مصطفى "أبو قلب رقيق وصغير".. حضر للدنيا بعد 7 سنوات زواج ورحل عنه والده بعد عام ونصف من ميلاده فارتدت أمه الأسود 5 سنوات حزنا فأصبحت زوجة قديسة تعتكف على تربيته إلى أن اختطفه من حضنها قطار الصعيد

الإثنين، 19 نوفمبر 2012 12:28 م
مصطفى "أبو قلب رقيق وصغير".. حضر للدنيا بعد 7 سنوات زواج ورحل عنه والده بعد عام ونصف من ميلاده فارتدت أمه الأسود 5 سنوات حزنا فأصبحت زوجة قديسة تعتكف على تربيته إلى أن اختطفه من حضنها قطار الصعيد الطفل برفقة عمه
كتب محمود سعد الدين تصوير محمود حفناوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عندما ترتدى المرأة الصعيدية ثيابا أسود، حزنا على فراق زوجها، وترفض الزواج وهى فى سن صغير وتعكف على تربية ابنها الوحيد، فيخطفه منها قطار الصعيد، إذن أنت تتحدث عن "أم" مصطفى على علام، أبو كف رقيق وصغير.

أبو كف رقيق وصغير، هو لقب أطلقه البعض على "مصطفى" ابن السنوات السبع، وأحد شهداء قطار الصعيد، وحمل علام هذا اللقب لأنه دائما ما كان يداعب عمه، عقب عودته من المعهد الأزهرى، ويتوجه نحوه، وهو يحرك كفيه ويديه قائلا "لو عايز تدخل الجنة، بوط فيا، باللهجة الصعيدية، وبالعامية المصرية "أحضنى"، فيحضنه عمه بكل قوة، فيرد علام أنا بحبك قوى يا عمى، فيرد عمه أنا مش عمك يا واد أنا أبوك".

أبو كف رقيق وصغير حضر إلى الدنيا بعد 7 سنوات من الزواج بين أمه وأبيه، مولده بالنسبة للعائلة كان فرحة كبيرة لأن الأبوين كانا قد فقدا الأمل فى الإنجاب بعد مشقة وعناء التنقل بين الأطباء للكشف بصفة دورية، وبمجرد ولادته أصبح مصطفى "دلوعة المنزل بأكلمه" بحسب وصف عمه، وذلك لأنه الابن الوحيد، غير أن الابن الوحيد لم يفرح ويستمتع ويكبر فى حضن أبيه، لأن الأب فارق الحياة بعد أقل من عامين من ولادة مصطفى، فى حادث على الطريق بشهر رمضان الكريم، وهو قادم من القاهرة قبل أيام من مناقشة رسالة ماجستير، أعدها بجامعة الأزهر الشريف.

منذ ذلك اليوم وتحديدا فى منتصف 2005، ارتدت والدة علام الزى الأسود، حزنا على فراق زوجها وحبيبها، وأخذت عهدا على نفسها بعدم الزواج، رغم حداثة سنها، فهى لا تزد عن 28 عاما، واعتكفت على تربية ابنها الوحيد، كما ينبغى التربية تخليدا لروح وذكرى زوجها، وكانت الخطوة الأولى أن تدفع به للتعليم الأزهرى، لدراسة القرآن الكريم، وعلومه ليسير على نفس درب أبيه.
ما كانت تخطط له الأم تحقق، وأصبح "مصطفى أبو كف رقيق وصغير" لامعا فى السنوات الأولى لدراسته بالمعهد الأزهرى، وحفظ 3 أجزاء من القرآن الكريم بالترتيل والتجويد، بل وبدأ يتنافس فى الحفظ مع الطلاب الأكبر سنا منه فى المعهد الأزهرى، لدرجة أن أحد أساتذته، ويدعى "علبى عبد العاطى"، وهو مدرس قرآن كريم بالمعهد كان يعتمد عليه فى معاونته بالفصل فى ترتيل القرآن، وتحفيظ باقى التلاميذ.

قبل ساعات من وقوع الحادث يرقد مصطفى فى حضن أمه التى لا يتلذذ بالنوم والراحة إلا فى حضنها، ومع صوت أذان الفجر تستيقظ الأم، وتتوضأ وبكل رقة توقظه من نومه لصلاة الفجر، فيستيقظ الطفل ويصلى علام وأمه صلاة الفجر جماعة، ثم يعود إلى حضن أمه مرة ثانية، يستدفئ بها من "لسعة" برودة الصباح .
دقائق ويستعد ليوم دراسى جديد، يرتدى الزى المدرسى ويتناول السندوتشات التى أعدتها له والدته، بينما الأم توجه له النصائح اليوميه "خلى بالك من نفسك يا مصطفى، أوعى تلعب فى الشارع يا علام، ركز فى حفظ القرآن يا علام، عايزينك تشرفنا زى ما أبوك كان مشرفنا يا علام" ويجيب مصطفى "أبو كف رقيق وصغير" ما تقلقيش يا أمى أنا بحب دينى الإسلام وبحب القرآن والقرآن بيحبنى".

صوت أتوبيس المعهد الأزهرى على ناصية الشارع، يخرج مصطفى من المنزل متوجها للأتوبيس ليجلس بجوار باقى أصدقائه من تلامذة المعهد الأزهرى وحفظة القرآن الكريم، ويتوجه الأتوبيس إلى المزلقان، حيث ينتظره القدر وتقع الحادثة ويصل الخبر إلى الأم بأن أتوبيس المعهد "عامل حادثة على الكوبرى" ولم تعرف الأم وقتها أن قطارا اصطدم بالأتوبيس، تجرى الأم بما عليها من ملابس المنزل، وعيناها تدمع بكثافة وفمها لا ينطق سوى بكلمة واحدة "مصطفى، مصطفى، مصطفى".

تصل الأم إلى مزلقان المندرة قبلى، عند مكان الحادث لتفاجأ ببشاعة الحادث، وبأشلاء الأطفال على يمين ويسار قطبان القطار، لم تستطع أن تتحمل فأخذت تصرخ بأعلى صوتها، وتنظر فى الوجوه الملقاة على الأرض، غير أنها لم تجد مصطفى فى مكان الحادث بل تم نقله إلى مستشفى منفلوط جثه هامدة.

الأم كانت تنوى أن تخلع الثوب الأسود فى المستقبل عندما تفرح بإبنها الوحيد، غير أنها لن تخلعه أبدا وواصلت الأسود الذى ارتدته حزنا على زوجها قبل 5 سنوات، بالأسود التى ترتديه حزنا على ابنها الوحيد وفلذة كبدها.

القصة بتفاصيلها تعكس دراما ارتباط الأم بالابن، وما يمثله الابن للأم، فهى كانت تعيش بعد وفاة زوجها فقط لإسعاد ابنها، واليوم اختطف قطار الصعيد ابنها من حضنها.

دراما قصة مصطفى "أبو قلب رقيق وصغير" لم تقف إلى هنا، بل تصل إلى عمه، والذى يصف مصطفى بـ "الحنون"، ويقول كل الناس كانت تعلم مدى الوضع الحساس لمصطفى، ولذلك "لما كنت بقابل أى حد كان بيعزينى لدرجة أن الأب اللى مات له 2 أو 3 كان بيعزينى، رغم هول الموقف عنده، ولأن الجميع يعرف مين مصطفى لعائلته ولأهله".


















مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة