كان صباحا بلا إشراق لعائلات الضحايا ولحظة اختبار لشريحة من بعض ما يسمون بالنخبة، تفوق بعضهم فسموهم، لم يقبل أن يقف عند حاجز النجاح وحسب، بينما كان جرس إنذار لأول نظام أتى بإرادة شعبية فى مصر الثورة فهل كان عند مستوى التوقعات؟!.
حادثة قطار أسيوط لم تدم فقط قلوب أهالى المفقودين أو تُصدم شريحة كبيرة من الشعب المتعاطف الطيب بل كانت زلزالا مدويا وصل إلى حد التعقيب والعزاء من رؤساء وملوك دول شقيقة!!، إذا ماذا تغير فمسلسل حوادث القطارات مستمر والبنى التحتية لم تتغير فى اتجاه التنمية والنهضة ولو حتى على الورق كخطط تتم دراستها فهل الإخوان فعلا ليس لديهم برنامج واقعى يستطيع الرئيس تنفيذه، وهل ظل الإخوان معارضين 80 عاما، يطالبون بإشراكهم للحكم حتى إذا ما وصلوا إليه أدركوا أنه فرق ما بين السماء والأرض أن تكون مشاركا فى الحكم، وأن تكون الحاكم الفعلى، هل كان برنامج الرئيس الدكتور محمد مرسى الانتخابى أثناء حملته الرئاسية علميا أم أنه مجرد كلام نظرى كما بررت القوى والأحزاب الإسلامية دعمها للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح التى تكاد تكون دعمته جميعا إذا ما استثنينا جماعة الإخوان المسلمين الفصيل الإسلامى الوحيد الذى لم يرض عنه يوما بل كان محاربا له فى بعض الأوقات، هل، وهل، وهل؟ كثيرة هى الأسئلة التى طرحتها حادثة قطار أسيوط.
قد يكون فى استطاعتى البوح عن وجهة نظرى فيما حدث، حرصا منى على تقديم شهادة أراها من وجهة نظرى محايدة إرضاء لضميرى، وحرصا على مصر الذى لن نجنى من دق الطبول على رأسها إلا المرض بنا جميعا.
إن شوارع مصر وسكك حديدها التى تحولت إلى سيناريو- الموت على الطرق- لهى امتداد لفساد المخلوع الذى دمر البنى التحتية بجشعه ونهبه حتى أموال المساعدات والتبرعات وبرجال نظامه الذين استثمروا فى كل ما قد يغطى نفوسهم الخاوية حتى وصل ذلك فى بعض الأحيان إلى الاستثمار فى سرقة أعضاء الإنسان المصرى وتركه يعانى صحيا أو حتى يموت بسبب ذلك!، الأمر الذى جعل من الحتمى تفجر ثورة يناير المباركة والتف الشعب حول مطلب واحد "ارحل امشى ولا إنت ما بتفهمشى"، صابروا ورابطوا فى الميدان يتحدون بصدورهم الجبارة طلقات الرصاص وبرءوسهم الشابة عجلات الدبابات وسيارات الشرطة، تهاوت أمامهم كل مخططات النظام العجوز فى صدهم عن طموحهم المشروع.
تهاوى النظام وأصبح وقت خروجه على المعاش ولكن ليرتاح فى السجن!!.
فشلت كل المحاولات لاستعادة الحكم عن طريق رجل مبارك المخلص محمد حسين طنطاوى الذى تفنن فى محاولة بث الفوضى وضرب أطياف المجتمع ببعضه عن طريق الاستفتاء تارة ومعارك شوارع بين بلطجية مأجورين بلبس الجيش وأهالى شهداء الثورة والمتضامنين معهم تارة أخرى لكن مصيره ومصير خططه آلت إلى ما آل إليه مُعلمه.
خرج الشعب من عنق الزجاجة وتولى أول رئيس مصرى منتخب بإرادة شعبية الحكم وأقسم اليمين فى ميدان الكرامة والصمود- ميدان التحرير- بصدر مفتوح جمع بين عشق للشعب الأبى وتحدٍ لكل متربص.
وبدأ الشعب يداوى آلامه ويستجمع كبرياءه ويبحث عن حضارته المفقودة منتظرا قرارات الرئيس، رُفعت المعنويات حتى وصلت عنان السماء بعد الإطاحة بطنطاوى وشريكه سامى عنان، وظننا أن القرارات ستتوالى محدثة تغييرات ملموسة فى الفساد المستشرى والقانون الذى سيساوى بين المجتمع بفئاته ومرتب يليق بمعاناة الطبيب وحياة كريمة تعف المدرس عن اللجوء للدروس الخصوصية، وجودة للتعليم يحصد الطالب ثمرته، وكان القرار الثورى الوحيد مخيب للآمال: حجب المواقع الإباحية التى أنفقت كلفتها من قبل أن تحجب هذا إن كانت حُجبت!!.
هذا الوضع استدعى وجود معارضة تحاول معالجة الأمور وتستطيع إن صدقت وتعكس صورة البلد للرئيس ليراها بزواياها جميعا، وقد نجح بعضهم فى ذلك، والآخرون زادوا من تردى الأوضاع سوءا ولم يتقدموا بخطوة إصلاح واحدة واحتفظوا بجدارة بقزميتهم.
فهل سيعيد الشعب ترتيب أوراقه ويغير مسار الأمور من جديد، أم يسعفنا الرئيس أو أحد مستشاريه أو حتى الجماعة والحزب الذى ترشح باسمهما فى الانتخابات بالإجابة وتوضيح حقيقة ما حدث ويحدث؟!!
أم يتكرم علينا أحد النخب الوطنية بتحليل ما يجرى حسب المعطيات الصحيحة والروايات الصادقة دون أن ينطلق ذلك من عداء غير مقبول مع جماعة الإخوان المسلمين، فهم شركاؤنا فى الوطن نصوب خطأهم، ونقوم اعوجاجهم لنظهر بصورة لائقة يحترمنا فيها العالم كما فى ثورة يناير المباركة؟
أم يقوم الشباب مرة أخرى بأمر غير جديد على العالم، ولكن هذه المرة بوضع رُشتة عاجلة تنقذ ما يمكن إنقاذه؟!!
قطار الصعيد
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة