واصلت محكمة جنايات بورسعيد المنعقدة بأكاديمية الشرطة، اليوم الأحد، محاكمة المتهمين فى قضية "مذبحة بورسعيد"، التى يحاكم فيها 73 شخصاً من بينهم 9 من القيادات الأمنية، بمديرية أمن بورسعيد، و3 من مسئولى النادى المتهمين بقتل 74 من ألتراس الأهلى، عقب مباراة الدورى بين الأهلى والمصرى، فى أول فبراير الماضى، بالرغم من حالة الاستنفار من السلطة القضائية، والتى جاءت بها توصيات الجمعية العمومية للقضاة، والمطالبة بتعليق عمل المحاكم.
عقدت الجلسة برئاسة المستشار صبحى عبد المجيد، وعضوية المستشارين "طارق جاد المتولى، ومحمد عبد الكريم عبد الرحمن" بحضور أعضاء النيابة العامة المستشار محمود الحفناوى، والمستشار محمد جميل، والمستشار عبد الرؤوف أبو زيد، وسكرتارية محمد عبد الهادى، وهيثم عمران، وأحمد عبد اللطيف.
بدأت الجلسة فى تمام الساعة 10 ونصف صباحًا، واستمعت المحكمة إلى مرافعة المحامى جمال خليل عن المتهم 68، العميد هشام سليم مفتش الأمن العام، والذى بدأ مرافعته بالدعاء بالرحمة والمغفرة لضحايا هذا العدوان المؤسف، "وادعوا الله بالصبر لأسرهم"، وأكد الدفاع أن السبب الرئيسى فى هذا الحادث هو آفة التعصب الذى وقع على الشعب المصرى، والذى راح ينهش فى عقول شباب مصر، فقد رأينا كل أنواع التعصب، ومنها "الدينى والعرقى والكروى" والأخير فاق كل الأنواع والتعصب الكروى، لقذف وسب أهالى بورسعيد، للانتقام منهم فكانت المطالبة بالقصاص عنوان يصب جام التعصب على كل أجواء التحقيقات، تحت ضغط الرأى العام وجماهير الألتراس، فبمنطق الرأى العام إعدام الجميع فهل القانون وعدالته رأى أخر؟ إلا أن العدالة لا تساير الرأى العام، ولا الشارع ولا وصف النيابة للاتهامات.
حيث إن النيابة قد أسندت للمتهم وأخرين تهمة الاشتراك بطريق المساعدة فى قتل المجنى عليهم، إلا أن أمر الخدمة هو الذى يحدد مدى التزام المتهم بتنفيذه أو التقصير فيه، وأمر الخدمة كان بمتابعة الخدمات الأمنية وملاحظاتها لمعرفة مدى قيام الأمن بواجبه، وتقديم تقرير للوزارة لتفادى الأخطاء، والتقصير الذى وقع فيه الأمن فى المستقبل فهو مهمته إشرافية، وليس لديه أدوات أو أفراد لمنع الجماهير من الدخول أو تفتيشهم، أو تنظيم رجال الأمن المركزى أو رجال المباحث، ودوره ينحصر فى المتابعة والمراقبة، وكتابة التقارير، فهل يصح أن نقول أنه تقاعس عن أداء دوره، ونوجه له الاتهامات، ولو تكلمنا عن الالتزام الدستورى، كما ذكرته النيابة فى أمر الإحالة فلابد من توجيه الاتهام لوزير الداخلية، ورئيس الجمهورية أو المجلس العسكرى الذى كان موجود أنذاك لما لهم من واجبات دستورية، ولو طبقنا القاعدة القانونية الصحيحة على تشجيع جماهير الكورة، فسوف نجد أن هناك استعراضا للقوة وبلطجة وترويعا وتهديدا للجمهور المنافس، والألتراس لديهم مبادئ أشد ضراوة من مبادئ المسجلين خطر والبلطجية، والتحقيقات أكدت على ذلك.
وأضاف الدفاع أن أسلوب الأيدى المرتعشة من قبل رجال الشرطة كان واضح فى أقوال مساعد وزير الداخلية، للأمن العام اللواء سامى سيدهم، والذى نفى أمام النيابة قوله لمدير الأمن عدم استخدام العصى، وإنما كانت الأوامر هى عدم إظهار العصى حتى لا تستفز الجمهور، فانظروا إلى حجم المصيبة التى يقولها هذا الرجل الموتور، والذى أرسل كتابا إلى الاتحاد المصرى يطالبهم بالاستعانة بروابط الأولتراس للمساعدة فى تنظيم المبارايات وتأمينها، وهذا الرجل نفى وصول أى معلومة له عن احتمال حدوث أعمال شغب فى المباراة، فهو كاذب لأنه تلقى إخطارا من العلاقات العامة والإعلام بوزارة الداخلية، باحتمال حدوث أعمال شغب فى المباراة وهذا عكس ما ذكره فى النيابة، ولهذا أقول هذا الرجل كاذب لأنه أعطى معطيات ناقصة لسلطة الاتهام، فهذا الرجل المسئول عن الأمن العام بوزارة الداخلية ليس له دور فى اختيار، أو تقيم مديرى الأمن العام، وخاصة المتهم، فهذا الرجل ذهب إلى النيابة، وهو خائف ومرتعش والأيدى المرتعشة هى التى قادتنا إلى هذه الجريمة، وفى نهاية مرافعته طالب الدفاع ببراءة موكله.
كما استمعت المحكمة لمرافعة المحامى أحمد أبو حشيش، دفاع المتهم 71 اللواء محسن شتا مدير أمن النادى المصرى، والذى أكد فى بداية مرافعته انضمامه إلى كل ما أبداه زملائه من طلبات، ودفوع جوهرية وطلب من المحكمة عرض بعض الدفوع، والإشارة إلى الطلبات التى تقدم بها أثناء نظر الدعوى، حيث طلب من المحكمة معاينة مسرح الجريمة، وهو ما تم بالفعل ولقد كان من بين أهم طلباتنا إعادة سماع شهادة العقيد محمد نمنم، ومازلنا نتمسك بهذا المطلب الجوهرى الذى من شأنه تغير وجه الرأى فى الدعوى ثم تترك الدفاع إلى الدفوع القانونية، ومنها بطلان التحريات لعدم جديتها، ولأنها لا تماثل الحقيقة، وأن استثمار روابط الألتراس لاعتياد مسئول الإضاءة على إطفاء الأنوار، عقب المباراة يتعارض تماما مع مانسبه مجريا التحريات لموظفى النادى، ومسئول الإضاءة من مساهمتهم فى تنفى هذه الخطة، حيث لم تشر التحريات إلى وجود اتفاق جنائى بينهم، لتفعيل هذه المساهمة المزعومة، كما ندفع بتورط العقيد نمنم، فى الحادث لسماحه بدخول اللافتة المسيئة من ساحة باب المدرج الشرقى.
كما تعمد هذا الضابط المغرض من ترك خدمته الإشرافية بالمدرج الشرقى، فى نفس الوقت الذى تعاصرت معه رفع اللافتة المسيئة التى استفزت جماهير المصرى، وكانت القشة التى قسمت ظهر البعير وأدت إلى وقوع الحادث الأليم، كما ندفع ببطلان شهادة محمد يونس مدير الإستاد، ضد موكلى وأن شهادته مشوشة، وجوفاء لأنه خصم وشاهد فى القضية، وندفع ببطلان إجراءات التحقيق لقصور وعدم حيادة النيابة لتكليفها العقيد خالد نمنم، بإجراء التحريات فى ظل تورطه فى الحادث، كما ندفع بالغموض وتناقض أقوال الشهود من ضباط الشرطة، وبطلان جميع الاتهامات الموجهة لموكلى، لأنها نفس الاتهامات التى وجهت لجميع ضباط الشرطة لأنه أصبح موظفا مدنيا، كما ندفع بعدم سيطرة موكلى المادية على كافة مكونات الإستاد، وعدم معقولية وتصور الواقعة وخلو الأوارق من ثمة دليل يفيد وجود اتفاق مسبق بين موكلى، وأيا من المتهمين.
و أكد الدفاع على وجود دفوع موضوعية، ومنها أدلة مادية، وهى تقرير لجنتى تقصى الحقائق بمجلس الشعب، ونقابة المحامين حيث لم تشر إلى وجود ثمة تقصير من موكلى، وكذلك تقرير حكم المباراة وتقرير لجنة الشباب والرياضة، ثم تترك الدفاع إلى الأدلة القولية وهى أقوال الشهود التى جاءت فى صالح موكله، وأقوال شهود النفى ثم الأدلة الفنية، وهى الصور والأفلام وملاحظات الدفاع عليها وسى دى هام، قدمه المحامى عادل شفيق دفاع وكيل مدير الأمن لهيئة المحكمة، والذى يتضمن تصريحا للواء أحمد جمال الدين مساعد أول وزير الداخلية، حينذاك لقطاع الأمن العام فى مؤتمر صحفى أمام لجنتى الدفاع، والأمن القومى بمجلس الشعب عقب المباراة معقبا عليها، أقر فيه صراحة استعانة الأمن بأعضاء روابط الأولتراس المصرى فى تأمين المباراة، وتمكنهم من السيطرة على الجمهور، واستنادا وتأسيسا على ما سبق، وحيث إن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين من الواقع الذى يثبته الدليل ولا تؤسس على الظن والاحتمال، وحيث إن الدعوى هنا تستند على دعامتين هم محضر التحريات، وأقوال مسطراه، والثانية أقوال مدير الإستاد وأما وقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك لهيئتكم الموقرة انتفاء صلة موكلى بالواقعة لانعدام سلطته وهيمنته على ملعب ومدرجات الإستاد، وأبوابه وغرفه وملحقاته، منذ تسليمه لأمن صباح يوم المباراة، وحيث إن شمول موكلى بقرار الإحالة لم يكن له أى سند قانونى أو مادى غير أقوال واهية ومغرضة لا تستوجب هذه الإحالة، ولذاك نلتمس البراءة للمتهم.
فى قضيه مذبحة بورسعيد.. دفاع مفتش الأمن العام: موكلى مهمته إشرافية وليس لديه أدوات أو أفراد لمنع دخول الجماهير أو تفتيشهم.. ودوره ينحصر فى المتابعة وكتابة التقارير
الأحد، 25 نوفمبر 2012 04:43 م