قصة مؤلمة حدثت لامرأة وفية نذرت حياتها لحب زوج كانت ترى أنه البلسم الشافى لها، وأنه أمل الغد والسعادة التى لا تتمناها إلا معه وبقربه.. فقد عاهدته على الوفاء والمحبة والإخلاص بعد أن شرح لها ظروفه الأسرية، وأنه لا يستطيع الزواج منها بشكل رسمى وعلنى أمام الناس وإنما بعقد عرفى ليكون بقربها مدى الحياة، فهى ملاذه وحياته السعيدة التى لم يعشها مع أسرته السابقة.
وافقت لأنها أحبته ولأنها تود أن تشعر مثل الأخريات بأنها قادرة على الحب والزواج حتى ولو كان ذلك على ورقة بالية ليس لها أدنى قيمة.
قال لها الزواج ما هو إلا رضاً وقبول بين طرفين!! سأكتب لك ورقة تثبت حقوقك أمام الله، كانت راضية وسعيدة رغم أنها خسرت أهلها وأغضبت عائلتها عندما رفضت جميع من تقدموا لخطبتها.. فالقلب لم تتحرك مشاعره ولم ينبض إلا له فسارعت إليه دون علم أهلها، وارتمت بين أحضانه ونسيت حقوقها وواجباتها الأخلاقية والدينية، لأنها قبلت بزواج عرفى لم تكتمل شروطه.
ومرت الشهور وأعقبتها بعض السنين وهى تعيش معه فى وئام.. وفجأة تعرض هذا الزوج لحادث سير أودى بحياته فوجدت نفسها وحيدة لا أهل بجانبها ولا خلان.. أخذت وثيقتها البالية وسارعت إلى أسرته لتثبت حقوقها ولم تنتبه إلى حجم المأساة التى أوقعت نفسها بها إلا عندما تبين لها بعد رحيله المفاجئ عن هذه الحياة أن له بدل الزوجة اثنتين ومن الأبناء عشرة.. أما هى فلم تنجب.. قرأ ابنه البكر الورقة وقال لها لا حقوق لك عندنا فهذه الوثيقة لا تثبت أنك كنت فعلا زوجة لوالدى.. اصطدمت بالواقع وبكت وتأثرت ووجدت نفسها وحيدة لا معيل لها إلا الله، فالجميع تخلوا عنها.. حملت جراحها وأحزانها وورقتها واتجهت إلى أحد المحامين لتستوضح منه الحقيقة أو لعله يجد لها مخرجاً من هذه الورطة التى أوقعت نفسها بها.
قرأ المحامى الورقة.. وصمت صمتاً عميقاً ثم نظر إليها بحزن وقال.. الزواج عقد بين الرجل والمرأة يحل بموجبه استمتاع كل منهما بالآخر شريطة أن يكون مستوفياً لكافة الشروط من وجود ولى وشاهدين.. وإن لم يوثق هذا العقد سمى بالعرفى أى أنه عقد تعارف عليه الناس ولا ننظر إلى العقد العرفى على أنه لم يسجل فى المحكمة رسميا لكننا ننظر إليه من حيث استيفائه للشروط والأركان، فإذا كان مستوفيا كان عقداً صحيحاً كسائر العقود الرسمية.. أما إذا لم يستوف أركانه وشروطه كأن يكون بلا ولى وشهود، فهو عقد باطل بل هو زنى مقنع.. وأنت للأسف الشديد كنت تعيشين مع ذلك الرجل تحت هذا الستار غير الشرعى.
لطمت وجهها وبكت وقالت للمحامى كنت أطلب منه مراراً وتكراراً أن يحول هذه الورقة إلى زواج شرعى، وكان دائما يجد الحجة فى وضعه المادى وعدم وجود عمل ثابت له.
لقد خسرت هذه المسكينة أهلها وعاشت مع زوج تحت غطاء الزنى وأغضبت ربها.. وهى واحدة من آلاف النساء اللاتى وقعن ضحية هذا النوع من الزواج الفاسد، فالزواج العرفى ظاهرة باتت منتشرة بكثرة، وخاصة فى الحرم الجامعى حيث يجد الشاب نفسه عاجزا ماديا واقتصاديا عن تكوين بيت وأسرة، فيكتب هذه الورقة التى لا تسمن ولا تغنى من جوع ليشبع بها غريزته ويغضب ربه، ويقضى على مستقبل فتاة لا ذنب لها سوى أنها أحبته ووثقت به، ثم يولى هاربا عندما تسمح ظروفه بذلك.. وربما ينتج عن هذه العلاقة أطفال يكون مصيرهم العيش فى الملاجئ أو الشوارع، خوفا من الفضيحة وستراً لما لحق بهذه الفتاة من عار.
أيتها الأخت المؤمنة الحب والزواج رباط مقدس فحافظى عليه بشروطه ومواثيقه التى تضمن لك حقك وحق أولادك بالزواج العلنى وبنصوص قانون الأحوال الشخصية.. فلا تندفعى بحبك إلى زواج مشبوه يؤدى بك إلى الندم والمذلة ويلحق بك العار.. فما الداعى إلى زواج سرى عقده باطل ولحظاته مسروقة وأوقاته إغضاب لله؟! ما الذى يدفعكم أيها الشباب إلى المخاطرة بمستقبلكم وأبنائكم من أجل لحظات عابرة لا تدوم؟!.
أتمنى وأرجو من أولى الأمر ومن المسئولين أن يكون العقاب شديدا ورادعاً لكل من يلجأ إلى هذه الأساليب الملتوية ليشبع بها رغباته تحت غطاء أن الدين يقول بأن الزواج عرض وقبول.. فالدين يشترط الولى ويشترط الشهود، ويأمر بإشهار الزواج حتى يحفظ لكل الأطراف حقوقها.. فيكفينا ما فى الملاجئ من أطفال جاءوا إلى الدنيا من خلال علاقات غير شرعية أو زواجات عرفية غير مكتملة الشروط والأركان.. أليس الستر والتعفف عن الشهوات من خصال ديننا الحنيف؟!، فلماذا لا نتمسك بهما لكى نبنى حياتنا على أساس متين ونقى أنفسنا ومجتمعنا من مثل تلك القصص المأساوية التى تدمر الأسر وتشرد الأبناء؟!، هذه القصة ما هى إلا ناقوس خطر أدقه لكل فتاة كى تصون نفسها وتحافظ على عرضها وشرفها.. فلا أسلم ولا آمن من زواج يتم فى النور ووفق ما شرعه رب العالمين وتحت سمع وبصر الناس أجمعين.. حفظ الله أبناءنا وفتياتنا من كل سوء.
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد محمود المالح كاتب سيناوى
شروط الزواج
عدد الردود 0
بواسطة:
مصطفى محمد
معظم الزواج العرفى بيكون بين رجل وأمراة ناضجيين وليسوا مراهقين
عدد الردود 0
بواسطة:
نور مصطفى
مقالة رائعة جدا
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
سلمت يمينك
عدد الردود 0
بواسطة:
أيمن جمال مشيمش
مقال رائع
عدد الردود 0
بواسطة:
رولا
مقالة رائعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عبداللطيف أحمد فؤاد
رائعة يا ملكة الادب والتقوى
حروفك محاطة النور والياسمين
عبده
عدد الردود 0
بواسطة:
سحر الصيدلي
ردود الى أصدقائي الكرام
عدد الردود 0
بواسطة:
رولا
موضوع هايل
عدد الردود 0
بواسطة:
هدى
كلاكيت مره ثانية