◄سنشهد إرهابًا ستراق فيه الدماء وتنتهك القوانين وسيبعد مصر سنوات عن حلم الديمقراطية
◄محمد سلماوي: الرئيس قدم لنا سندوتش فاسد اسمه الإعلان الدستوري وأعطي لنفسه صفة قدسية وأمامه فرصة تاريخية ليكون رئيسًا لكل المصريين
◄خطابه أمامه "الاتحادية" لا فائدة منه..والجماعة تعتمد على الميليشيات المسلحة...وأمريكا مستعدة لإصدار بيانات تظهر قلقها والأهم لديها تحقيق مصالحها
قال الكاتب محمد سلماوى، رئيس اتحاد كتاب مصر، إن الرئيس محمد مرسى، أمامه فرصة تاريخية ليتراجع ولو جزئيًا عن الإعلان الدستورى الذى أصدره مؤخرًا ليثبت أنه رجل دولة محنك وديمقراطى ورئيس لكل المصريين لا لحزب بعينه، مؤكدًا أن مصر مقبلة على مرحلة إرهاب شديدة جدًا، ستسيل فيها الكثير من الدماء، وتنتهك فيها الكثير من القوانين، وقد تتخذ أى شكل من الأشكال الإرهابية مثلما حدث فى أعقاب الثورة الفرنسية أو فترة العشرية السوداء فى الجزائر.. وإلى نص الحوار.
بدايةً.. ما رأيك فى الإعلان الدستورى؟
هو إعلان صادم لكل القوى الوطنية، لأنه حينما أصدر "مرسى" الإعلان الدستورى المكمل، وأعلن أنه أصبح صاحب السلطة التشريعية بحجة حمايتها، قال لنا فى أحد اللقاءات التى حضرتها "إننى لن استخدم السلطة التشريعية لحين أن يقوم مجلس الشعب ويصبح هو صاحبها"، ولكن إصدار هذا الإعلان عودة عن هذا الكلام، فبرغم استحواذه على السلطة التشريعية، نراه يحصن كافة قراراته ضد أى مراجعة قانونية من أى محكمة، وهو ما يتعارض مع الأسس الديمقراطية للدولة التى نتطلع لأن تكون أساسا للدولة الجديدة بعد الدولة الاستبدادية التى أسقطتها ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة، ومن هنا يصبح هذا الإعلان مناقضا لما وعد به الرئيس، وبه إلغاء لدور القضاء، والقضاء مثله مثل الصحافة الحرة، فالقضاء والصحافة هما عمادا أى دولة ديمقراطية، وللأسف تم التعرض للصحافة والقضاء.
وبرأيك ما هى الأسباب التى دفعت الرئيس لإصدار هذا الإعلان وتحصين قراراته وبدون أخذ رأى مستشاريه؟
أتمنى ألا يكون بادرة لنيته اتخاذ قرارات يعلم مسبقًا أنها مطعون عليها قانونيًا، وأنها لو وصلت إلى المحكمة يصدر حكم ببطلانها، أما عن عدم أخذ رأى مستشاريه فهذا يتعلق بأسلوبه فى الإدارة، فلا يصح أن يقوم بتعين أربعة مساعدين ونائب رئيس وسبعة عشر مستشار ثم لا يأخذ رأى أحد فيهم، وهو ما يشير إلى العوار فى أسلوب الإدارة نفسه.
وما هو رأيك فى الحديث عن إعادة محاكمة رموز النظام السابق؟ هل تتوقع أن هناك أدلة إدانة جديدة؟
من حيث المبدأ أن أى قضية نُظرت، وصدر فيها حكم إذا ظهرت فيها أدلة جديدة يجب أن تُعاد المحاكمة ولا أحد ضد هذا، فهذا مبدأ قانونى ثابت، وإحقاق حقوق الشهداء والمصابين لا أحد يعترض عليه، ولكن ما قدمه لنا "مرسى" عبارة عن "سندوتش" غلفه بطبقة خبز علوية لمحاكمة رموز النظام السابق، والسلفية معاشات الشهداء والمصابين، أما ما بينهما، وهو أساس أى "سندوتش" فهو فاسد، ما نعترض عليه هو مضمون السندوتش وليس ما يغلفه من خبز ظاهرى.
هل تتوقع تدخلاً خارجيًا للضغط على "مرسى" لإصدار الإعلان الدستورى؟
أرى أن العالم الخارجى كله بدأ يهاجم هذا الإعلان، والصحافة الأجنبية والدوائر الرسمية فى الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والاتحاد الأوروبى وغيرهم يبدون تحفظهم وقلقهم واستياءهم منه، ولكن ما أعرفه أيضًا أن أمريكا لا تكترث كثيرًا لمثل هذه الأمور الداخلية، وما يشغلها هو تلبية مصالحها، طالما هناك نظام يتعهد لها بذلك، ولهذا فهى مستعدة لإصدار بيانات تبدى فيها قلقها مما يحدث، ولكن الحقيقة أننا أمام قصر نظر، فإذا كانت أمريكا حريصة على الاستقرار لاستمرار مصالحها، فإن هذا الإعلان يضرب الاستقرار فى مقتل، وقد رأينا منذ أن صدر هذا الإعلان ما حدث فى البلد من مظاهرات فى مختلف المحافظات، ما ينبئ بأن هذا الإعلان سيدخلنا فى مرحلة اضطراب تصورنا أننا كنَّا قد انتهينا منها.
وكيف ترى آراء مؤيدى الرئيس بأن المعترضين على الإعلان يهدفون لاحتكار السلطة وهدم الدولة؟
لا أحد يؤيد الإعلان الدستورى غير الإخوان المسلمين وتابعيهم والمتحالفين معهم فقط، أما بقية المجتمع والتيارات السياسية فوقفت جميعها فى صف الرفض لهذا الإعلان، بل وجدنا أن من لم يكن هناك توافق بينهم فى السابق أصبحوا الآن صفًا واحدًا، وهو ما رأيناه فى مظاهرة واحدة يوم الجمعة، حينما خرج كل رموز العمل الوطنى من البرادعى وحمدين صباحى وعمرو موسى، كلهم يدًا بيد، ويسعون فى هذه اللحظة لإعلان جبهة إنقاذ مكونة من كل فصائل المجتمع السياسى، حفاظًا على مصر من توابع هذا الإعلان الدستورى.
وهل ترى أن جبهة الإنقاذ قادرة على تحقيق أهدافها؟
أرى أن الأمل الوحيد هو أن يتحد كل المصريين فى جبهة إنقاذ واحدة، وينسون خلافاتهم كلها من أجل الهدف الأسمى والأهم هو مصلحة الوطن.
وهل ترى أنه من الممكن أن يتراجع الرئيس عن الإعلان الدستورى؟
أرى أن الطريق أمامه ما زال ممكناً أمام هذا التراجع، وقد لا يتراجع كلية، بل يراجع بعض مواده، وإذا فعل هذا سيثبت أنه رجل دولة محنك وأنه ديمقراطى بالفعل وأنه يعرف كيف تدار اللعبة السياسية بالاستماع إلى الرأى والرأى الآخر وبالتفاعل معهم، وبالتالى تكتمل قواعد النظام الديمقراطى.
وإذا لم يتراجع.. ما هى السيناريوهات المتاحة أمامه؟
أرى أنه أمامه فرص تاريخية كثيرة، ولكنه يهدرها فرصة تلو الأخرى، فأمامه أن يتحول من ممثل للإخوان المسلمين إلى رئيس لكل المصريين، بأن يتخذ القرارات التى تلقى قبول غالبية التيارات السياسية وليس فقط التى ترضى الإخوان، ولكنى فى الحقيقة لا أرى هذا، لأنه فى كل مرة كنت أنتظره أن يتخذ مثل هذه القرارات أجده يتخذ قرارات تخدم مصالح الإخوان الحزبية الضيقة.
كيف رأيت خطاب "مرسى" فى مؤيديه أمام الاتحادية؟
رأيت أنه خطاب لم يضف شيئا، فكأنك تتحدث لمن يؤمن بك بالفعل، فقيمة أى صاحب رسالة هو أن يوجه حديثه لمن لا يؤمنون برسالته، بغرض كسبهم، ولكن أن توجه حديثك لمن هم متفقين معك بالفعل، فما فائدة ذلك؟.
وما رأيك فى حرق مقار الإخوان المسلمين فى عددٍ من المحافظات، ولجوء الجماعة للاعتماد على شبابها لتأمين مقارها بدلاً من "الداخلية"؟
أرى أن أى خروج على الشرعية غير سليم، والخروج على الشرعية يكون أيضًا ليس فقط بحرق المقار، وإنما يكون باللجوء إلى الميليشيات الحزبية التابعة للإخوان، ونحن نعلم جميعًا أن الإخوان المسلمين لديهم ميليشيات مسلحة ومدربة، والكثير مما يحدث أمامنا دون أن نعرف من الذى قام به.
قلت إن الرئيس فى لقائه بالمثقفين والفنانين دعاهم لعدم الخوف على مدنية الدولة فما رأيك الآن بعد الإعلان الدستورى؟
الإعلان الدستورى لا يتفق إطلاقاً مع مدنية الدولة، فأن يكون رئيس الجمهورية هو صاحب السلطة الوحيدة والعليا فى المجتمع دون مراجعة، ولا حتى من القضاء، فهذا هو بامتياز تعريف الدولة الدينية للسلطة التى تكون فيها مطلقة وغير قابلة للمراجعة لأنها تعبر عن الدين والذات الإلهية.
وكيف ترى تصريحات ناجح إبراهيم المحذرة بأن اغتيالات قد تطال ليبراليين وسياسيين ومفكرين فى ديسمبر؟
أتصور أننا سندخل مرحلة قمع، فتحصين قرارات الرئيس بهذا الشكل، وإعطائها صفة القدسية التى لا يمكن مناقشتها ولا مراجعتها يدفع مباشرة لصدام ولا يترك للسلطة أى وسيلة سياسية للتعامل مع معارضيها، إلا بالقمع والإجراءات الاستثنائية، وأعتقد أن المرحلة المقبلة سنرى فيها المزيد من وسائل القمع، واللجوء إلى الوسائل الاستثنائية التى ستبعدنا سنوات طويلة عن حلم الديمقراطية الذى مات من أجله الشهداء فى ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة.
ما رأيك فى اتهام الرموز السياسية بمحاولة قلب نظام الحكم وإهانة الرئيس؟
هذا هو ما أقصده، وهذا أحد وسائل القمع التى سنشهدها، فعندما يخرج علينا النائب العام محذرًا بأن عقوبة قلب نظام الحكم قد تصل إلى الإعدام، ومن ثم يُتهم أستاذ جامعى كبير أو صاحب رأى بأنه يهدف لقلب نظام الحكم فهذا هو القمع بعينه.
هل ترى أن مصر مقبلة على فترة "إرهاب" كتلك التى شهدتها الثورة الفرنسية أو العشرية السوداء فى الجزائر؟
أرى أن مصر مقبلة على مرحلة إرهاب شديدة جدًا، سوف تسيل فيها الكثير من الدماء، وسوف تنتهك فيها الكثير من القوانين، وقد تتخذ أى شكل من الأشكال سواءً ما حدث فى فرنسا أو الجزائر أو غيره، ولكن فى النهاية هى فترة صعبة جدًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة