شاكر رفعت بدوى يكتب: غزة الصامدة

الأربعاء، 21 نوفمبر 2012 12:52 م
شاكر رفعت بدوى يكتب: غزة الصامدة أحداث غزة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حيث الضرب المتواصل والقتل المستباح والسكوت المخزى، يعيش أهلنا فى غزة وهم ينتظرون الموت بين الفينة والأخرى... يعيشون بين أشلاء الموتى وألوان الدماء الخضباء وهدم البنايات جراء القصف العشوائى، وبين رائحة الموت التى تطل فى كل مكان.... أطفال فى عمر الزهور، لم يعد يخيفهم أصوات القنابل أو مناظر أقرانهم الذين أصابتهم رصاصات الغدر فقضت على أحلامهم وبراءتهم ... أصبحوا لا يهابون الموت بعدما رأوه بأم أعينهم فى الجثث المتناثرة على قارعة الطريق ومناظر الدماء الملطخة على الحوائط... عجائزهم شابت لحاهم مما رأت أعينهم طيلة حياتهم التى فقدوا فيها الابن والأخ والزوجة.. والأهم أنهم فقدوا طعم الحياة فلم تعد حياتهم تمثل لهم أدنى قيمة إزاء ما مر عليهم من أحداث مريرة فى شريط الذكريات الذى يأبى أن يتوقف.... نساؤهم لا حول لهن ولا قوة صابرات يحتسبن أبناءهن وأزواجهن بقلوب راضية بقضاء الله.

فى غزة التى لا تتجاوز مساحتها 360 ألف كيلو متر مربع بينما تأوى أعدادا تزيد على المليون ونصف المليون من سكانها الذين أبوا أن يرحلوا عنها وفضلوا أن يواجهوا الموت على أن يتركوها لعدو مغتصب لا تردعه قوانين ولا تحكمه شرائع.... شعب لاقى من صنوف العذاب ألوانا وألوانا فصار التحمل عندهم كأنه جين وراثى يتوارثه الأجيال ليكون لهم عونا معينا لمواجهة عدو غاصب لا يعرف معنى الرحمة ليظل يستخدم أسلحته الفتاكة ليحصد الأرواح دون أن تفرق أسلحته بين طفل صغير لم يع بعد معنى الحياة وبين شيخ كبير لم تعد الحياة تمثل له أدنى قيمة.
إنهم صامدون آثروا ألا يغادروا أماكنهم إلا وهم جثث هامدة لتروى دماؤهم الطاهرة تربة أراضيهم لتخرج أجيالا أخرى تحمى أرضهم وتنتظر الموت فى أى وقت رافضة أن تترك أرضها كما فعلت تماما أسلافها.

إن التاريخ لن ينكر حقائق حاول البعض أن يغض الطرف عنها وأن يزيفها فى حاضر ملوث لم تعد للعدالة فيه أى معنى حقيقى...
التاريخ سيروى وسيشهد ببسالة هذا الشعب وصموده أمام هذا العدو الظالم وأمام هذا التحالف المريب والصمت المخزى وليس له ذنب جناة سوى أنه يدافع عن أرضه وعرضه... يحارب من أجل حقيقة راسخة وقضية عادلة لا تقبل أنصاف الحلول... أنها قضية وطن سيرويها التاريخ بحقائقها الراسخة التى يحاول البعض تزييفها... سيرويها التاريخ لأنه أبدا لا يكذب.

ورغم هذا الاستقواء والبغى على هذا الشعب المستكين فإن الحلم أبدا لم ولن يتراجع بل يزداد تصميما وإصرارا من أجل بلوغه... أنه حلم استرداد الأرض الذى بذل من أجله دماء غالية عبر التاريخ ولن يتم الرجوع عنه لأن هناك أنفسا على أهبة الاستعداد لتكون فداء لتلك الأرض وهناك أرواح هائمة ربما ماتت أجساد أصحابها ولكنها ما زالت تحلق فتنشر الطمأنينة فى ربوع المكان وتبث الحمية فى قلوب سكانه بأن الحلم سيتحقق لا محالة.

فيا دولا طمست فيها الحقائق وغاب فيها الضمير ... أنظروا إلى بسالة هذا الشعب الذى لا ينتظر منكم أى عون زائف إلا أنه يريد منكم أن تتعلموا منه الصمود والكرامة... إنه لا ينتظر منكم حتى جائزة من تلك التى تمنحونها للعاهرات والغانيات لأنه شعب أبى الضيم على نفسه ... إذا أردتم أن تمنحوهم شئيا - رغم أنهم فى غنى عن منحتكم - فامنحوهم حقهم فى استرداد أرضهم والعيش فى سلام ... امنحوهم حق الحياة ... فى كل بيت من بيوت غزة الصامدة وفى كل شارع من شوارعها قصص مليئة بالألم والحزن تشيب لها الولدان عن كوارث ومصائب يندى لها الجبين ويسيل لها الدمع من مآقيه بلا انقطاع وفى المقابل لا تجد هذا العالم الذى فقد صوابه إلا وقد وجه سهام اللوم والتحذير لهذا الشعب الصابر لأنه أطلق صاروخا وصل بالكاد إلى أرض فضاء يسكن حولها شعب العدو المغتصب فأقلق نومهم وأصاب نساءهم وأطفالهم بالرعب وأجبر رجالهم على الاختباء فى جحورهم وأوكارهم مخافة الموت وهو أتيهم لا محالة.

يا شعب غزة الصامد كفاكم أنكم أعطيتم العالم أجمع دروسا فى العزة والكرامة حتى وإن أدار لكم ظهره... فلقد قدمتم أرواحكم فداء لقضيتكم العادلة وحقكم الأصيل فى العيش واسترداد أرضكم المغتصبة التى ارتوت بعبق دمائكم الذكية ولن تبخلوا عنها بالمزيد من أجل استردادها ...ستتحرر أرضكم بإذن الله أمام عزيمتكم التى لا تنضوى التى ستخور أمامها قوة العدو الكاذبة وستنهار أمام جبل صامد عات راسخ لن يتزحزح عن مكانه بل سيجبرِ كل معتد أن يرحل مهما كان الثمن ... ألم نقل إنها قضيتكم العادلة.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة