فوزى فهمى غنيم يكتب: الثقافـة الذاتيـة

الأربعاء، 21 نوفمبر 2012 09:16 م
 فوزى فهمى غنيم يكتب: الثقافـة الذاتيـة الأزهر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اتجه الاستعمار العالمى إلى ضرب هذه الثقافة، وتوهين معاهدها فإما أجهز عليها، وإما شل حراكها وأبقاها صورة هامدة، أو اسمأً بلا مضمون، إن هذه الثقافة الذاتية هى إكسير الحياة للأمة، والمجدد الدائب لطاقاتها الأدبية والمادية.

وذلك ما حدث لجامعة القرويين والزيتونة والأزهر والجامعات الإسلامية فـى ليبيـــــا والسودان وأقطار أخرى.. ونتج عن ذلك أمران خطيران : اضمحلال العقل الإسلامى ، وضعف الدراسات الدينية.. ثم اضمحلال اللغة العربية وآدابها وانكماشها أمام التقدم الحضارى وقلة المجيدين لها، وكثرة اللاحنين فيها دون أدنى حياء.. ولما كان ساسة العرب وقادتهم من خريجى التعليم المدنى – أكثر من 99 % منهم بعيد الذهن عن ثقافتنا الذاتية – فإن النهضة الإسلامية تتعثر حيناً وتتقهقر حيناً، وإذا تقدمت خطوة ففى وجه صعوبات دامية.. والأغرب من ذلك أن محطات الإذاعة تنشر دراسة متصلة عن (الخصائص البلاغية) لصاحب هذه الخطابة العامية، ولم يبق إلا أن ننشر بحوثاً أخرى عن مظاهر البديع والبيان والمعانى فى بغام الدواب ونقيق الضفادع ! ولا أعرف لغة اعتدى على شرفها كما يعتدى هؤلاء على اللغة العربية المسكينة ..! وهذا كله يقع والعرب فى حرب مع اليهود الذين أحيوا لغتهم، ومزقوا عنها الأكفان، وأحيوا صلواتهم، ومشوا لأدائها فى عواصم أمريكا باعتزاز وثقة.. والعلوم الإنسانية هى علم النفس والاجتماع والتربية والأخلاق والاقتصاد والسياسة والإدارة. والتاريخ. إلخ ، وقد تنضم إليها بعض الفلسفات الإلهية وغير الإلهية.. وموضوعات هذه وتلك تتناول صلة الإنسان بنفسه وغيره ودائرتها تتشابك مع الإسلام فى مساحات واسعة.. وأرى أن نستفيد من هذه الدراسات على ضوء من المعرفة الدقيقة بما قال الإسلام فى قضاياها المتشعبة.

إن العلوم الإنسانية تكون أحيانا وصافة لأحوال النفس والمجتمع، ويتسم عملها فى هذا المجال بالصدق والحياد غالباً، وقد تقرر أحكاماً حسنة تتفق مع الفطرة التى هى صفة الإسلام الأولى وقد تشرح وسائل جيدة لأهداف يسعى إليها الدين، ويترك ما يوصل إليها لاجتهادنا العادى، وإلى جانب ذلك فقد تتضمن أخطاء ونظرات شاردة، وعلى كل حال فالإسلام إذا تكلم فهو أهدى منها سبيلاً، وأصدق قيلا.. وقد تناول آباؤنا فلسفة اليونان، ونشاطاتهم العقلية، فمنهم من فتن بها إلى حد الغفلة، ومنهم من ردها جملة وتفصيلاً، ومنهم من أخذ ورد، ونظر ونقد .! إن الرجل عندنا قد ينال أعلى الإجازات العلمية فى الطب أو القانون، وقد يعين فى أعلى المناصب بأوروبا وأمريكا، فهل هذا يجدى على أمته شيئاً ؟ إنه كالجندى المرتزق بسلاحه يخدم أى مبدأ على ملء بطنه وإيثار عاجلته.. وانتشار التعليم المدنى فى بلادنا على أساس تجريده من ثقافتنا الذاتية ، وانتمائنا المحدد شىء يضر ولا يسر، ويقلق ولا يطمئن.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة