وفاء داود

حتى لا تنهار الدولة المصرية

الإثنين، 26 نوفمبر 2012 05:16 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
توافقت القوى السياسية على الرغم من اختلاف إيديولوجيتها السياسية مع كافة أطياف الشعب المصرى على إسقاط النظام السابق، وذلك لتفشى مظاهر الفساد وتعمق الدولة البوليسية والإطاحة بالكرامة الإنسانية، وقد تحقق الهدف وبدأ العد التنازلى لتدخل الدولة المصرية فى عملية التحول الديمقراطى، وقد التفت عيون العالم حول مصر لمعرفة ما إذا كانت ستستطيع هذه الدولة اجتياز المرحلة الانتقالية وترسى قواعد الديمقراطية أم لا.
إلا أنه فى حقيقة الأمر لم تستطع فعل أى شىء حتى الآن، فعلى الرغم من إجراء الانتخابات البرلمانية فقد حل البرلمان، وعادة الدولة لنقطة الصفر مرة أخرى، وقد تم تجاوز هذا والتركيز على كتابة الدستور وبدأت الدولة المصرية فى الدخول فى صراعات وصدامات حول معايير تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور، وقد حلت الأولى وتعمق الخلاف حول الثانية ومازالت حلبة الصراع مستمرة، وفى هذه المرحلة بدأت عملية التحول إلى الانتخابات الرئاسية والتى اشتد فيها الصراع القاتل بين القديم والجديد أى بين عناصر النظام السابق ورموز النظام الجديد، وظهرت هنا جدلية إمكانية عودة النظام السابقة مرة أخرى، وبدأ المشتغلون فى العلوم السياسية باسترجاع تجارب أوروبا الشرقية والتعرف على التجارب التاريخية لإمكانية وضع سيناريوهات محتملة حول مستقبل التجربة المصرية بعد الثورة إلا أنه يصعب على أى أحد التكهن بذلك.
وبعد الانتهاء من انتخابات الرئاسة ظهرت الغلبة للنظام الجديد إلا أنه يعبر عن التيار الإسلامى، والذى كان بمثابة الأزمة القاتلة للعديد من التيارات السياسية الليبرالية والمدنية والتى تخشى على مدنية الدولة المصرية، وتحول الصراع بين القوى السياسية الوطنية إلى حالة من الحرب ولعبت وسائل الإعلام الدور الأكبر فى ذلك فكل من الطرفين يحاول ممارسة نفوذه للترويج عن أحداث وأخبار تساعده على اتساع قاعدته الشعبية فى مواجهة الآخر، ويتضح هذا جيدا من خلال ما نشهده الآن فى الأزمة الراهنة حول الإعلان الدستورى الأخير لرئيس الجمهورية، والذى أدى إلى تقسيم القوى السياسية إلى قوى إسلامية مؤيدة بقوى للقرارات الرئاسية وقوى سياسية غير إسلامية رافضة ومعارضة لكل ما تحمله القرارات الدستورية معتبرة أن هذه المعركة الأخيرة لها، وإما اجتيازها بإسقاط الإعلان الدستورى أو أن نسترحم على القوى الليبرالية والمدنية فى مصر.
إن الإنقسام الذى تشهده مصر حاليا يؤكد أن مصر لاتزال فى عملية ثورية ولم تبدأ فى المرحلة الانتقالية لعملية التحول الديمقراطية، ويؤكد فشل كل محاولات إرساء قواعد الدولة المؤسسية، فهناك محاولات لكتابة الدستور وباءت بالفشل، ومحاولات تشكيل المجالس النيابية المنتخبة وكللت هى الأخرى بالفشل لما كانت تضمه من عناصر مخيبة للآمال وغير معبرة على الإطلاق عن الإدارة الشعبية فكان من المستحيل أن نطلق على مثل هذا البرلمان برلمان الثورة، وحتى فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية فقد انتخبت رئيساً ينتمى للتيارات الدينية إلا أنه يجب على الجميع احترام النتائج الانتخابية فهذه قواعد الديمقراطية؛ لكن السؤال ماذا حققت الدولة المصرية بعد ما يقرب من عامين على ثورة 25 يناير؟.
لماذا استطاعت كل من تونس وليبيا القفز إلى المرحلة الانتقالية فى حين أن مصر مازالت تنتفض وتعود لنقطة الصفر من جديد؟ إن المشكلة الأساسية ترجع إلى القوى السياسية سواء المعارضة أو الموالية للنظام، فيجب على القوى السياسية الإسلامية عدم إسقاط القوى السياسية الأخرى من حساباتها، والتشكيك والتكفير للآخر، ويجب على رئيس الجمهورية أن يتخذ قراراته بطرق توافقية حتى لا يؤدى ذلك إلى وضعه فى مأزق مثلما هو الحال الآن، كما يجب على القوى الليبرالية أن تتوحد وتتعاون وتتحاور مع الطرف الآخر للوصول إلى نقاط توافقية حفاظاً على الدولة المصرية.
إن الحديث عن إعادة تشكيل للهوية المصرية حديث من فراغ وإن السعى إلى خلق حرب شوارع ونشر الفوضى العارمة فى شتى ربوع الجمهورية لا يؤدى إلا إلى التخريب والدمار، فيجب الكف عن ذلك ويجب إعلاء المصالح الوطنية للبلاد، فيا أيتها القوى السياسية سواء إسلامية أو غير إسلامية انقذى مصر فمصر فى خطر، فالشعب يريد الاستقرار، كل منا يحلم بأن يخرج لعمله فى سلام كل منا قلق على مستقبل أبنائه....نحوا خلافاتكم جانباً وأنقذوا مصر.

* باحثة دكتوراه فى العلوم السياسية






مشاركة




التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

عبدالله علي

أنا أخواني .. وأحييك على هذا المقال

عدد الردود 0

بواسطة:

شريف

مقال راااائع

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة