وليد أبو النجا يكتب: الرجل غير المناسب

الثلاثاء، 20 نوفمبر 2012 01:25 ص
وليد أبو النجا يكتب: الرجل غير المناسب رئيس الوزراء هشام قنديل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى ظل الساحة السياسية الجديدة تماما بكل تفاصيلها: بأوضاعها ومواقفها الجديدة، وائتلافاتها وجماعاتها وأحزابها الجديدة،وقادتها ومتحدثيها الرسميين ومسئوليها وساستها الجدد، فلكل زمان دولة ورجال، كما تقول الأمثال.
يجرب المسئولون الجدد مناصبهم ومواقعهم وكراسيهم الجديدة تماما، لأول مرة كواقع فعلى فى حياتهم، بعد أن نظَّروا لها طويلا، وحلموا بها كثيرا، لكن ميدان القول غير ميدان العمل، والنظرية تغاير التطبيق، وإن تمنى الشىء يختلف قطعا عن معايشته.
ومع الاجتهاد فى الاختيار بالترشيح أو التعيين، وقراءة السير الذاتية للمرشحين، واستعراض الماضى السياسى، وقراءة الملفات للجهات الرقابية فى حال الاختيار لتولى مسئولية فى الدولة، طبيعى أن يحالف التوفيقُ البعضَ، فيؤدوا المطلوب على أكمل وجه، وربما زادوا، وأن يخون الحظُ البعضَ الآخر، فلا يقومون بما يُنتظر منهم، أو تثبت التجربة أن أحدهم ليس الرجل المناسب، أو أن المكان الذى نيط به ليس هو المكان المناسب، أو أن المشكلة فى الظروف، أو يتسبب بعضهم فى مشكلات جانبية كلما خرج على الناس فى الإعلام أو فى الحياة، فحالهم كحال مَن يخرج من حفرة ليسقط فى نقرة، أو من كلما وقف وقع، وليتهم يقعون فيها بأنفسهم، وإنما يقعون ويُوقعوننا ويُوقعوا مؤسساتهم معهم، وبدل من أن نتقدم خطوة للإمام، ننشغل بتلقى الاتهامات، وتبرير المواقف، والدفاع عن صاحب المشكلة.

ومصر هذه الأيام تحتاج إلى مَن يشيل لا إلى مَن يُشال، مَن يساهم فى حلِّ المشاكل، لا من تصاحبه المشاكل كلما حلَّ أو ارتحل، مَن ينشغل بقضاياها العامة، لا مَن يشغلها بقضاياه الخاصة.

والحل البسيط لمثل هذه المواقف: أن نقوم بالخطوة الواجب اتخاذها، بإعفاء الرجل غير المناسب من مسئوليته أو منصبه، حتى ولو كان ذلك مؤلما لنا على الصعيد الشخصى، فالعواطف مكانها القلوب والصلات الشخصية، وليس مكانها إدارة المؤسسات، ويجب ألا نقع أسرى الشكليات فنضيع المضامين، ويجب ألا نكترث لما سيثيره الخصوم فى الإعلام، فالرسالة التى ينبغى توصيلها: أن من لا تثبت صلاحيته يَكُف نفسه أو يُكَف، يستقيل أو يقال. وبنفس الحسم والسرعة نبرئ ساحته، أن العزل ليس لتهمة ولا تقصير.
وقد عزل عمرُ بن الخطاب، شُرَحبِيل بن حَسَنَة فقال له: أعن سُخطة عزلتنى؟ قال: لا، ولكن وجدتُ من هو مثلك فى الصلاح، وأقوى منك على العمل، وفى رواية: قال عمر: رأينا من هو أقوى منك، فتحرجنا من الله أن نقرَّك، وقد رأينا مَن هو أقوى منك، وفى ثالثة قال: إنك لكما أحبُّ، ولكنى أريد رجلاً أقوى من رجل، قال شرحبيل: يا أمير المؤمنين، إن عزلك عيب، فأخبر الناس بعذرى. ففعل عمر ذلك.

ألا ما أروع عمر.
أعرف صديقا يعمل بشركة يقع فيها بعض المشكلات، تستلزم منه أن يواجه المتسببين فيها، ولكنه لفرط حيائه وللصلات الإنسانية، لم يفعل، فلما علم صاحب الشركة: قال له: لم أعينك لأختبر حياءك بل كفاءتك، أنا لم أعينك وزيرا للخارجية.

لكن البعض يرى فيما أُسميه منطق (السَّنِّيد)، حلاًّ سحريا لسوء الاختيار، ومنطق التسنيد لمن لا يعرف، أنه فى حال ثبوت عدم كفاءة الشخص للمنصب بعد توليه، فلنبحث له (سَنِّيد)، شخص يعاونه فى مسئولياته، ويراقبه فى تحركاته، ويضبط الإيقاع الذى يسير عليه العمل، ويحل محله فى المرة القادمة، بدل العزل والزعل، والقيل والقال، وكثرة السؤال، وحتى لا نكسر نفس صاحبنا، وجبر الخواطر على الله.

إلا أن مراعاة مبادئ مثل: الكفاءة والشفافية والمسئولية، وأخواتها: تأبى هذا المنطق وترفضه، ولا ترضى بالإعفاء والعزل بديلا، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يستحِ أن يقول لأبى ذر الغفارى رغم حبه له، وسابقته فى الإسلام، وبلائه فى الدعوة: "إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزى وندامة".

وفى فتح مكة أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم رايته لسعد بن عبادة، سيد الأنصار، فلما مرَّ سعد بأبى سفيان قال: اليوم يوم الملحمة – أى ستكون مقتلة كبيرة - اليوم تستحل الحرمة – حرمة مكة- اليوم أذل الله قريشًا، فأقبل رسول الله، فقال أبو سفيان: أيا رسول الله، أمرت بقتل قومك؟ وذكر ما قال سعد، ثم قال: وإنى أنشدك الله فى قومك، فأنت أبر الناس، وأوصل الناس.
فقال رسول الله: يا أبا سفيان، اليوم يوم المرحمة، اليوم أعز الله فيه قريشًا، وأرسل إلى سعد فعزله وجعل اللواء إلى قيس بن سعد بن عبادة، ورأى أن اللواء لم يخرج من سعد حين صار لابنه.

فحب النبى لأبى ذر، وترضية سعد بن عبادة شىء، وتنفيذ المطلوب على الوجه المطلوب شىء آخر، وليس بالمناصب تكون الترضيات.





مشاركة




التعليقات 9

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد دياب

اتمنى

عدد الردود 0

بواسطة:

تريكلي

عندك حق

أجدع كلام !

عدد الردود 0

بواسطة:

الشاويش صلغاوى

الصبر

السبر شوية

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد ودبع العلاوى

أحسنت

عدد الردود 0

بواسطة:

وليد أبو النجا

لم أقصد الدكتور هشام قنديل، وإنما قصدت المبدأ

عدد الردود 0

بواسطة:

سحر حجازى الرياض دقهلية

كتر الف خيرك ياقنديل

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد محاريق

الخراب قادم

عدد الردود 0

بواسطة:

محمود

جميل

عدد الردود 0

بواسطة:

مصرى أصيل

يا رب

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة