تفتتح هيئة أبو ظبى للسياحة والثقافة مطلع شهر ديسمبر القادم، سوق القطارة التاريخى بمدينة العين، الذى يعود تاريخ بنائه إلى منتصف القرن العشرين، عندما أمر المغفور له بإذن الله الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان، حاكم أبو ظبى آنذاك، ببنائه فى منتصف الطريق الفاصل بين واحتى القطارة والجيمى الملىء بأشجار النخيل.
وأشار الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان، رئيس هيئة أبو ظبى للسياحة والثقافة، إلى أن افتتاح سوق القطارة يتزامن مع الاحتفال باليوم الوطنى الحادى والأربعين، فى ذكرى الاتحاد الذى شكل انطلاقة النهضة الحقيقية لشعب الإمارات فى كافة مجالات الحياة، بفضل الجهود الحكيمة التى بذلها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والتى تضافرت آنذاك مع جهود إخوانه حكام الإمارات، فانطلقت حركة تنمية شاملة طالت قطاعات المجتمع المختلفة.
وأوضح فى بيان صحفى أن ترميم وتطوير المعالم التراثية والتاريخية فى مختلف أنحاء إمارة أبو ظبى، وفى مقدمتها إحياء واحات ومعالم مدينة العين تستلهم رؤية الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة والتى يتابع تنفيذها الفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولى عهد أبو ظبى نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة فى أهمية المحافظة على التراث والمعالم الوطنية التاريخية.
وبيّن أن سوق القطارة يكتسب أهمية كبيرة على الصعيدين الثقافى والسياحى، حيث تشكل الأسواق الشعبية التراثية أحد أهم عناصر الجذب السياحى على مستوى العالم، وقال،" يعتبر هذا السوق التاريخى إضافة هامة تثرى خارطة المعالم الأثرية والتراثية فى مدينة العين، والتى تم إدراج مواقع فيها على قائمة اليونسكو للتراث الإنسانى العالمى، هذه المدينة التى ما زالت تحافظ على صفاتها المحلية من المنظور العمرانى".
سوق القطارة هو نموذج للأسواق العربية القديمة التى كانت تنبض بالحياة وتعد قلباً لأى مدينة، فهو مركز للتبادل التجارى، ونقطة التقاء مهمة لسكان المنطقة الذين كانوا يقصدونه للتزود باحتياجاتهم الأساسية، وفى نفس الوقت التواصل الاجتماعى، وقد شهد أعمال توسعة فى السبعينات بتوجيهات من الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان ممثل الحاكم فى المنطقة الشرقية.
وكانت الهيئة قد افتتحت مؤخراً مركز القطارة للفنون ضمن جهودها لتطوير واحة القطارة التاريخية، لتضمّ مركزاً يوفر مكاناً لدراسة الفنون والثقافة وممارستها من قبل جميع شرائح المجتمع الإماراتى، وبالتالى تعزيز التواصل بين السوق والمركز فى إطار البرامج والفعاليات المختلفة، خاصة وأنه تم الحفاظ على جميع جوانب البناء الأصلى للمركز بعد ترميمه، بهدف تحقيق التوازن بين التراث والحداثة التى هى أحد التحديات الرئيسة للحياة الثقافية عموما.
وأكّد مبارك حمد المهيرى، مدير عام "هيئة أبو ظبى للسياحة والثقافة"، على تواصل جهود إعادة إحياء الواحات ودورها فى منطقة العين، وإلى استحداث برامج تساهم فى دعم البنية التحتية السياحية والثقافية لإمارة أبو ظبى، عبر إعادة إحياء الاستخدامات الأصلية للمبانى التاريخية وتخصيصها للأغراض التى أنشئت لها أساساً، ومنها السوق التقليدى القديم فى القطارة، وفى نفس الوقت استخدام تلك المبانى لأغراض جديدة بهدف دمجها فى البنية التحتية للمدينة، وبالتالى ضمان المحافظة عليها لزمن طويل.
ويتضمن برنامج افتتاح سوق القطارة باقة متنوعة من الفعاليات الثقافية والتراثية، منها أعمال الحرف اليدوية التراثية، وعروض العيّالة، وحفل للعزف على آلة العود، وعروضا حية للطرق التقليدية للبناء بالطين، وصناعة العريش "سعف النخيل" بمشاركة الجمهور من مختلف الأعمار لإثراء تجربتهم فى زيارة السوق ومركز الفنون، وسيجرى أيضاً تنظيم محاضرات فى مجال التراث الإماراتى، ومعارض لفنون الرسم والتصوير الفوتوغرافى وإقامة استديو تراثى، إضافة إلى عدد من النشاطات الموجهة للأطفال والعائلات، كما سيتم تنظيم زيارات خاصة لطلبة المدارس والجامعات إلى السوق، وسترحب الشخصية الكرتونية "حمدون" المحببة لأطفال الإمارات بزوار السوق فى يوم الافتتاح.
يذكر أن السوق كان يضم فى البداية 15 دكانا، ثم أضاف إليها الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان أربعة أخرى فى السبعينات، ومُنحت للتجار مجانا، وكانت تباع فيها المواد الغذائية الأساسية مثل الأرز والطحين والسكر والتمر وأنواع من البهارات والصابون وبعض المستلزمات المنزلية التى كانت تجلب من أبو ظبى ودبى، إلى جانب بعض المنتجات المحلية، كما تضمن السوق محلات للخبازين والخياطين وحرفيين مختلفين مثل صاغة الذهب والفضة.
كان السوق يفتح أبوابه فقط فى وقت الظهيرة حتى وقت المغرب، وبعد نحو عشر سنين أصبح يعمل على فترتين صباحية ومسائية. غير أن توسع المدينة وافتتاح سوق العين فى عام 1960 أثر على الحركة التجارية فى سوق القطارة لسهولة المواصلات إلى سوق العين، فبدأت تضعف حركة البيع تدريجيا حتى هجر التجار المكان قبل نحو خمسة عشر عاما، وبقى السوق مهجورا منذ تلك الفترة.. ويتميز السوق بالموقع المتميز ذو الرؤية الواضحة، خاصة وأنه محاط بمجموعة من المبانى التاريخية، ونخص بالذكر قلعة "بن عاتى الدرمكى"، والتى أعيد استخدامها كمركز للفنون.
ويأتى افتتاح السوق بعد أن انتهت الهيئة مؤخرا من مشروع عملية ترميم السوق وتطوير المكان المحيط به، بهدف تجديد السوق ليحتضن الحرف اليدوية والفنون التقليدية، وقد شمل المشروع ترميم المبنى وإعادة إحياؤه وتجديده، ليتضمن الخدمات الأساسية التى تقوم بتشغيل المبنى، كما شملت العملية تأثيث المبنى بمواصفات تراثية لإيواء الفنون التقليدية والأنشطة الحرفية، ويهدف المشروع أيضا للتأكيد على الرابط مع مركز القطارة للفنون بالطرق البصرية، والبرامج الثقافية والفعاليات الفنية المكملة لبعضها البعض، واستخدام وسائل الراحة المهيأة فى مركز القطارة للفنون.