لعله من نافلة القول أن الوضع الثقافى فى مصر لا يعبر إلا عن أقلية، بعيدة كل البعد عن هوية وحضارة وثقافة الشعب المصرى، وأن وزارة الثقافة المصرية مختطفة منذ أكثر من ثلاثين عاماً من قبل اليسار المصرى الذى لم يبرع سوى فى التهجم على الإسلام والمسلمين.
لكن هل يتحمل اليسار وحده المسئولية فيما يحدث للثقافة؟
بالقطع لا.. فاليسار وجد ويجد من يحتضنه منذ أكثر من ثلاثين عاماً، كما وجد من ينفق عليه وعلى إنتاجه الغث، بالإضافة لأن اليسار يمتلك بالفعل أعضاء لديهم قراءات واسعة فى شتى مجالات الفكر بما يؤهلهم للتنظير والكتابة والمشاغبة.
ولذلك ليس من العجيب أن تكون وزارة الثقافة فى مصر هى الوحيدة التى لم يطالها التغيير منذ قيام ثورة 25 يناير.. سيطرة تامة لليسار.. فإن عُزل الوزير وتمت الاستعانة بأحد كوادر الوزارة حتماً سيكون من اليسار.. وإن جاء أحد الإسلاميين سيملأ اليساريون الكرة الأرضية صراخاً وضجيجاً بأن الثقافة يتم "أخونتها" وأننا نعود للقرون الوسطى!
وللملاحظة فنفس وضع وزارة الثقافة هو نفسه وضع جريدة "أخبار الأدب" التى يسيطر عليها الرفاق، ولا تحتفل إلا بـ"نصر حامد أبو زيد" و "حسن حنفى" و"سيد القمنى" و "حلمى سالم " و "أحمد عبدالمعطى حجازى" ولا تنشر إنتاجاً إلا لليسار سواء فى القصة أو القصيدة أو المسرحية.
ليس اليسار وحده المسئول عن هذا الوضع الذى لا مثيل له فى أى دولة بالعالم.. فالإسلاميون تقع عليهم مسئولية كبيرة ولا أعفيهم من تغوّل اليسار وتوحشه واعتقاده أن وزارة الثقافة مسجلة باسمه فى الشهر العقارى، فابتعاد غالبية الإسلاميين عن الحركة الثقافية هو السبب الرئيسي لاستمرار اليسار فى هذا الوضع الغريب.
خذ مثلا أساتذة الجامعة اليساريين وأساتذة الجامعة الإسلاميين.. الفئة الأولي تشارك فى شتى المؤتمرات والندوات ولديها إلمام بالثقافة وتخصصات الأدب وفنونه، فى حين أن الإسلاميين لا ينشغلون بهذه الأمور إلا من رحم ربك.. وإن أردت أن تحصر أساتذة الجامعة الإسلاميين فى مصر الذين لديهم إلمام بالثقافة والنقد والأدب والفكر ويعدون قامات تتفوق على جميع مثقفى اليسار ستجدهم يعدون على الأصابع.. وتستطيع أن تذكرهم دون عناء فهم مع حفظ الألقاب: حلمى محمد القاعود – إبراهيم عوض – صابر عبد الدايم - خالد فهمى.
فى حين لو أردت أن تذكر اليسار فستجد فى كل جامعة خمسة على الأقل، وتبدو الغلبة لليسار واضحة، ولذلك يمارس اليسار "البلطجة الثقافية" المتمثلة فى احتكار جوائز النيل وجوائز الدولة، واحتكار الطبع والنشر والتوزيع، واحتكار الهيئة العامة لقصور الثقافة، واحتكار المركز القومى للترجمة، واحتكار الهيئة العامة للكتاب، واحتكار اتحاد الكتاب، واحتكار جريدة أخبار الأدب، واحتكار جريدة القاهرة.
يتحمل الإسلاميون الجانب الكبير من المسئولية فى هذه الأوضاع.. فهم من ابتعد عن الثقافة والحركة الأدبية، وهم من تجاهلوا فنون الأدب حتى سطت فئة مدعية على كل ما يمت للأدب بصلة، كما أنه فى عهد الإسلاميين والثورة حصل" وحيد حامد" و "حسن طلب" على جائزة الدولة النيل التى تقدر بنصف مليون جنيه.. أى أننا نكافئهم على معاداتهم للإسلام!.
أيها الإسلاميون.. لوموا أنفسكم قبل أن تلوموا اليسار.. تعاملوا مع بعضكم البعض مثلما يتعامل اليسار.. أيها الناشرون الإسلاميون اطبعوا الأعمال الفكرية للأساتذة الإسلاميين، حتى لو لم يكونوا من ذوى الأسماء الرنانة.. أيها الجالسون فوق كراسى الحكم استدعوا المثقفين الإسلاميين لمقابلتهم والاستئناس بأفكارهم.. أيها الإسلاميون طالعوا شتى فنون الأدب والفكر لتقارعوا اليسار.. أيها الرئيس الإسلامى.. طهر وزارة الثقافة لتنهى بذلك مهزلة مستمرة منذ عقود.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.
عدد الردود 0
بواسطة:
شيماء
مقال في الصميم