يسعى زعماء المعارضة الجدد فى سوريا جاهدين لكسب تأييد الوحدات الإسلامية المقاتلة التى تتساءل عناصرها المتشددة إن كان بوسع "مقاتلى الفنادق" فى ائتلاف المعارضة الجديد أن يقدموا لهم دعما حقيقيا.
وبرز الإسلاميون كأكثر الوحدات فعالية وأفضلها تسليحا وأسرعها نموا فى الانتفاضة المستمرة منذ 20 شهرا على الرئيس بشار الأسد.
ويشعر كثيرون منهم بالقلق إزاء الائتلاف الوطنى السورى لقوى المعارضة والثورة الذى تشكل هذا الشهر بهدف توحيد قوى المعارضة وكسب تأييد دولى أكبر.
وقال ياسر الكرز زعيم لواء التوحيد فى محافظة حلب الشمالية "هم مقاتلو الفنادق ونحن مقاتلو الخنادق.
لن نسمح لأحد بأن يهمشنا سياسيا أو عسكريا".
ومعظم مقاتلى المعارضة محافظون لكنهم معتدلون سياسيا ومستعدون للعمل مع جماعات المعارضة المتعددة.. غير أنهم يعملون منذ أشهر بوسائلهم الخاصة فى انتفاضة أطلق عليها "الثورة اليتيمة" وبات ضمهم تحت لواء واحد يمثل تحديا أكبر مع تنامى دور الراديكاليين بمن فيهم المقاتلون الذين ينتهجون نهج القاعدة.
والمشكلة التى تواجه الائتلاف الجديد هى الحفاظ على دعم هذا التكتل الحاسم من المقاتلين السوريين على الأرض من ناحية وتعزيز التأييد من القوى الغربية القلقة من تمويل حركة ربما تكون مرتبطة بجماعات متطرفة من ناحية أخرى.
وفى حين أن الائتلاف نال اعترافا رسميا من تركيا وفرنسا وبريطانيا ودول الخليج العربية فقد قوبل بالتشكك أو الرفض البين من جانب المقاتلين الإسلاميين.
وقال مقاتل من واحد من أكبر الألوية الإسلامية فى دمشق "نحن مع الائتلاف حتى الآن، نريد أن نرى ما الذى سيفعله من أجلنا"، وأضاف "من المعلوم أننا نريد سلاحا ونريد منطقة حظر طيران، فهل يمكنه فعل ذلك؟ سنرى، لن ننتظر إلى الأبد، نحن نقاتل بهم أو بدونهم وسننتصر".
وازداد نفوذ الإسلاميين خلال الصراع الذى راح فيه 38 ألف شخص لكنهم لم يحصلوا على مساعدات كبيرة من القوى الغربية.
كما برزت جماعات راديكالية مثل جبهة النصرة وكذلك المقاتلون الأجانب المستقلون.
ومن بين المعارضة ينظر كثير من المدنيين والمقاتلين إلى الإسلاميين بنظرة تزداد إيجابية.
فألويتهم فعالة على جبهة القتال ويشعر كثيرون من سكان قرى الشمال بالامتنان لهم للحفاظ على إمدادات الكهرباء والماء، وعلى النقيض من كثير من جماعات المعارضة التى تشكلت فى سوريا والخارج مثل المجلس الوطنى السورى الذى انضوى تحت لواء الائتلاف الوطنى فإن وحدات الإسلاميين لها تسلسل قيادى ونظام واضح.
وهذا يروق للسوريين الذين يئنون الآن من الفوضى والعنف.
ويقول المقاتلون الإسلاميون إن من الإنصاف أن يؤكدوا على قوتهم بعد شهور من التجاهل فى المناقشات السياسية بالخارج بينما هم يقاتلون قوات الأسد على الأرض.
وأعرب بعض المقاتلين عن إحباطه هذا الأسبوع عندما أعلنوا قيام دولة إسلامية فى تسجيل مصور يرفض الائتلاف الوطنى.
ودفع رد الفعل الفورى من معظم زعماء المقاتلين ومن النشطاء السوريين كثيرون ممن كانوا فى التسجيل للتراجع عن تصريحاتهم فى اليوم التالى. لكن التسجيل أبرز انعداما عميقا فى الثقة يتعين أن يتغلب عليه الائتلاف، وقال مقاتل كان حاضرا فى اجتماع الدولة الإسلامية "أثار تسجيلنا جلبة كبيرة على الساحة الدولية وهو أمر نحن بحاجة إليه".
وأضاف المقاتل الذى طلب عدم نشر اسمه "نحن بحاجة لأن نعرف ما إذا كنا سنحصل على مساعدة ومساندة من الائتلاف لأن جبهة النصرة لا تريدنا أن نتعامل معه على الإطلاق، والنصرة الآن هى داعمنا الرئيسى ومن ثم يتطلب الأمر أن يظهر أن بإمكانه فعل شىء لنا".
وقال بعض المقاتلين لرويترز إن جبهة النصرة هى التى أعدت التسجيل المصور ردا على محاولات من جانب الائتلاف الجديد لدق إسفين بينها وبين الجماعات الإسلامية الأقل تشددا، وقد يكون ذلك صعبا لأن قلة من الجماعات المتشددة تقاتل بشكل مستقل مفضلة نشر رجالها بين وحدات مقاتلى المعارضة ومنحها نفوذا واسعا.
وطلب الائتلاف من المقاتلين الصبر لكن يبدو أنه يدرك أن أمامه نافذة محدودة، وقال وليد البنى المتحدث باسم الائتلاف إنه رغم عدم منح المقاتلين تمثيلا فى جناحه السياسى فإنه سيكون لهم جميعا صوت فى المجلس العسكرى المقرر تشكيله قريبا، وقال لرويترز "كل الجماعات سيكون لها دور وستحصل على مساعدة ودعم بالتساوى، وهى بحاجة لأن تجرى محادثات مكثفة للوصول إلى توافق لكن لن يكون هناك تمييز ضد جماعة بعينها".
وأضاف "إننا نواجه مهمة صعبة لأن علينا أن نثبت أنفسنا أمام المقاتلين وأمام القوى الأجنبية التى لها مطالب مختلفة، أعتقد أننا بحاجة لشهر أو اثنين لتلبية بعض احتياجات المقاتلين الرئيسية"، ويريد بعض المقاتلين نتائج أسرع. وتقول جماعات إسلامية فى مدينة حمص بوسط البلاد إنها لا تريد سلاحا وحسب بل وتريد أن يفعل الائتلاف شيئا حيال الحصار الذى تفرضه قوات الأسد على المدينة منذ شهر والذى أعاق معظم الإمدادات لمقاتلى المعارضة.
وتبدو هذه المطالب خارج نطاق قدرة الائتلاف كما أن إرضاء الإسلاميين السنة سيكون أصعب نظرا للضغط الغربى على الائتلاف كى يفسح المجال أمام أصوات الأقليات ومعظمها تؤيد الرئيس العلوى خوفا من هيمنة السنة، وفى محاولة من جانب الائتلاف لإظهار تمثيله لمختلف الأطياف عين زعيما معارضا علويا سفيرا لدى فرنسا فى خطوة رأى كثير من المقاتلين أنها تظهر أن الائتلاف يدين بالفضل للغرب لا للسوريين على الأرض.
وقال مقاتل إسلامى فى حمص "قطر وفرنسا هما اللتان عملتا على تشكيله وكذلك الأمريكيون... ألهذا نقاتل.. حتى نكون تابعين لتلك الدول، "ولا يرى المقاتلون من أمثاله مجالا للتريث.
"نضع أعيننا عليهم ونتتبعهم عن كثب، ولن نغض الطرف عن أى أخطاء أو عن أى تردد".
ائتلاف المعارضة الجديد بسوريا يسعى لاستمالة الإسلاميين المتشككين
الجمعة، 23 نوفمبر 2012 01:36 م
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة