الكلمات غير كافية لوصف الموقف، والحسرة والمرارة تمزق القلوب، على ملائكة اغتالهم قطار أسيوط قبل وصولهم إلى مدارسهم، فاختلطت الدماء ببعضها، وارتفعت الأرواح إلى بارئها تلعن كل شىء تلعن الإهمال والفساد وتقاعس المسئولين الذى أودى بحياتهم.
أتخيل أن أرواح 51 طفلا لقوا مصرعهم فى الحادث الأليم بقرية المندرة بأسيوط على بعد قرابة 450 كيلو متر جنوب القاهرة، تصرخ وهى فى طريقها إلى القبور أرجو ألا توارى أجسادنا المبعثرة فى تحت التراب قبل أن يحاكم المسئولين، أرجوكم لا تقنعوا أهالينا البسطاء بالصعيد بأن مشاكل السكة الحديد من"إرث مبارك" ولا تحملوا "الطرف الثالث" نتائج إهمالكم.
أظن أن أرواح الأطفال الأبرياء تصرخ، مؤكدة أن استقالة وزير النقل وإقالة رئيس السكة الحديد غير كاف، وأن زيارة رئيس الوزراء ووزيرى الداخلية والصحة غير مجدية، وكلمات التعازى والإدانة والشجب باتت طريقة استفزازية لا تسمن ولا تغنى من جوع.
أتخيل أن أراوح شهداء العلم لو عادت إلى الحياة مرة أخرى لرددت على الرئيس محمد مرسى قول عمر بن الخطاب رضى الله عنه عندما قال: "لو أن بغلة عثرت فى العراق لسألنى الله عنها لما لم تمهد لها الطريق يا عمر"، أظن أن أرواح الأطفال الأبرياء تقدم للرئيس هذين المشهدين عندما ذهب "سيادته" بجيش جرار قوامه 12 ألف جندى لحراسته أثناء تأديته لصلاة الجمعة بأسيوط، وذاك المشهد الحزين عندما اغتال القطار أطفالا فى عمر الزهور، وغاب الحارس وغفلت عين "الموظف" فسالت الدماء وارتفعت الصراخ يهتك الصمت الذى خيم على صعيد مصر.
أظن أن أرواح الأطفال الأبرياء ترفض أن يتم تسعيرها بـ5 آلاف جنيه ـ تعويضا ـ لأنه أقل بكثير من سعر "الموبايل"، كما أظن أن هذه الأرواح الطاهرة تلعن هؤلاء الذين رفعوا الإعلام "الحمراء" فى سماء القاهرة ابتهاجا بفوز الأهلى بينما كان اللون "الأحمر" لون دماء الشهداء يلطخ نعوش الموت، أظن أن هذه الأرواح تصرخ الآن مرددة "ارحل يا ريس" فدمائنا مازلت عالقة فى رقبتك.
محمود عبد الراضى يكتب: بأذى ذنب اغتال قطار أسيوط "أحلام الملائكة"
الإثنين، 19 نوفمبر 2012 09:02 م