أعلن الصينيون اليوم الأربعاء، الحداد على خمسة من أطفال الشوارع، عثر عليهم قتلى فى صندوق قمامة على جانب الطريق فى الأسبوع الماضى، فى مقلب نفايات بمقاطعة "قويتشو" جنوب غربى الصين، فى وقت تسبب الحادث المأساوى فى صدمة وتعاطف داخل الأوساط الشعبية فى الصين، خاصة وأنه فى الوقت الذى احتفل فيه العالم باليوم العالمى للطفولة أمس الثلاثاء، وشيع أهالى وعائلات الأطفال جثامين أولادهم الخمسة ضحايا الإهمال والتشرد، فى دولة كبيرة مثل الصين التى تحظى بمعدلات أسرع اقتصاديات العالم نموا.
وطبقا لبيانات وتحقيقات الشرطة فإن الأطفال الضحايا قاموا بإشعال الفحم لتدفئة المأوى الرث الذى يعيشون فيه، ولكنهم تعرضوا لتسمم بسبب غاز أول أكسيد الكربون، وخلال ليل الجمعة الماضى، الذى شهد انخفاض درجات الحرارة بمدينة "بيجى" التى يقيم فيها الأطفال والواقعة فى مقاطعة "قويتشو" بجنوب غرب الصين، ووصلت درجة الحرارة فيها إلى 6 درجات مئوية، حيث حاول الضحايا الصغار اللجوء إلى هذه الوسيلة للهروب من برودة الأجواء.
وفى إجراء عاجل قامت السلطات الصينية بإقالة اثنين من المسئولين الحكوميين المحليين عن التعليم والشئون المدنية فى محافظة "تشيشينغقوان"، نتيجة لفشلهم فى أداء واجباتهم، كما طالت عقوبة الإقالة مسئولين اثنين آخرين فى بلدة "شينغهايتسيجيه" مسقط رأس الأطفال، واثنين من مدراء المدارس جراء فشلهم فى إعادة أولئك الأطفال إلى الدراسة، إضافة لتعليق منصب اثنين من نواب محافظ محافظة "تشيشينغقوان" والتحقيق معهما.
ويرجع الأطفال الضحايا الخمسة، وهم "تاو تشونغ جينغ عمره 12 عاما، وتاو تشونغ هونغ عمره 11 عاما، وتاو تشونغ لين عمره 13 عاما، وتاو تشونغ عمره 12 عاما، وتاو بو عمره 9 أعوام، وينتمون إلى نفس العائلة، إذ أن آبائهم هم ثلاثة إخوة، حيث ظل أفراد عائلة الضحايا ومعلموهم يبحثون عنهم بعد أن فقدوا منذ ثلاثة أسابيع، حتى عثروا عليهم جثث هامدة فى مقلب النفايات.
وقد لاقت أصداء حادث الأطفال الخمسة القتلى غضبا وتعاطفا شعبيا بين المواطنين الصينيين، وعلى شبكات التواصل الاجتماعية الصينية، حيث تبادل العديد القصة عبر حساباتهم الشخصية، فيما كتب أحد المدونين الصينيين على شبكة "ويبو" أحد أشهر مواقع التواصل الصينية يشبه موقع تويتر، فلنضئ طريقهم إلى السماء بالشموع، فهؤلاء الأطفال الذين لا يمتلكوا حتى عود الكبريت للحصول على التدفئة، لن يعانوا مرة أخرى من البرد القارس والجوع.
وفى الوقت الذى اتهم فيه عدد كبير من مستخدمى الشبكة العنكبوتية الحكومة المحلية بالإهمال، قال آخرون إن المسئولية تقع أيضا على عاتق أولياء الأمور من عائلة الضحايا، خاصة وأن مدينة بيجى، تعتبر مدينة نائية وغنية بالموارد يبلغ تعداد سكانها 7 ملايين شخص، ومقامة على منحدرات جبلية، وغالبية سكانها من الفلاحين المحليين الذين ترك بعضهم منازلهم بحثا عن العمل فى المدن الكبرى، وتركوا أبناءهم مع أجدادهم أو أقاربهم.
وفى مشهد مؤثر على التليفزيون المحلى الصينى، تم تداوله فى مواقع التواصل يظهر الأب تاو يوان وو، والد اثنين من الصبية، هم "تاو تشونغ، وتاو بو"، ويقول باكيا إنه حاول إجبار ابنيه على العودة إلى المدرسة عند عودته إلى المنزل فى عطلة العام القمرى التقليدى فى فبراير الماضى، لكن مكالمة الشرطة قلبت الدنيا أمام عينه، ليعود إلى منزله يوم أمس الاثنين، ليجدوا أطفاله قد توفوا، ويردد "لم يكن ذلك ليحدث إذا كنت أجبرتهم على الذهاب إلى المدرسة"، ويستطرد بالقول "إنه على الرغم من دعوات مدرسيهم المتوالية لإقناعهم، إلا أن الأطفال رفضوا العودة إلى التعليم، قائلين إنهم يحصلون على درجات منخفضة ولا يحبون التعلم".
وعلى جانب آخر، وبسبب معاناته من الفقر وعمله الشاق فى المزرعة، لم يكن المزارع هو وزوجته يوليان، اهتماما كبيرا لابنهما، وكانا يتركاه وحده مع أبناء عمومته، وكان من المفترض أن الأطفال الأربعة الآخرين ترعاهم جدة مسنة وكفيفة، وهو ما يجعلها تجد صعوبة فى الاهتمام بنفسها حتى، لذا يلجأ الأطفال فى معظم الوقت للاعتناء بأنفسهم، لكنهم وبعد ثلاثة أسابيع من الغياب عثر جامعى القمامة على الأطفال الخمسة موتى بالقرب من مركز مدينة "بيجى"، الذى يبعد على الأقل 20 كيلومترا من قريتهم الجبلية.
من جانبه قال هو جى هونغ، نائب عمدة مدينة بيجى الصينية، إن الحكومات المحلية يجب عليها وضع مشروعات لرعاية الأطفال والاعتناء بهم، حيث إن هناك العديد من الأطفال الذين يفتقرون للاهتمام ويهيمون فى الشوارع بمفردهم، حتى إن بعضهم قد فروا إلى مقاطعات أخرى، موضحا أنه من الضرورى بالنسبة للأسر والحكومة أن يولوا معا اهتماما.
وعلى الرغم من أن الآباء ورعاة الأطفال يقومون يجب عليهم الاعتناء بالأطفال بشكل مركز، إلا أن حالات الوفاة غير الطبيعية تكشف عن قصور كبير فيما يتعلق بتلك المسألة فى ثانى أكبر اقتصاد فى العالم، حيث ذكرت صحيفة "الشعب" الصينية فى تقرير نشرته اليوم الأربعاء، أن ثمانى وكالات حكومية دشنت العام الماضى مشروع "عودة الأطفال إلى منازلهم"، بهدف تطهير كافة شوارع الصين من الأطفال المشردين بحلول نهاية العام الجارى، ويأتى التساؤل، فلماذا لم يتم إبلاغ سلطات المدينة عن هؤلاء الأطفال الخمسة المشردين فى الشوارع منذ ثلاثة أسابيع.
وأضافت الصحيفة الصينية، أن مستقبل المجتمع الصينى يكمن فى الاهتمام بالأطفال، حيث إن قلة الرعاية للأطفال ستؤتى ثمار عكسية يوما ما وستضر الأمة الصينية مستشهدة بكلمات الرئيس الصينى المرتقب، وزعيم الحزب الشيوعى الجديد شى جين بينغ، فى أول خطاب رسمى له عقب انتخابه، وقبل يوم واحد فقط من وقوع الحادث، بأن على الحكومة الصينية الاعتناء بالأطفال، وأن الآباء يريدون أن ينمو أطفالهم فى حالة جيدة، وأن يحصلوا على وظائف جيدة ويحظون بحياة أكثر سعادة.
وتساءلت صحيفة "الشعب" الصينية قائلة "ألا نشعر بأننا نجلس على أحر من الجمر عندما يهيم أطفالنا فى الشوارع، ويتكدسون فى مركبات قديمة للذهاب إلى مدارس بعيدة، ونقلت الصحيفة عن فو بينغ، الباحثة الأكاديمية الصينية فى شانغهاى، إن هناك حاجة ملحة لإصدار قانون يكفل صالح الأطفال، ويوفر المساعدة الحكومية لأطفال الشوارع، بحيث تساعد مثل تلك القوانين على ضمان تمويل كاف للأطفال المحتاجين.
وتشير الأرقام الرسمية الصينية، إلى أن هناك أكثر من 150 ألف طفل مشرد فى الصين، نصفهم فر من منازلهم بسبب الخلافات الأسرية، وعدم الرغبة فى التعلم والبحث عن عمل يوفر المال بشكل سريع.
العثور على 5 أطفال قتلى فى صندوق قمامة بالصين
الأربعاء، 21 نوفمبر 2012 10:10 ص
الرئيس الصينى هو جين تاو
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة