قال الدكتور محمد فؤاد جاد الله، مستشار الرئيس للشئون القانونية وأحد أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور، إن المسودة الحالية للدستور ليست الصياغة النهائية له، ولكنها مجرد أفكار وتصورات قمنا بجمعها من خلال عمل 4 لجان، مؤكدا أن نظرة الجمعية التأسيسية للدستور لم تكتمل بعد.
وانتقد جاد الله المادة الأولى فى الدستور التى تنص على الحق فى الكرامة الإنسانية، قائلا إن "الكرامة ليست حقا ولكنها نتاج تمتع الفرد بحقوق أخرى، مثل الحق فى التعليم وتلقى العلاج وتوفير فرص العمل"، مؤكدا أنه يرحب بالنقد البناء الذى يكون مبنيا على الحجة والبرهان، ويرفض النقد الهدام الذى يرمى إلى مصالح خاصة، أو بث الرعب فى نفوس الناس.
جاء ذلك خلال اللقاء الذى عقد مساء أمس بمكتبة "أ" بعنوان الدستور والشباب وحضره مجموعة من النشطاء السياسيين منهم: عبد الرحمن يوسف وعبد الرحمن عز ونادر بكار.
وأوضح جاد الله أن تأخير صدور الدستور عن الموعد المحدد له سوف يضع مصر فى مأزق كبير، مشيرا إلى أن هناك الكثير منا الاستثمارات بمليارات الجنيهات معطلة بسبب عدم وجود دستور، مؤكدا أن مصر مازالت فى مرحلة انتقالية بسبب عدم وجود دستور.
وطمأن جاد الله الحضور بأن المواد التى يقترحاها الأعضاء فى الدستور لا علاقة لها بمصالح تيار بعينه كما يدعى البعض، مؤكدا أنه لا صحة لوجود تفضيل للرجل عن المرأة أو مسلم عن مسيحى، ويكفى وجود مادة بالدستور تنص على أن جميع المواطنين متساوون فى الحقوق والواجبات، مؤكدا أن الدستور العاكفين على وضعه لغى سياسة النظام السابق التى كانت قائمة على تقسيم مصر إلى بدو ونوبيين وأمازيغ ومعاقين، فضلا عن أنه لا يوجد صح مطلق أو خطأ مطلق، موضحا أن ما سيفتى عليه الشعب سيكون نافذا على حكم المحكمة الدستورية إذا قضت بحل الجمعية التأسيسية.
وأكد عبد الرحمن يوسف فى كلمته أنه لا أمل فى دستور توافقى يحكم البلاد فى ظل وجود حالة الاستقطاب التى يعيشها فصائل الوطن، داعيا الشباب بكل حماس بعدم الانخراط فى مثل هذه المعارك الدائرة بين ما وصفهم بالعجائز، مشيرا إلى أن الخلافات بين العسكر والإخوان تعود جذورها إلى الخمسينات، ومن هنا يتأكد لنا أن ما يحدث الآن نتيجة أحقاد قديمة.
وأضاف يوسف موجها نصائحه للشباب أن الدستور لم يحدد مصير البلاد ولكن الشباب الذى نزل إلى الشوارع فى الثورة وغير "المؤدلج" على حد تعبيره، هو من سيحدد مصير البلاد، داعيا إياهم بالالتفات إلى المحليات والنقابات وترك معركة مجلس الشعب لمن يتعاركون فيها، مؤكدا أن مصر فى حاجة إلى جمع القمامة وتوصيل رعاية صحية جيدة للمواطنين، وكل هذا فى أيدى الشباب، مشددا على الشباب عدم وضع أنفسهم فى معارك خاسرة، قائلا "لا تحملوا هد الدستور فكم من دول قمعت وذلك ودستورها نص على الحرية والكرامة".
وخلال الندوة قاطع الناشط السياسى عبد الرحمن عز المتحدثين وأسئلة الحضور باتصال تليفونى جاءه من والدة أحد الشهداء فى الثورة يدعى مصطفى سعيد عبد الحميد، مصرا على أن تعرض شكوتها لمستشار الرئيس، وطالبت السيدة من مستشار الرئيس أن يفرج لها عن ابنها أحمد الذى اعتقلته قوات الأمن بعدما استشهد أخوه وقاموا بتلفيق قضية له حتى لا يشهد على الضباط الذين قتلوا أخاه خلال الثورة، وحاولت السيدة التى يبدو من حديثها أنها بسيطة جدا أن تستعطف الرئيس وتدعوا له أن يوفقه فى مهمته أن يخرج لها ابنها، نظرا لأن والده أصبح قعيد الفراش بعدما توفى ابنهم وسجن الآخر، قائلة إلهى يعمر بيتك، ويباركلك طلعلى ولدى من الحبس، حرام ياخد 15 سنة سجن".
انهمر جاد الله فى البكاء بعدما سمع صوت السيدة وهى حزينة على ابنها ووعدها بأن يولى اهتماما شخصيا من جانبه بقضيتها، وطالب الناس بعدم التعجل لأن الإجراءات القضائية طويلة إلى حد ما، مشيرا إلى أن الرئيس أصدر عفوا عمن سجنوا فى أعقاب الثورة بجرائم، مؤكدا أن عمل لجنة تقصى الحقائق ولجنة بحث أوضاع المعتقلين لا تتوقف من شهر يوليو الماضى.
وقال نادر بكار عضو اللجنة التأسيسية بالدستور إن التغيير يحتاج إلى خطة إدارة مرنة، ولا يوجد داع لما يحدث حاليا بالشارع السياسى من خلاف واستقطاب، واصفا ما يحدث بحالة الاحتقان التلفزيونى الذى يشعلها الإعلام، مؤكدا أن الأمر يحتاج منا أن نكون أكثر مرونة والدستور ليس نهاية المطاف.
وأوضح بكار أنه عندما يؤدى عمله باللجنة التأسيسية بالدستور يخلع عنه عباءة الحزب ولكن لا يخلع عنه أفكاره التى يؤمن بها، ولكن إن وجد فكرة أفضل لا يمانع فيها، مؤكدا أنه ينقل نبض الشارع، مبديا إعجابه الشديد بوعى أهالى مطروح عندما ذهب ليستمع إلى مطالبهم ووجدهم أكثر وعيا.