نجحت المساعى المصرية فى التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وإسرائيل يبدأ مساء الأربعاء، لوقف نزيف الدم الفلسطينى فى قطاع غزة، ولكن إلى أى مدى يمكن أن يلتزما طرفا الصراع بهذه الهدنة؟ وهل من الممكن أن تصمد أى هدنة بين إسرائيل وحماس؟
يرى د.طارق فهمى رئيس الوحدة الإسرائيلية بمركز دراسات الشرق الأوسط وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن أى هدنة بين إسرائيل وحماس تعتبر فترة مؤقتة لحين كسر تلك الهدنة بشن هجمات عسكرية جديدة من الجانبين، ومن ثم العودة مرة أخرى للتوصل إلى هدنة جديدة، فهذا هو الحال بين الطرفين.
ويلفت فهمى فى حديثة لـ"اليوم السابع" إلى أن الكيان الصهيونى غالبا ما يكسر أى هدنة بينه وحركة حماس، ويجد المبررات التى تدفعه لشن عدوان جديد على قطاع غزة الذى تسيطر عليه حركة حماس، فكانت عملية اغتيال أحمد الجعبرى، نائب قائد كتائب عز الدين القسام، بمثابة الشرارة الأولى للبدء فى عمليات عسكرية مباشرة على قطاع غزة المحاصر.
ويوضح رئيس الوحدة الإسرائيلية بمركز دراسات الشرق الأوسط أنه لا توجد التزامات مباشرة بين حركة حماس وإسرائيل ولا توجد هدن مكتوبة بين الطرفين وإنما اتفاقات غير مبرمة وشفوية بعضها غير معلن والبعض الآخر بتدخل مصرى ينص معظمها على وقف إطلاق صواريخ من الجانبين ووقف الاغتيالات لشخصيات وقيادات سياسية.
ويشير فهمى إلى أن الهدف الأساسى من تصعيد إسرائيل عدوانها على قطاع غزة الأيام الماضية هو اختبار فعلى لمدى تطور إمكانيات حركة حماس القتالية والدفاعية والتى تطورها إيران بصفة مستمرة، حيث انتشرت معلومات داخل إسرائيل بتطوير حماس لقدراتها العسكرية الأمر الذى يؤثر سلبا على إسرائيل لما فيه من توازن للقوى بين الجانبين.
وينوه فهمى إلى أن إسرائيل دائما ما تخترق الهدن القائمة مع أى طرف، ويذكر بهدنة رودس عام 1948 والتى اخترقتها إسرائيل، فيقول أن مجلس الأمن أصدر قرارين فى 19 أكتوبر و4 نوفمبر 1948، يقضيان بوقف القتال بين مصر واليهود، مع إجراء مفاوضات مباشرة بين الطرفين، أو عن طريق وسيط الأمم المتحدة، لمنع تجدد القتال، ووضع خطوط الهدنة الدائمة.
وتابع: كما أصدر قرار فى 16 نوفمبر 1948 يقضى بتوقيع هدنة شاملة لجميع جبهات فلسطين، حتى يستبعد كل تهديد للسلم فيها، ويمهد السبيل للانتقال من حالة وقف إطلاق النار القائمة إلى حالة السلم الدائم، ويدعو الأطراف فى النزاع الفلسطينى إلى الدخول فى مفاوضات مباشرة أو عن طريق الأمم المتحدة، لوضع خطوط الهدنة الدائمة، ثم أصدر المجلس قرارا آخر فى 9 ديسمبر 1948 عقب تجدد الهجوم اليهودى، يقضى بوقف القتال وتنفيذ قرار 4 نوفمبر.
واستطرد: وتنفيذاً لهذا القرار، تم الاتفاق على وقف القتال بالجبهة المصرية فى 7 يناير 1949، وجرت المفاوضات فى رودس فى الفترة من 12 يناير حتى 24 فبراير 1949، وتم توقيع اتفاقية الهدنة بين مصر وإسرائيل، وبموجب هذه الاتفاقية تم إعلان إشراف الحكومة المصرية على إدارة قطاع غزة، وبقاء احتلال الجيش الأردنى لمنطقة غرب الأردن، فضلا عن تقسيم منطقة القدس بين الأردن وإسرائيل، فللأردن المدينة القديمة، وتشمل أكثر الأماكن المسيحية المقدسة، ولليهود المدينة الجديدة. وفى ديسمبر 1949 قررت الأمم المتحدة تدويل القدس، ولكن كلا من الأردن وإسرائيل رفضت تنفيذ القرار، وأعلنت إسرائيل تحديها، بإعلان القدس عاصمة لدولتهم المزعومة، بدلاً من تل أبيب.
فى نفس الصدد، يعتقد د. منصور عبد الوهاب، محلل سياسى متخصص فى الشأن الإسرائيلى، أن هدنة وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس والتى توصلت اليها مصر أمس الأربعاء ربما لن تصمد كثيرا وربما يتم كسرها بعد الانتخابات الإسرائيلية المبكرة، ومن الممكن تجدد القصف من كلا الجانبين لأسباب عدة أهمها أن إسرائيل لا يهمها سوى تحقيق مكاسب إستيراتيجية على الأرض، كما أن هناك مخاوف من داخل قطاع غزة لأن حماس ليست وحدها فى القطاع بل هناك فصائل أخرى ربما لا تنوى التهدئة.
ولفت د. عبد الوهاب إلى أن كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكرى لحركة حماس، ربما ليس لديها رغبة فى التهدئة مع الجانب الإسرائيلى بغية تبنى عمليات عسكرية بهدف الانتقام لقائدهم أحمد الجعبرى الذى لقى حتفه فى 14 نوفمبر الماضى فى حادث اغتيال إسرائيلى سافر استهدف سيارته وهو بداخلها.
وأوضح المحلل السياسى أن تصعيد إسرائيل لأعمالها العسكرية فى قطاع غزة يأتى فى غضون توتر عربى شديد، فضلاً عن أن العلاقات الاستيراتيجية بين إيران وحزب الله وسوريا يصيبها نوع من الارتباك، كما أن حماس بدأت تستقبل أنواع جديدة من السلاح ما دفع إسرائيل إلى أن تتأكد من إمكانية الحركة على التصدى لهجمات الدولة الصهيونية.
خبراء يؤكدون عدم التزام حماس وباقى الفصائل الفلسطينية بهدنة وقف إطلاق النار.. طارق فهمى: مؤقتة لحين كسرها بهجمات جديدة.. والقسام لن تصمت عن استهداف الجعبرى
الخميس، 22 نوفمبر 2012 12:12 ص