وتناول الملتقى جهود الاتحاد الأفريقى فى دعم السلم والأمن، كما استعرض ممثلو الدول الأفريقية نزاعات القرن الحادى والعشرين، وما تفرضه من تحديات، خاصة فى حالات انهيار الدولة والإرهاب والنزاعات عبر الوطنية والحركات الانفصالية، بالإضافة إلى تحديات بناء الدولة عقب النزاعات، والعلاقات المدنية العسكرية فى الديمقراطيات الجديدة، إلى جانب دور المجتمع المدنى فى دعم ونشر السلم والأمن فى أفريقيا.
وعقد الملتقى اليوم الاثنين بالتزامن مع مرور 10 سنوات على إنشاء الاتحاد الأفريقى، مما أعطى الحدث زخما إضافيا، خاصة أنه يشارك فيه نحو 200 من الشخصيات الدولية والأفريقية المهمة، فى مقدمتهم "نكوسازانا زوما" رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقى، و"جون كوفور" رئيس غانا السابق، و"رومانو برودى" الممثل الخاص للسكرتير العام إلى دول الساحل، و"إدموند موليت" مساعد السكرتير العام لحفظ السلام، فضلاً عن الممثلين الخاصين إلى كل من الاتحاد الأفريقى، الكونغو الديمقراطى، الصومال، بوروندى، كوت ديفوار، ليبيريا، السودان، جنوب السودان، غرب أفريقيا، إضافة إلى عدد من كبار المسئولين بمنظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقى والمنظمات الإقليمية.
واستطاع "اليوم السابع" حضور إحدى الجلسات المغلقة خلال المؤتمر والتى تحدثت عن دور الاتحاد الأفريقى لدعم السلم والأمن فى القارة الأفريقية خلال الـ 10 سنوات الماضية، والتى أكد المشاركون فيها أهمية توحيد صوت أفريقيا حول العالم من أجل حل مشاكلها الداخلية.
وقال السفير سيد ديجنيت مفاوض الاتحاد الأفريقى للأمن والسلم خلال الجلسة، إن الدبلوماسية الأفريقية يجب أن تعمل للحد من محاولات الانفصال وحماية حقوق الإنسان وخاصة الأقليات ومواجهة المنازعات الدولية والعمل بين الاتحاد الأفريقى والمنظمات الإقليمية على مبدأ التكامل.
وقال محمد كامل عمرو، وزير الخارجية، إن مصر تساند مبادرة الاتحاد الأفريقى الخاصة بتعزيز التضامن مع دول القارة الخارجة من النزاعات، دعماً لجهود إعادة الأعمار والتنمية بتلك الدول، وذلك وفقاً للإستراتيجيات الوطنية للدول المعنية تأسيساً على مبدأ الملكية الوطنية.
وأضاف عمرو اليوم الاثنين، خلال كلمته فى افتتاح الملتقى إنه تأكيداً لاستعداد مصر الدائم للقيام بدور رئيسى فى المساهمة بتحمل مسئولية الأمن والاستقرار فى أفريقيا من خلال الآليات المُتاحة والجديدة، فإن مصر تستضيف مقر قيادة لواء شمال أفريقيا التابع للقوة الأفريقية الجاهزة، كما بادرت باقتراح إنشاء مركز الاتحاد الأفريقى لإعادة الإعمار والتنمية فى مرحلة ما بعد النزاع، الذى أقرت قمة أديس أبابا فى يناير 2011 إنشاءه. ونتطلع فى هذا الصدد للمضى قدماً فى تحويل هذه المبادرة إلى واقع ملموس على الأرض واستضافة مركز إعادة الأعمار والتنمية فى القاهرة.
وأشار عمر إلى أن مصر بادرت قبل عامين بطرح فكرة انعقاد المُلتقى، وتحرص منذ انعقاد الملتقى الأول بالقاهرة على استضافة الملتقى بشكل دورى سنوى، سعياً لتعزيز التضامن الدولى مع أفريقيا، ولخلق محاور جديدة للتعاون بين الاتحاد الأفريقى والأمم المتحدة والشركاء الدوليين لتحسين القدرة الجماعية على منع وتسوية المنازعات وتحقيق الأمن والتنمية فى القارة. وجاءت استجابة مفوضية الاتحاد الأفريقى للفكرة وتبنيها لدورية انعقاد الملتقى فى القاهرة لتُشكل خطوة هامة على صعيد تعزيز تكامل الخبرات فى مجالات صون السلم والأمن فى أفريقيا، مشيرا إلى أن انعقاد الملتقى هذا العام يأتى متواكباً مع تحديات وتطورات جديدة للسلم والأمن فى أفريقيا، بدءاً من منطقة الساحل والصحراء ومالى، مروراً بمنطقة البحيرات العظمى، ووصولاً للسودان وجنوب السودان والقرن الأفريقى، إضافة لمخاطر الإرهاب والقرصنة والجريمة المنظمة.
وقال عمرو "رغم هذه التحديات، فإن انعقاد الملتقى يتواكب فى الوقت نفسه وذكرى مرور عشر سنوات على قيام الاتحاد الأفريقى، مما يوفر فرصة مناسبة لتقييم ما تحقق من إنجازات بمجالات السلم والأمن والتنمية فى أفريقيا خلال العقد الماضى، وليطرح تصورات حول كيفية تجنب وتسوية النزاعات الأفريقية خلال الحقبة القادمة ودور الاتحاد الأفريقى والأمم المتحدة فى هذا الخصوص بالتعاون مع الشركاء الدوليين، والتصدى للتحديات الأمنية والسياسية والإنسانية والتنموية المرتبطة بها، فضلاً عن إيجاد حلول أكثر فاعلية لما هو قائم من نزاعات ومعالجة أسبابها"، مشيرا إلى أن التحديات والمشكلات التى تواجه قارتنا، سواء لتحقيق السلم والأمن والتنمية والحكم الرشيد واحترام حقوق الإنسان وتعزيز بناء السلام فى مرحلة ما بعد النزاع مازالت بحاجة لتضافر الجهود، للتوصل إلى حلول أفريقية يساندها المجتمع الدولى.
وأكد عمرو مساندة مصر جهود الاتحاد الأفريقى لتفعيل بنية السلم والأمن الأفريقية بكامل مكوناتها، وتعمل على تأكيد ذلك من خلال عضويتها الحالية بمجلس السلم والأمن الأفريقى، وفى إطار اتصالاتها مع الأمم المتحدة وكافة الشركاء الدوليين.
وفى السياق نفسه، أكد الدكتور نبيل العربى الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن التحولات الكبرى الجارية فى العالم العربى والأفريقى والمتمثلة فى الحراك الشعبى من أجل التغيير والإصلاح وإرساء دعائم الديمقراطية تفرض على الجامعة العربية والاتحاد الأفريقى إعادة ترتيب الأولويات، لمواكبة التحديات الجديدة المصاحبة لها وما ارتبط بها من تطلعات وآمال واسعة للشعوب.
ولفت خلال مشاركته فى الملتقى السنوى الهام لمبعوثى ووسطاء المنظمات الدولية والإقليمية المعنية بتسوية الأزمات فى القارة الأفريقية، إلى أنه لا ينبغى حصر مهددات السلم والأمن فى العوامل السياسية والعسكرية فقط، بل إن مفهوم السلم والأمن فى عالمنا المعاصر أشمل، ويتضمن جملة من العوامل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية، موضحا أن هذا يتطلب مراجعة وتحديث أطر العلاقات المؤسسية بين المنظمات الدولية العاملة فى مجال التنمية وبين المنظمات الإقليمية.
واقترح الأمين العام أن يكون لهذا الملتقى التشاورى الهام طابعا مؤسسيا يضم، بالإضافة إلى مبعوثى المنظمات وغيرها من الأجهزة السياسية الدولية والإقليمية المعنية بتعزيز السلم والأمن فى إفريقيا، ممثلين لكبريات المنظمات الإقليمية والدولية المتخصصة فى ميادين التنمية كالبيئة والصحة والزراعة والغذاء، لإثراء النقاش الدائر حول مسائل النهوض بمسائل السلم والأمن فى القارة.



















