د. مصطفى النجار

إلا «الدم»

الثلاثاء، 27 نوفمبر 2012 08:44 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سالت دماء شباب مصر فى ثورة 25 يناير من أجل الحصول على الحرية والكرامة الإنسانية، كانت دماء خالد سعيد وسيد بلال وكثيرين غيرهم هى المداد الذى أثار مشاعر الغضب وحرك الشباب لإسقاط النظام وبدء حياة جديدة. كنا نظن أن دماء الشهداء فى ثورة يناير ستكون آخر الدماء التى تروى هذه الأرض ولكن توالى سيل الدماء فى أحداث متتالية وعقب انتخابات الرئاسة وتولى رئيس مدنى للحكم قلنا سنبدأ عصرا جديدا تحفظ فيه حقوق المصريين وتصان أرواحهم، ولكن أبت الدماء إلا أن تروى ثرى الوطن مرة أخرى. فى كل مرة يختلف السبب وتضيع المسؤولية وتندثر الحقيقة ولا نرى القاتل ولا يحدث القصاص، ولكن فى هذه المرة وصلنا لمرحلة جديدة تنذر بحرب أهلية واسعة تسفك فيها دماء الشعب المصرى الذى تدفعه صراعات السياسة إلى الاقتتال بعد استقطاب حاد استمر لفترة طويلة، يتصارع السياسيون ويتناحرون وهم لا يدرون أن بهذا الصراع هناك مشاعر عداء وغل واحتقان تتصاعد فى قلوب شباب برىء يعشق الوطن ويرى مصلحته فيما يقوله هؤلاء الكبار والرموز الذين يتبعونهم ويدافعون عما يقررونه.

المشكلة الآن أننا نقترب من حالة فقد السيطرة وسيصبح العنف ذاتياً بين شباب الأطراف السياسية المختلفة ولن يكون هناك ضبط ولا تحكم فى مشاعر هؤلاء المتحمسين الذين صار كل طرف فيهم يشعر بالإهانة ويرى أن الطرف الآخر يستحق العقاب على ما فعل.

لم نتخيل أن نرى نقاشاً على الهوية السياسية لطفل شهيد مات فى أحداث العنف بدمنهور وكل طرف يشكك فى انتمائه السياسى ليطعن الطرف الآخر، ألهذا الحد صارت الدماء والأرواح مادة خصبة للمزايدات والمتاجرة السياسية وتصفية الحسابات، لم تقم الثورة ولم نسقط النظام حتى نتقاتل معاً ونسفك دماءنا، لم تقم الثورة لنتصارع على جثة الوطن الذى يحتضر ونحن نرقص على أشلائه وكل طرف منا يسعى لتحقيق أهدافه بأى ثمن، هل يدرك رئيس الجمهورية إلى أين يأخذ مصر بعد قراراته الكارثية؟ هل يعتقد أن العناد والكبر والإصرار على الخطأ سيحقن دماء المصريين؟ هل سيتحمل أمام الله والتاريخ هذا الجرم إذا اتسعت دائرة العنف التى ستحصد مزيدا من أرواح المصريين؟

إن تجارب الحروب الأهلية التى نعرفها تبدأ بمثل ما نحن فيه الآن، سلطة معاندة ومتغابية تأخذ قرارات حمقاء تواجه المعترضين عليها بأساليب قمعية متفاوتة مع تحريك مؤيديها لمناصرة مواقفها ثم تبتعد عن الفعل المباشر وتترك الناس تتطاحن فيما بينهم لندخل فى دائرة العنف والعنف المضاد ومسلسل الثأر، فهل هذا ما يريده الرئيس؟ كيف نطمئن على الوطن مع رئيس لا يشاور مستشاريه ولا يعرفون قراراته إلا بعد أن يصدرها ويعلمون بها من وسائل الإعلام مثلهم مثل الآخرين؟ هل يتعامل الرئيس مع الوطن كأنه محل بقالة يملكه ويتصرف فيه كيفما يشاء؟ إن إدارة الدول وحكمها يختلف عن إدارة محلات البقالة بالتأكيد!!

ويل لكل المطبلين الذين يسيرون بالإفك بين الناس ويدعون أن ما فعله الرئيس هو فعل ثورى، لا تتحدثوا باسم الثورة فهى بريئة منكم والثورة لا تقبل قليل الاستبداد ولا كثيره، دعوا الثورة وشأنها ولا تتمسحوا بها فقد ابتذلتم كل شىء وصرتم مسوخاً مشوهة لا نطيق رؤيتها ولا سماعها، أين الأدلة التى ستعاد بها المحاكمات للقصاص للشهداء؟

هل أخرجها الرئيس من أجهزته الأمنية التى يتفاخر أنها تراقب معارضيه؟ كيف تتحدثون عن تحالف الثوار مع الفلول - وهو لم يحدث - ولا تتحدثون عن الفلول الذين يصطحبهم الرئيس على طائرته فى رحلاته مستأنسا بهم ولا الفاسدين الذين يدعوهم لحضور اجتماعات التشاور حول قضايا الوطن؟ ألا تستحون؟

تثيرون اشمئزازنا كل يوم أكثر وأكثر ولكن نقسم بالله العظيم أن دماء المصريين خط أحمر، وإذا قامرتم بدماء شعبنا وكنتم سبباً فى سفك المزيد منها فإننا سنتعامل معكم، كما تعاملنا مع مبارك ونظامه.. إلا «الدم».. أفيقوا من غفلتكم ولا تغتروا بما أنتم فيه.. وتلك الأيام نداولها بين الناس.. وما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

gma

المعركة الاخيره

عدد الردود 0

بواسطة:

يحيي رسلان

والعلمانيون يرقصون رقصة الموت

مصطفي النجار.. لا الي هؤلاء ولا الي هؤلاء

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة