أسامة إبراهيم شرف يكتب: مصر بين كابوس الفوضى ووهم مشروع النهضة

الأحد، 25 نوفمبر 2012 09:09 ص
أسامة إبراهيم شرف يكتب: مصر بين كابوس الفوضى ووهم مشروع النهضة صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مجرد وهم...هذا أفضل وصف يمكن أن يطلق على ما يسمى مشروع النهضة الذى طرحته جماعة الإخوان المسلمين، فالمتابع للأحداث الجارية فى مصر يجد أن مسلسل الفوضى مستمر، وقد توقع الكثيرون نهاية لهذا المسلسل مع انتخاب رئيس الجمهورية خاصة بعد سلسلة الاتهامات التى وجهت للمجلس العسكرى بسوء الإدارة فى المرحلة الانتقالية إلا أن المجلس العسكرى يمكن أن يُلتمس له العذر من خلال قلة الخبرة السياسية، فهم رجال حرب أما جماعة الإخوان أو الفصيل الذى يحكم مصر حالياً فلا يمكن أن نقدم لها العذر، تلك الجماعة التى من المفترض أن لها باعا طويلا فى العمل السياسى ومفترض أيضاً أن لها من الخبرة والتاريخ ما يكفى لأن تقوم بإدارة البلاد، ولكن بدأت الشكوك تحيط بالجماعة وقدراتها وإمكانياتها السياسية وأن الهالة التى كانت تحيط بها مجرد بالون هواء تبددت أمام التحديات السياسية التى تواجه مصر، والمشككون فى قدرة الجماعة على قيادة البلاد سياسياً يعتمدون على عدة مشاهد هى: المشهد الأول: فشل الجماعة فى لم الشمل الوطنى على الرغم من أنها تدعى دائماً أنها جماعة وسطية معتدلة إلا أن الخلافات بينها وبين باقى التيارات السياسية تتزايد يوماً بعد يوم، فنجد أن هناك خلافا واضحا بين الجماعة والجماعة السلفية على الرغم من أن الجماعتين لهما نفس الأفكار وبالتالى لم تنجح جماعة الإخوان فى التفاهم مع السلفيين، وكذلك يلاحظ حالة من الفتور بين الكنيسة المصرية من جهة وبين جماعة الإخوان من جهة أخرى فالإخوان لم يقدموا للكنيسة ما يؤكد أن مصر للجميع وهذا ما انتهى بالكنسية للانسحاب من الجمعية التأسيسية التى يسيطر عليها الإخوان، ومازالت القوى المدنية تشكك فى جماعة الإخوان وتتهماها بأن كل همها هو السيطرة على مفاصل الدولة واعتماد مبدأ المغالبة لا المشاركة وهو ما تجسد فى الانسحاب فى اللحظات الأخيرة من الجمعية التأسيسية للدستور.

المشهد الثانى: حالة الفوضى الأمنية التى تسيطر على البلاد من خلال مظاهرات شارع محمد محمود، حيث رأت القوى الثورية أن الإخوان يسعون لتجميد مشروع الثورة من خلال سكوت الإخوان على دماء الشهداء الذين سقطوا فى أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء بعد وصول الإخوان للحكم، وهو ما دعا الشباب لترديد هتافات معادية لجماعة الإخوان، فهم يريدون أن يعرفوا الحقيقة ويأسوا من أسلوب التكتم.

المشهد الثالث: غياب الأمن بشكل مستمر، فعلى الرغم من أن الأداء الشرطى تحسن قليلاً إلا أن هذا ليس المطلوب فمازالت الجريمة تهز أركان المجتمع ومازال البلطجية يهددون أمن المواطن.

المشهد الرابع: غياب هيبة الدولة وهو ما تجسد فى المواجهات بين قوات الشرطة والجيش فى القاهرة الجديدة فى سابقة هى الأخطر، فأثناء فترة حكم المجلس العسكرى عملت الشرطة بجانب الجيش دون حساسيات، وهو مما يؤكد الدعاوى إلى أن مصر تحتاج لرجل أمن أو رجل دولة وسياسة، فالمؤسسة العسكرية المصرية بقيت المؤسسة الوحيدة فى البلاد بعد تفكك معظم مؤسسات الدولة كما أن عودة دور الشرطة يعد أهم مطلب لدى المواطن لرجوع الأمن المفقود، ومن ثم فالجيش المصرى والشرطة المصرية هما أساس المنظومة الأمنية فى الخارج والدخل ولابد من الحفاظ عليهما وأن يحدث تكامل بينهما وهذا ما فشلت الحكومة فى تحقيقه، وهناك حالة من الحزن لسقوط جرحى ومصابين من الطرفين فى هذه المواجهات.
المشهد الخامس: حالة من الفوضى فى إدارة ملف العلاقات الخارجية، فالإخوان يؤكدون أن مصر سيعود نفوذها فى المنطقة وهذا ما لا نراه على أرض الواقع ، ولا نرى أجندة سياسية واضحة لدى الإخوان فى ملف السياسية الخارجية، وكان رد الفعل المصرى تجاه غزة عفوى وعشوائى وغير منظم ، لأن الجميع يعلم أن السفير المصرى سيعود لإسرائيل متى هدأت الأوضاع ومن هنا فجماعة الإخوان تحاول الهروب للأمام دون أن تقدم ما يفيد بتحقيق المصالحة الفلسطينية وقضية التسوية وعملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية .

المشهد السادس: حالة الانفلات الإدارى فى الدولة متمثل فى الاضرابات والاعتصامات، وكذلك حوادث الطرق والتى كان آخرها قطار أسيوط التى راح ضحيتها 60 طفلا، وكان موقف جماعة الإخوان من مثل هذه الحوادث أكثر إيجابية وقت أن كانوا فى المعارضة للنظام السابق حيث طالبوا باستقالة الحكومة أما وقد انتقلت الجماعة للحكم فتعاملوا بنفس أسلوب الحكومات السابقة من التنصل من المسئولية وبطء القرارات.

من خلال المشاهد السابقة يرى الكثيرون من الذين يحملون هموم هذا الوطن أنهم أخطأوا حين أعطوا جماعة الإخوان الفرصة لقيادة مصر وإثبات وجودهم، وشعروا أن جماعة الإخوان مازال أمامها الكثير من الوقت لتكون مؤهلة لقيادة البلاد سياسياً فكل ما تقدمت به الجماعة كان مجرد أمال ووعود فى مشروع نهضة لا يعرف الكثير من أعضاء الجماعة أنفسهم عنه شيئا!

والمطلوب من جماعة الإخوان وهى فصيل لا يمكن التشكيك فى وطنيته أن تعود للصف من جديد وتعمل كشريك ناجح، مع باقى التيارات السياسية، كما كان حالها خلال 18 يوما حتى سقط نظام مبارك وأن تحتفظ بمشروع النهضة لنفسها إن كان هذا المشروع موجودا أساساً فالإخوان كجماعة نجحت كشريك وفشلت كقائد، فمصر أيها السادة أصبحت لا تتحمل أن تكون حقل تجارب سياسية لأنها تسير لحافة الهاوية.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة