د. فتحى حسين

معركة الغلق المبكر للمحلات

الأحد، 04 نوفمبر 2012 11:06 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعتقد أن حكومة هشام قنديل، التى أشبعتنا ظلاما دامسا، وإنقطاعا مستمرا فى الكهرباء فى بداية عهدها غير السعيد بنا على الإطلاق، سوف تدخل بنا إلى نوع أخر، من الإظلام هو الإغلاق المبكر للمحلات، الصادر بقرار من مجلس المحافظين فى 11 أكتوبر الماضى، والقاضى بتحديد مواعيد إغلاق المحلات فى العاشرة مساء، الأمر الذى رفضه جموع الشعب المصرى، واتحاد الغرف التجارية فى كافة المحافظات، وأعلن التجار ونقابتهم بأنهم جاهزون للصدام مع الحكومة القنديلية، التى يبدو فى نواياها، أن تبقى فى شوارعنا بلا قناديل!

ومسألة غلق المحلات مبكرا فى العاشرة مساء سيؤدى إلى أضرار جمة، تضاف إلى الأزمات، التى يعانى منها المجتمع بعد ثورة 25 يناير، ومن قبلها من أهمها زيادة معدلات البطالة، بشكل كبير ومخيف وينذر بكارثة منتظرة ومتوقعة فى المستقبل القريب أسمها ثورة الجياع، خاصة مع وجود أكثر من خمسة آلاف منطقة عشوائية فى مصر يقطنها 25 مليون مصرى، من المهمشين الذين يعيشون تحت خط الفقر، وهذه المناطق تعد بؤرا حيوية، ومفارخ للمنحرفين، والناقمين، والحاقدين، والمغلولين، والإرهابيين، الذين هم فى حالة استعداد للانتقام من المجتمع، الذى لم يرحمهم طوال عقود من القهر والظلم والفساد، وأضاع أعمارهم هباء، مما زاد حالة الانفلات الأمنى، والتى لا نزال نعيش فيها ولم تغيرها عملية استقرار نظام الحكم فى البلاد.

وقرار الإغلاق المبكر خاطئ جدا برأيى، وسوف يلغى الورديات الليلية فى المحلات، والتى يعيش عليها الشباب العاطل، الذى فشلت الحكومة فى توظيفهم، أو منحهم إعانة بطالة أسوة بمعظم البلاد العربية حولنا، الأمر الذى سيؤدى إلى خفض العمالة القائمة فى هذه المحلات، عند غلقها مبكرا بنسبة 50 %، الأمر الذى يزيد من التوتر المجتمعى، ناهيك عن ضعف الاستثمار، وقلة نسبة المبيعات، الأمر الذى سينعكس على دخول العاملين بالمحلات المنخفضة أصلا، فى ظل الغلاء المستمر فى الأسعار للسلع، وعدم القدرة على ضبطها نتيجة الارتفاع الجنونى فى التضخم.

وثمة مشكلة أخرى من وراء هذا القرار، وهى أنه سوف يخلق نوعا جديدا من الباعة الجائلين، من أصحاب المحلات أنفسهم، غير الموجودة بالفعل والمقدرة وفقا لبعض الدراسات الاقتصادية، بـ5 ملايين بائع متجول، ويبلغ حجم تجارتهم 300 مليار جنيه، وهى تجارة تعمل وتدار خارج إطار الدولة الأمر الذى سيؤدى إلى خسارة فادحة للدولة.

كما أن هذا قرار غير الذكى بالمرة فى هذا التوقيت سيؤدى لكارثة أخرى، تتمثل فى انخفاض حصيلة الضرائب، كأثر مباشر لانخفاض ربحية التجارة العائدة من هذه المحلات، والعاملين فيها، وبالتالى توقف تسديد التأمينات عليهم، ويزداد الأمر قتامة مع غلق الأنوار، مع أن حكومتنا قنديلية، وإخلاء الشوارع والطرقات والحوارى عند العاشرة مساء، سوف يخلق حالة من الانفلات الأمنى غير مسبوقة، قد تشكل بيئة خصبة لنمو خلايا منحرفة جديدة، أو إن شئت الدقة إرهابية، الأمر الذى سيلقى بالعبء الأكبر على رجال الشرطة، والذين لا يمكنهم حماية أكثر من 90 مليون مصرى، ناهيك عن غير المصريين من الجاليات العربية والأجنبية الموجودة، ومن ثم سيكون الأمر صعبا، بل مستحيلا فنحن لسنا مثل دول أوربا، أو مثل أمريكا، ولا شعبنا مثل شعوبهم!، وبالتالى لا يصلح محاكاة الغرب فى مسألة إغلاق المحلات دون دراسة جيدة لطبيعة الشخصية المصرية، والوضع الاجتماعى والاقتصادى والثقافى العام للمصريين!!





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة