معصوم مرزوق

السلام عليكم..!!

السبت، 03 نوفمبر 2012 05:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
للسلام أنواع وأشكال، فهو مثلا يستخدم للتحية كما فى حالة المسلمين أو اليهود «شالوم»، ويستخدم للتعظيم والتكبير لأصحاب المكانة الرفيعة وخاصة فى الأفراح الشعبية حين يطلب أحد الأشخاص من الفرقة الموسيقية أن تضرب «سلام مربع»، وهناك سلام عباد الرحمن إذا خاطبهم الجاهلون، وهناك سلام باليد وسلام بالعين وسلام على القفا، ثم إن هناك أنواعا من السلام الزمنى مثل السلام الدائم والسلام المؤقت والسلام المرحلى، وأنواعا من السلام المرتبط بالطقس مثل السلام الحار أو الجاف أو الممطر، والسلام الدافئ أو العاصف، والسلام البارد، وهناك سلام صوفى يبحث عن سلام العقل وسلام الروح وسلام الجسد، وفى القانون الدولى هناك مؤتمرات السلام ولجان السلام ومبادئ السلام.. إلخ.. إلخ، لكن أشهر أنواع السلام هو «سلام القبر»، وهو ما لم تنتطح فيها عنزتان، سلام حقيقى لا شبهة فيه ولا احتيال، لذلك يقولون للميت بالإنجليزية: «Rest in Peace».

والإنسان أمام هذه المائدة الحافلة بصحون السلام المتنوعة مخير حينا ومسير أحيانا كثيرة، فالمريض لا يستطيع أن يأكل أى صنف على هواه، فهناك أنواع ممنوعة وأنواع لا يأخذ منها إلا بحذر وقدر، لكنه يستطيع دائما أن يأكل «المسلوق»، فالاختيار إرادة، والمريض إرادته منقوصة أومسلوبة، لذلك فقدرته على الاختيار محدودة بإمكانياته الصحية ومدى نشاط الفيروس ومدى فاعلية جهاز المناعة وشروط الطبيب وكفاءته فى التشخيص.

وإذا كان ما تقدم صحيحا فى حالة المريض الحقيقى، أى الذى يعانى عجزا معينا نتيجة لأسباب خارجية، فهل يصح ذلك فى حالة مريض الوهم؟ أى ذلك المريض الذى يعانى من العجز لأسباب تنبع من داخله؟

إن الإجابة على السؤال السابق تتطلب بحثا عميقا فى كتب علم النفس وعلم الاجتماع وعلم التاريخ، لكن ما يمكن أن نقوله هنا هو أن مريض الوهم أصعب حالة من المريض الحقيقى، لأن الأخير يمكن تشخيص دائه وتوجيه العلاج المناسب ووضع خطة زمنية لشفائه، والأهم من ذلك أن لديه بعض الإرادة والوعى الذى يمكنه من المقاومة والإصرار على الشفاء، بينما يستحيل تشخيص داء الوهم، أو معرفة أنسب علاج لحالته، ولا يمكن لأى خطة أن تتماشى معه، وهو فاقد للإرادة أسير للتصورات لا يرى الأشياء فى أبعادها الحقيقية أو المعقولة، فما هو السلام المتاح أمام مريض الوهم؟ يرى بعض الفلاسفة أن ما يكفيه هو سلام التحية، فهو لن يفهم سلاما آخر غيره، فالسلام الحار يؤذيه، والسلام البارد لا تحتمله صحته، وسلام العقل غير متوقع فى حالته، وسلام الجسد مشكوك فيه، ويضيف هذا الجانب الفلسفى سلام عباد الرحمن باعتبار أن مريض الوهم من الجاهلين.

وبالرغم من وجاهة هذا الرأى واستناده إلى اعتبارات نظرية سليمة، فإنه يفتقد الحس الإنسانى فى نظر أصحاب الرأى الثانى الذى يرى أن أفضل سلام يناسب حالة مريض الوهم هو سلام القفا، باعتبار أن هذا النوع هو خطوة على طريق الشفاء، لأنه قد يفيق من هلوسته بتلك الصدمة، وهو يحتاج من ناحية أخرى إلى نوع من السلام المؤقت حتى يسترد عافيته ويقدر عاقبة أفعاله ويصبح مسؤولا عن تصرفاته، وهذا الرأى يعارضه جانب كبير من فقهاء السياسة، ويرون أنه نوع من التهريج الخطير الذى يمكن أن يودى بحياة المريض أو يفقده الوعى إلى الأبد، لذلك فهم يرون أن أنسب أنواع السلام لذلك المريض هو «السلام المربع» لارتباطه بالوجاهة والأبهة بما يرفع الروح المعنوية للمريض ويعطيه الثقة فى نفسه وإمكانياته، ولا بأس عند هذا الرأى من أن يكون السلام باردا، لأن تلك البرودة تدفع الإنسان للبحث عن الدفء، وبالتالى للحركة الواعية، وهو ما يعنى الشفاء وصولا إلى السلام الدائم، وأقرب الوسائل إلى ذلك هى مؤتمرات السلام بغض النظر عن نتائجها، لأن الهدف هو «السلام المربع» الذى تضربه الفرقة الموسيقية فى المطارات وفى قاعات المفاوضات.
ورغم أن اتجاهات الرأى التى سبق عرضها تستنفد تقريبا كل أنواع السلام المتاح، فإن هناك فريقا من الدراويش ظهر مؤخرا بنظرية جديدة للسلام تقوم على سلام الروح، ففى هذا النوع يعتزل الإنسان الواهم كل ما يعكر شعوره بالسلام، فليست المشكلة هى استعباد الجسد، وإنما المأساة هى استعباد الروح، وعندما يحل سلام الروح يعتدل الكون وتصبح كل الأشياء القبيحة جميلة وكل الأشياء غير المقبولة مطلوبة، فمريض الوهم هنا يشفى بشرط أن تتحرر روحه بغض النظر عن أى شروط أخرى مفروضة عليه سواء بحكم الواقع أو بحكم الآخرين.

وقبل أن ننتهى من استعراض هذه النظريات المختلفة، لا يفوتنى أن أشير إلى أن هناك نظرية ينفرد بها بعض الفلاسفة المحدثين أمثال السيد بنيامين نتنياهو وإسحاق شامير وإيريل شارون ومن على شاكلتهم، وهى نظرية «سلام القبر» باعتباره راحة لمريض الوهم من كل شر، فذلك هو السلام الدائم الذى لا دوام بعده، وتلك هى الراحة الأبدية التى لا يعرفها إلا من ذاقها، فمريض الوهم فى إطار هذه النظرية ليس إلا ميتا، والميت لا يتكلم، ولذلك قالوا إن «العربى الجيد هو العربى الميت»، ونتنياهو وأمثاله هم الورثة الحقيقيون لذلك الميت، ومؤتمرات السلام ليست إلا سرادقات لتأكيد هذه الحقيقة ووضع لمسات التأبين المناسبة وإحكام الكفن بوثائق رسمية، وقد تزايد أتباع هذه النظرية مؤخرا، وأضافوا إليها سلام الواقع الذى هو باختصار أنه ليس فى الإمكان أبدع مما كان، وكفى الله المؤمنين شر القتال.. وسلام على من اتبع الهدى.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 5

عدد الردود 0

بواسطة:

خيراوى العزاوى

مش فاهم حاجة!!!!

عدد الردود 0

بواسطة:

خالد الشيخ

سلام الشجعان

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد عبد الله

الجميع ينادون بالسلام

عدد الردود 0

بواسطة:

علاء

يا أهلاً وسهلاً

رجعتوا تاني يا فلول ، الف حمد الله على السلامــــة

عدد الردود 0

بواسطة:

علاء

يا أهلاً وسهلاً

رجعتوا تاني ، الف حمد الله على السلامــــة

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة