شرع نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل المحتلة لأراضينا العربية فى حملته الانتخابية بأول دعاية رسمية للناخب الإسرائيلى، بمحاولة فرد عضلاته على الشعب الفلسطينى المقهور من عشرات السنين.
دأب الساسة الأمريكان والصهاينة على كسب أصوات انتخابية فى حملاتهم الدعائية بالمتاجرة بالدم العربى وخاصة الفلسطينى، فالمرشح الأمريكى دائم مخاطبة وجدان الناخب الأمريكى، وخاصة اليهودى منه بتهويد القدس، واعتمادها عاصمة لإسرائيل، ومنحها الحق فى تأديب جيرانها لحماية لشعبها المختار، ومنهم من زايد بإعلانه الحرب المقدسة، مذكراً بالحروب الصليبية، كما فعل "بوش الابن" وعلى دربه كان سيتبعه "رومنى" مروراً بتأييد جميع رؤساء أمريكا المطلق لأفعال إسرائيل، وتعطيل أى قرار لمجلس الأمن، لإدانة تلك الأفعال.
ولا يختلف الوضع فى إسرائيل، حيث دأب الساسة الصهاينة فى كتابة دعايتهم الانتخابية بالدم الفلسطينى بعدوانها المستمر وقصفها الدائم لقطاع غزة المتمرد على التركيع الصهيونى، فضلاً عن سياساته التوسعية فى اغتصاب أراضى جديدة، لبناء مستوطنات يهودية، وبمناسبة اقتراب الانتخابات الإسرائيلية، فكان لزاماً على نتنياهو أن يمارس نفس البلطجة السياسية بقصفه غزة، لكسب الانتخابات فى ظل وعود بتحقيق الأمن للمواطن الإسرائيلى، من خلال قهره للفلسطينين، وهو ما لم ولن يتحقق، حيث فاجأت المقاومة الجميع بإطلاقها صواريخ وصل مداها الى تل أبيب، وهو التطور النوعى الجديد الذى لم تشهده الساحة، حيث لم تجرأ دولة كانت من كانت أن تطلق صاروخاً واحداً على تل أبيب، سوى صدام العراق وناله ما ناله، وهو الأمر الذى نسف نظرية الأمن مقابل الدم التى يعتنقها القادة الصهاينة، فألقى الرعب فى قلوب الإسرائيليين، فاختبئوا فى المراحيض وبادر "نتنياهو وباراك" فى الزحف الى الملاجئ والخنادق، فعن أى أمن يتحدثون ؟!
الجميع يحاول كسب المزيد من النقاط الانتخابية على حساب الدم الفلسطينى، وعلى حساب الأسر التى تذبح بدم بارد بقتل أبنائها، ويتم أطفالها فى ظل الحصار المفروض على قطاع غزة، منذ سنين طال أمدها بالمعاناة وقسوة الحياة بعدما اتفقت الإرادة الدولية على تجويع شعب بأكمله ترضية للكيان الصهيونى، فى ظل مساندة عربية لتنفيذ تلك المخططات بأيدى رؤساء وملوك متخاذلين منبطحين، حماية لكروشهم وعروشهم.
لم يقتصر الهدف الصهيونى عند العملية الانتخابية وفقط، بل امتد لكى يعرف رد فعل الجانب المصرى تحت الحكم الإخوانى، ومعرفة المُستحدث فى ترسانة الصواريخ الغزاوية، إلى جانب اختبار أسلحة إسرائيلية جديدة دأبت الصهاينة على تجربتها فى الشعب الفلسطينى، كما حدث فى حرب 2008.
مصر الثورة اختلف ردها عن ذى قبل، حيث بادر الرئيس مرسى بسحب السفير المصرى من إسرائيل، وهو ما يعنى بالتبعية طرد السفير الإسرائيلى لدى مصر بطريق غير مباشر، ثم زيارة جريئة لرئيس الوزراء المصرى على رأس وفد رفيع المستوى لإعلان التأييد المصرى الكامل لغزة، وفتحاً دائما لمعبر رفح، والسماح للهيئات الإغاثية بإدخال المساعدات الطبية والغذائية، ودعوة مصرية لانعقاد مجلسى الأمن والجامعة العربية، فضلاً عن محادثات مع الأطراف الدولية والمعنية لوقف الغزو.
وإذا استدعينا رد الفعل المصرى من الماضى السحيق فى زمن المخلوع، لنرد على من ردد أن هناك تطابقاً فى الموقفين، نجد أن رد فعل الجانب المصرى فى فترة حكم المخلوع كان دائماً مرهوناً بالإرادة الأمريكية والإسرائيلية، وهى التى كانت دائماً ما تحدد ماهية الرد وكيفيته، كما أنه أُستغل أسوأ إستغلال حيث أعلنت ليفنى، وزيرة الخارجية الإسرائيلية فى 2008 عن بدء الحرب على غزة من فوق الأراضى المصرية، وبجوارها المخلوع فى صفق وتبجح وغباء منقطع النظير.
اكتفى الجانب المصرى فى الماضى الأسود الذى مرغ جباهنا فى وحل التبعية والذل والهوان، بأن يلعب دور الوسيط المحايد، وهو ما يتنافى مع الواقع الجغرافى والتاريخى والدينى الذى كان يستوجب أن نكون فى صف الجانب الفلسطينى مدافعين عنه، وعن العمق الإستراتيجى لحدودنا، بل زاد ليضفى الشرعية المطلوبة على مفاوضات وهمية هزلية ما أتت إلاً بظلم وغطرسة للمعتدى، كما أصر على وقوفه عاجزاً بصمته عن المذابح الإسرائيلية وغزوها الدائم للقطاع، فضلاً عن اعتقال كل من حاول أن يزور القطاع، أو يدخل مساعدات أو حتى يعبر عن رفضه لتلك المذابح فى ظل حالة من الإنفصام عن العالم، انغماساً فى السلطة، ورغبة فى الحفاظ عليها وتوريثها.
تستطيع أن تعود مصر لدورها المحورى فى المنطقة بعدما وضعت قدميها على بداية الطريق، وتستطيع أن تضغط على الجانب الإسرائيلى بفتح معبر رفح، وزيادة التبادل التجارى بيننا وغزة، وأن تضع ضوابط على الأنفاق التى أصبحت أمراً واقعاً لنستفيد منه، بدلاً من أن نخسره، ويكفى أن نعرف أن إسرائيل قد استفادت اقتصادياً وسياسياً من خلال إدخال البضائع إلى غزة فى ظل فرض الحصار الاقتصادى.
كما أن مصر تستطيع الضغط على إسرائيل، من خلال قربها الشديد لغزة، وضرورة الاستفادة من الوضع الراهن بتعديل بنود كامب ديفيد، بما يضمن لنا أن نبسط سيادتنا على سيناء، وتحقيق الأمن فيها، والتلويح بالضغط بإلغاء الكويز التجارية.
آن لمصر أن تعود لدورها الريادى الذى ينتظره العالم العربى والإسلامى، بل العالم كله، فمصر يعرف قدرها العالم أجمًع إلاً أبنائها.
محمود البدرى يكتب: دعاية انتخابية بالدم الفلسطينى
الثلاثاء، 20 نوفمبر 2012 08:27 ص
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة