبكاء الأجش عندما تتلقى أذنى هذه الكلمات "وعشان مبقاش كدابة أنا كنت بعيط فعلا " حيث إننى كنت طفلة لا أعلم أن كلمة مصرية هى جنسيتى ولا أعلم أن التحاقى بالكائنات والكينونات المصرية هو إهانة لى من وجهة نظرهم ومن ثم فإنهم يسخرون من كل تصرفاتى وملابسى وتسريحة شعرى ولهجتى المصرية التى لا تتشابه مع لهجتهم الخاصة بهم وبعدما مر أربع سنوات على هذا المنوال المؤسف والذى كان يصيبنى بالإرهاق النفسى والعقلى يوما بعد يوم انتهت دراستى فى هذا البلد وهذا المكان ولكن بعدما صبغ على قلبى إحساس مرير بعدم صلاحيتى للدراسة فى المدارس وإننى كائن غريب لا وجود له وأن هويتى ومصريتى وانتمائى لمصر هو شيء من الغرائب والعجائب وبذلك قررت أن أكون أنا المخطئة وليس هم وأننى أنا المريضة نفسيا وليس هم.

فاصل قصير.. وعدت إلى بلدى الحبيبة مصر التى كنت أسب وأهان يوميا فى المدرسة بسببها والتحقت بمدرسة حكومية وبالرغم من عدم صلاحيتها أن تكون مدرسة وعدم صلاحية القائمين عليها بالتدريس وعدم صلاحية الأطفال بها أن يكونوا أطفالا إلا إننى كنت سعيدة جدا عندما التحقت بها وعدت إلى مكانى الأصلى وبلادى الحقيقية التى لن يسخر فيها أحد منى.. إلا أنه فى وقت قليل جدا شعرت فيها بالغربة والاغتراب وبدأت النظرات تلقى على من قبل الأطفال الجالسين بجوارى على أننى كائن غريب وأننى دخيلة عليهم ولا أصلح أن أكون بينهم حيث إن شكلى لا يشبههم وملابسى أيضا وطريقة كلامى وكل تصرفاتى باتت غريبة عنهم وعن تفكيرهم فتيقنت أيضا بعدها أننى أنا المعابة وأن ليس للبلد الذى كنت فيها أو الأطفال ممن كانوا حولى سببا فى هذه النظرة.

وظللت انتقل من عام إلى الآخر والصورة الذهنية لدى كل من حولى واحدة وهى إننى إنسانة غريبة بينهم لا تصلح للمعاملة فكان لا وجود للأصدقاء من حولى، غير أن تفوقى الدراسى وقتها كان فى أحسن حالاته واستطعت أن أكون محبوبة من قبل المدرسين بسبب هذا التفوق فقط فكان عزائى الوحيد لابتعاد كل من فى سنى هو أننى متفوقة دراسيا وأنهم يغارون منى ومن تفوقى ولكن شىء ما بداخلى كان متيقنا بأنه هناك شىء مختلف وأن هناك لغزا لا أستطيع فكه أو الفكاك منه ولا أنكر أن مثل هذه الأيام كانت أصعب أيام مرت على فى طفولتى وجعلت منى طفلة جاحدة وانطوائية ولا تجيد فن الحديث مع الناس أو فن التعامل مع النفس.

ومع كل هذه التحديات الطفولية استطعت أن أنهض إلى الحقيقة وإن كانت فى وقت متأخر من الزمن وهى أن كل من كانوا حولى مجرد أطفال يعبثون بالكلمات ويبغضون الحديث مع الصامتين من أمثالى حيث إنهم أيضا لا يعلمون أن كلمة "مصرية "هى جنسيتى وأن إلقاءها على هو فخر وليس سبة لى.. واكتشفت بعدها أن "أنا إللى كنت مريضة نفسيا. ."لتصديقهم وتأثرى بكلماتهم".

انتقلت بعدها من هذه الحالة إلى حالة أخرى والتقيت بالعديد من البشر من حولى بعدما أصبحت واعية أكثر بالأمور واكتسبت معلومات نقلوها لى على أنها حقائق وما هى إلا مجرد آرائهم الشخصية وليست أحكاما مجردة حيث أن أحكام البشر من حولنا لا ينبغى أن تأخذ أكثر من حجمها الطبيعى وأن الحكم على أنفسنا لابد وأن ينبع من داخلنا نحن وليس من أحكام من حولنا حتى وإن كانوا أفضل مما نحن عليه فكل إنسان قادر على تقييم نفسه وذاته بشكل ملائم بغض النظر عن أفعاله وأعماله فالنفس البشرية تحمل العديد من المتناقضات لا يمكن وصفه أو حصره حصرا كليا ولابد أن تكون خطوات كل من "عاش وانفصل" بأن يقوم بالتقييم الذاتى للنفس لأن كل من هم حولنا لا يحسنون صنعا سوى أنهم يقومون بعرض حقائق عظيمة عنا ولكن بشكل يأخذ السبة والإهانة والمرضى النفسيون فقط هم من يتأرجحون على هذه الكلمات ليقوموا ببناء حياتهم الذاتية كما فعلت وأنا صغيرة.

أما داخل مستشفى الأمراض النفسية والعقلية فهناك من البشر من يقف على الحد الفاصل ما بين الحكمة والجنون كما ذكرت سالفا فهم وحدهم قادرون على التقييم الحقيقى لمن هم خارج السور ممن يعيشون حياة الرياء والنفاق والذى يجب حقا تلقيبهم بالمرضى النفسيين.. فأما من قرر أن يأخذ من بين السطور التائهة على لسان البشر ممن حوله كلمات ليبنى عليها مستقبلة وذاته فهو حقا لابد وأن يعترف.
"أنه مريض نفسيًَا.!!"





مشاركة




التعليقات 8

عدد الردود 0

بواسطة:

المستشار أحمد حنفى احمد

حمد لله على السلامة فى بلدك يا اميرة

عدد الردود 0

بواسطة:

مصر

أميرة غريب

عدد الردود 0

بواسطة:

لا عزاء فى الدول العربية

مصر قلب الأمة العربية

عدد الردود 0

بواسطة:

اللهم وفق رئيسنا

اللهم احفظ رئيسنا

عدد الردود 0

بواسطة:

امنيه

انا كمان مريضه نفسياا

عدد الردود 0

بواسطة:

المستشار أحمد حنفى احمد

ليه يا أمنية

عدد الردود 0

بواسطة:

امنيه

؟؟؟

عدد الردود 0

بواسطة:

المستشار أحمد حنفى احمد

فعلا

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة