محمود النواصره

"الاحترام الواجب"

الثلاثاء، 06 نوفمبر 2012 08:43 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
خلق الله الإنسان ومعه ذاكراته والكل فى ذلك سواء، أما القدرة على تخزين المعلومات والمواقف والحوادث تم استدعاؤها عند الطلب، فالأمر يختلف من إنسان لآخر حسب قدرته، وحسب ما حباه الله من قوة الذاكرة أو سعة الاستيعاب.

أقول هذا لأن ذاكرتى استدعت موقفًاً مر عليه ثلاثون سنة ونيف، حيث كنت عضواً بلجنة كنترول إحدى الشهادات دون الثانوية العامة، وفى إحدى محافظات مصر، وكانت المراجعة النهائية لإظهار النتيجة أن تخط خطاً أخضر أمام الطالب الناجح، وأن تخط خطاً أحمر أمام الطالب الراسب، وتم ذلك وأعلنت النتيجة ثم جاء المشرف على اللجنة يلقى نظرة على الكشوف فوجد طالباً راسباً خُط أمامه خط أخضر، ونجح بدلاً من أن يرسب.. وقتها ثار نقاش وجدل ومن المخطئ؟ وإلى ذلك من أسئلة كثيرة استُدعى على أثر ذلك الرئيس العام للجنة وعٌرض عليه الأمر، فما كان منه إلا أن أحضر ورقة المادة التى رسب بها الطالب ورفعها إلى درجة النجاح ووقع عليها ثم قال حكمته، التى لا أنساها إن عامل "الثقة فى النتيجة أهم بكثير من نجاح طالب أو رسوبه".

طبعا فضولى أخذ عنوان هذا الطالب الذى شاءت إرادة الله أن ينجح وكان وراءه قصة ليس هذا مجال الحكى عنها.. سوف يدور فى ذهنك عزيزى القارئ لماذا تذكرت هذا الموقف بعد هذه السنوات العديدة؟ والإجابة هى الأخطاء الساذجة، التى تقع فيها البلد هذه الأيام، حيث افتقدنا الرأى الواعى الذى يُؤثر عامل الثقة على أى شىء آخر، لكى تستقر الأمور ولاتدخل فى بلبلة تجر الخراب وأعنى هنا تلك العقود المبرمة الخاصة بالاستثمار الأجنبى فما ذنب هذا المستثمر، الذى اتضح أن عقده مع الدولة يشوبه خطأ إجرائى أو شكلى؟ الثقة فى العقود الأجنبية حتى وغير الأجنبية أهم أساس فى تحقيق النجاح الاقتصادى، ويجب أن يكون تصرفنا تجاه هذه العقود قوياً يستدل منه على ثقة قوية فالتصرفات هى الكاشفة عن قوة الثقة أو ضعفها.. البلد الذى يتراجع عن عقوده مع الغير بعد توثيقها يضر بالاقتصاد المصرى المريض والذى نتمنى جميعاً أن يتعافى، إن العقود يترتب عليها مراكز مالية وخطط مستقبلية، تنهار إذا ما تم إلغاؤها قبل مدتها القانونية.. يجب على مسئولى هذه البلد النظر عن بعد وليس النظر تحت الأقدام، وقبل أن يتخذ القرار لابد أن تعرف نتائجه.. ليس من المعقول أن توفر بضعة ملايين اليوم وأن تخسر مليارات غداً، إن فسخ العقود حتى لو بحكم من المحكمة ليس أمرًاً بسيطًًاً واستدل على ذلك عزيزى القارئ "بمنجم السكرى" فى خلال بضع ساعات خسرت البورصة خمسة مليارات جنيه، هذا فضلاً عن فقدان الثقة فيحجم المستثمرون الأجانب عن الاستثمار فى مصر، والأنكى من ذلك تصفية الاستثمارات الأجنبية القائمة..

وأسوق فى هذا الصدد حلاً ليته يصل إلى الدكتور هشام قنديل، رئيس الوزراء، نحن نعرف بأن أى مستثمر أجنبى يريد استثمار أمواله داخل مصر بأنه يمر بمراحل عديدة ومستندات وتوثيقات لا أول لها ولا آخر ما أسميه أنا بذل البيروقراطية، وهذا الكلام يطول شرحه وليس مجاله الآن ومن ضمن هذه المراحل المرور على هيئة الرقابة المالية والهيئة العامة للاستثمار، وهنا أقترح أن تخصص هيئة قضائية داخل الهيئة العامة للاستثمار أو هيئة الرقابة المالية على حد سواء تتبع مجلس الدولة تختص بالحكم على مسودة العقد من حيث الشكل والإجراء دون النواحى الفنية أو المالية وتتخذ حكمها بالقبول أو الرفض قبل توقيع العقد، ويكون حكمها محصناً قضائياً على أن تتوخى هذه الهيئة القضائية السرعة المطلوبة حتى لا تتعطل مصالح المستثمرين وبهذا الإجراء يضمن المستثمر عدم فسخ العقد بعد توقيعه إلا إذا كان به تدليس ولا يجوز إحالة العقود إلى أى هيئة قضائية أخرى، وبهذا يكون الاحترام الواجب.
"وأستودعكم الله الذى لا تضيع ودائعه"

• عضو اتحاد الكتاب





مشاركة




التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

م علي عطيه الديب

مقال جميل

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد عبد العزيز

نحن نحتاج لمستثمرين جادين و ليس لصوص و فاسدين.

عدد الردود 0

بواسطة:

حسن عباس

القربة " مخرومة "

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة