على رمضان يكتب: موت مرشد سياحى.. على مكتب الوزير

الأحد، 04 نوفمبر 2012 03:07 م
 على رمضان يكتب: موت مرشد سياحى.. على مكتب الوزير هشام زعزوع وزير السياحة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مات أحد رواد المرشدين السياحيين برصاص المجموعة الإرهابية التى هاجمت معبد حتشبسوت عام 1997 ولم تتحرك الدولة آنذاك لتنقذ المرشدين من وابل الرصاص المصوب على السياحة فى هذه الآونة، ولم تصرف الدولة تعويضا لأهل المرشد المقتول، وكان اهتمامها الأول حماية السياح مصدر الخير لها، فينقل السائح بالطائرة لأحدث المستشفيات ويمتطى المرشد المصاب أقل الركائب ليعالج نفسه بنفسه من جيبه ومن قوت أولاده.

وتمر الأيام ويسقط مرشد سياحى أصيب بعيار فى أحد المراكب السياحية ليظل عمره الباقى يمشى متكئاً على عصا بعدما فقد نصف قدمه، ويشتعل أتوبيس سياحى بمرشده بعدما انفجر جهاز التكييف به ويموت المرشد محروقاً، ويسقط آخر على رأسه من قطار وادى الملوك فيصاب بنزيف ويموت متأثرا به، وينقلب منذ أيام أتوبيس سياحى لتموت سائحة ويصاب سياح آخرون ينقلون جوا لمستشفى قاهرى وينقل المرشد المصاب لمستشفى عام، فما الفارق بين دماء تسيل من المرشد السياحى ودماء تسيل من سائح؟

وينقلب أتوبيس آخر منذ أيام فى سيوة فتموت المرشدة السياحية لتلقى ربها شاكية له ظلم الدولة التى يموت فيها المرشد السياحى فلا يجد من يعوضه ولو بثمن الكفن!.

وبالتأكيد يعلم الرئيس مرسى حديث عمر رضى الله عنه: لو عثرت دابة فى العراق لسألنى الله عنها لم لم تصلح لها الطريق ياعمر؟!

ولكن الإهمال والإعراض وجزاء سنمار هو ما يجده المرشد السياحى لدى أجهزة الدولة.

فأين التعويضات التى تصرفها الحكومات المماثلة عن إصابة العمل والموت أثناء العمل؟ هل هذا هو منطق العدالة عند الحكومة؟

ولقاء نقيب المرشدين السياحيين مع معالى وزير السياحة خير دليل على فوقية الحكومة على رعاياها، فالوزير رفض تعويض المرشدين عن خسائرهم التى تكبدوها منذ توقفت السياحة، فالوزير فيما يبدو يعتقد أن المرشد لا يزال من أثرياء القوم!

الوزير رفض مطالب المرشدين العاطلين منذ تاريخ الثورة فى يناير 2011 والتى تلتمس المعونة بعدما ضاقت الأحوال وأظلمت الدنيا فى عيونهم ونفد رصيدهم ومدخراتهم وباعوا ما يملكون لتسديد مصروفات الحياة مشتعلة الأسعار بعدما مكثوا عاطلين كل هذه المدة التى أحرقت الأخضر واليابس، فلا وزارة تعينهم ولا مؤسسة تشملهم ولا كائنا فى الكون يشملهم ولو "بنظرة "، فيتولون بأنفسهم - وقد خففوا العبء عن الحكومة طيلة سنين مضت منذ أن بدأت السياحة فى مصر - مصروفات طعامهم وشرابهم وعلاجهم وعلاج أولادهم وتأميناتهم ومعاشاتهم وكأن المرشدين السياحيين ضيوف على أرض الكنانة.

ووافق الوزير على أمور ثانوية لا تهم المرشد كثيرا كأن يمثل المرشد فى جهات الدعاية للسياحة بالخارج وتحديد خمس تأشيرات للحج لنقابة المرشدين توزعها عليهم بالقرعة وهى أمور كما ترى لا تملأ بطناً ولا معدة خاوية، ولن تطعم أبناء المرشدين المنتظرين للفرج .

فهل تعامل الوزير مع قضايا المرشدين بما يمليه عليه واجبه كوزير سياسى يدير الأمور بحنكة وخبرة وعدالة فيعيد لهم أجورهم المستباحة التى يدفعها السائح الأجنبى لمكاتب السياحة فى الخارج ضمن ما يدفعه من رسوم حجز أجازته فى مصر؟

أم تعامل معاليه كمستثمر سياحى خبير بإيجابيات المرشد وسلبياته ويحمل فى داخله عاطفة ما تجاه وظيفة المرشد السياحى والتى صنعها القرب الشديد للمرشد من السائح الأجنبى الذى بيده الرضا أو عدم الرضا عن المنتج السياحى فأورث هذا القرب لدى البعض شيئا فى النفس تجاه المرشد؟

الوزير يدفع بالغالى والنفيس كى يستجلب أعداداً وفيرة من السياح، مستخدما مكاتب شتى من كافة الوسائل الإعلامية وتدريب قطاعات الشباب مهما غلا الثمن وارتفعت تكاليف السفر والإقامة بالخارج، وقبل أن تجنى مصر الثمار، يتحدث المرشدون فى مواقع التواصل عن ضرورة انتهاء الزواج الكاثوليكى بين نقابة المرشدين ووزارة السياحة فهى المشرفة على المرشدين إدارياً فقط بينما تقوم بتحصيل رسوم ترخيص العمل وتجديده "دون أدنى مسئولية"، وهذا هو كل ما تقوم به الوزارة للمرشد السياحى، لا تأمين صحى، لا تأمينات، لا معاشات.

فالآن أن للوزير أن يتدخل فوراً لنزع فتيل الغضب قبل أن ينفجر فى موسم سياحى لم يبدأ بعد، فقد اشتعل لهيب الغضب بين جموع المرشدين، نقيب المرشدين الذى خرج مكفهراً من مكتب الوزير كان من البديهى أن يدعو الجمعية العمومية لانعقاد طارئ ولكنه أعلن عن إضراب عام عن العمل فى الشهر الجارى، وافق عليه البعض ورفضه البعض، وسيضر بالسياحة ويجهز عليها، ويضر بالطبع بالزائر الأجنبى الذى لن يوافق على إفساد إجازته التى ظل طويلا ينتظرها ويحلم بها، كما سارع وكيل النقابة بالاستقالة بسبب إعراض الحكومة عن طلبات المرشد المكلوم، وتهاونها فى حقوقه واحدا تلو الآخر .. ومطالبا باستقلال النقابة عن الوزارة، وكان يجب عليه ألا يستقيل، فقد انتخب ليطالب ويطالب ويطالب، وما ضاع حق وراءه مطالب.

سعى الوزير للنهوض بالسياحة وتحقيق ذاته بالوصول بها لمستوى مميز يرتبط بعدالته ونزاهته فى حل مشاكل أفراد جيشه، وأولهم المرشدون، وهذا ملف هام أضعه على مكتبه.

وأهمس فى أذن الوزير بأن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء، فالحوار والاحتواء خير من الاستبداد بالرأى والتجاهل، وما كتبه إحسان عبد القدوس فى الستينيات فى قصته الشهيرة "إضراب الشحاتين" عن لقاء الوزير مع المتسولين وما قدمه لهم من إفطار شهى فى شهر رمضان، لتغلق الوليمة أفواههم عن الشكوى فأعرضوا عن إضرابهم.. كان مجرد مشهدا فى رواية، ولكن الحقيقة مغايرة تماما.
المرشدون يموتون برصاص الإرهاب وهم يحكون للسياح عن مجد مصر وعزتها.

يموتون فى حوادث الطرق ويدهم ممسكة بميكرفون يتكلمون فيه عن آلهة العدالة التى ابتدعها المصريون.

يموتون وهم يعملون.. صيفا وشتاء، قيظا وزمهريرا، يحتملون ثقل المهمة وغيظها وكيدها ومكائدها..
ولكنهم لن يموتوا جوعى!





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة