د. عبد الجواد حجاب يكتب: سيف مصر البتار

الإثنين، 19 نوفمبر 2012 01:11 ص
 د. عبد الجواد حجاب يكتب: سيف مصر البتار علم مصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يوجد فارس بدون سيف ولا توجد دولة فى العالم بدون جيش وهذه الحقيقة عرفها وفهمها محمد على الذى الذى بايعه أعيان مصر وعلى رأسهم عمر مكرم فى عام 1805م ليؤسس مصر الحديثة على أنقاض دولة يحكمها المماليك وينازعهم فى الحكم العثمانيون ويضارب على احتلالها الإنجليز والفرنسيين.

أدرك محمد على أن الدولة لا تقوم لها قائمة ولا يكون لها نفوذ إلا بجيش قوى يخلص البلاد من سيطرة المماليك فى الصعيد والإنجليز فى الإسكندرية.

استعان العثمانيون بجيش مصر للقضاء على الثورة الوهابية التى كادت تسيطر على الحجاز وسيطر على شبه الجزيرة العربية وفى نفس الوقت ضم السودان إلى مصر باعتبارها جزءا متمما وعمقا استراتيجيا لمصر وتأسست دولة مصرية القوية التى استطاعت القضاء على الثورة ضد العثمانيين فى الكريت وقبرص واليونان، وحاول ضم بلاد الشام واليمن وسقطت عكا ودمشق فى أيدى جيش مصر آن ذاك.

أنشأ محمد على مدرسة حربية فى أسوان لإعداد الجنود للحرب انتهت إلى تدريب الآلاف من الجنود من أبناء الفلاحين المصريين الذين استشعروا بالكرامة تحت راية جيش مصر الذى تكونت نواته وازدادت أعداده لتصل إلى أكثر من 150 ألفا من الضباط والجنود.

واستمر محمد على فى تأسيس مدارس عسكرية أخرى فى البلاد ومدرسة لأركان الحرب ومعسكرات للتدريب وترسانة الإسكندرية لبناء السفن. وانطلاقا من مؤسسة مصر العسكرية أنشأ محمد على منظومة تعليمية وأرسل البعثات العلمية إلى أوروبا، وأنشأ مدارس عليا فى الطب والهندسة والزراعة، وعادت الهوية المصرية لجيشها لأول مرة فى التاريخ بعد أن عاش مظلوما ومستبعدا، واصبح لمصر جيش وطنى فاستحق محمد على لقب والد أو مؤسس مصر الحديثة.

تزعم الجيش المصرى الوطنى وعلى رأسه البطل المصرى الأميرالاى أحمد عرابى الثورة التى عرفت باسم الثورة العرابية ضد الخديو توفيق وكانت ثورة على الظلم والطغيان والاستعباد وقال عرابى قولته المشهورة" لقد خلقنا الله أحرارًا، ولم يخلقنا تراثًا أو عقارًا؛ فوالله الذى لا إله إلا هو، لا نُورَّث، ولا نُستعبَد بعد اليوم" واستغلت الدول الاستعمارية حالة الفوضى التى سادت مصر وحققت بريطانيا أطماعها وأحلامها واحتلت مصر.

فى عام 1948م تزعم جيش مصر العرب ضد الصهاينة باعتباره أقوى الجيوش العربية آنذاك وخاض معركة الفالوجا البطولية وساعدته كتائب من الإخوان المسلمين ولكن الضعف السياسى الذى وصل إلى حد الهوان والتفريط والخيانة والأسلحة الفاسدة وأيضا المؤامرات الاستعمارية حالت دون تحقيق النصر وتأسست دولة اليهود وتحقق وعد بلفور الملعون فى إقامة الدولة الصهيونية ومن هنا أدرك شباب الضباط وعلى رأسهم الزعيم جمال عبد الناصر أنه لا نهضة لمصر إلا بإزالة الملكية الفاسدة الخائنة والقضاء على الإقطاع الذى فضل مصالحه على مصالح الوطن وإنهاء الاحتلال الإنجليزى للبلاد.

تحددت الأهداف وانتهى التخطيط من جانب الضباط الأحرار إلى قيام ثورة يوليو العظيمة عام 1952م وساندها الشعب وأحدثت انقلابا اجتماعيا خطيرا فى صالح أبناء الفلاحين والمصريين الفقراء والمعدمين وأعادت التوازن للمجتمع المصرى وطردت الإنجليز وبدأت فى تأسيس الجيش المصرى الوطنى الذى استطاع أن ينهض بالبلاد ويحقق النصر العظيم فى أكتوبر/رمضان عام 1973م بعد معارك وسجالات ومحاولات للقوى الصليبية والصهيونية العالمية لتدمير هذا الجيش والحد من قدراته.

ومرة أخرى يثبت الجيش المصرى وطنيته، التى ترسخت تاريخيا ومنذ تكوينه، وانحيازه للشعب ضد الظلم والطغيان والاستبداد عندما نزل إلى الشوارع ليحمى مكتسبات الشعب ويحمى ثورته الشعبية العظيمة التى قامت فى ميادين التحرير فى 25 يناير.
ألغى مؤسسات الفساد والاستبداد والتزوير وحارب البلطجية والفوضويين وشرع فى تأسيس دولة مصر الحديثة على أسس ديموقراطية حرة وترك الخيار للشعب لأول مرة فى تاريخ هذا الشعب، وضرب مثلا فى الوطنية التى رضعناها فى مؤسساته وتربينا على عقيدته أثناء فترات تأدية الخدمة الوطنية فى ثكناته، وقام بتسليم السلطة لرئيس مدنى منتخب لأول مرة فى تاريخ مصر، قام الجيش بوضع سلطة الحكم فى أيدى اكتسبت شرعيتها من خلال صناديق انتخابية حرة وشفافة وكانت أعظم هدية يقدمها جيش لشعبه معاهدا على أن يحمى هذه الشرعية.

واستمر هذا السيف البتار، جيش مصر الوطنى الذى يتكون من أبناء الفلاحين المصريين وهو المؤسسة الوحيدة التى تعتمد معيار الكفاءة والوطنية فى اختيار أبنائها ولا مكان فيها للرشوة أو المحسوبية أو الطائفية أو نظم الكوتة بجميع أنواعها فقط تعتمد الكفاءة العلمية والبدنية والعقلية لاختيار أبطال المستقبل من أى من كان من أبناء الشعب. وعاد إلى ثكناته ليستعد لمقابلة العدو الصهيونى الجاثم على حدودنا وتساعده القوى الاستعمارية الجديدة وهو الذى وعدهم بكل ثقة بقطع أرجلهم كالسيف البتار إن فكروا فى العدوان. عاد الجيش البطل إلى ثكناته وهو يحمل على كاهله واجب حماية الشرعية المتمثلة فى الإرادة الشعبية من كل من تسول له نفسه حمل السلاح واستخدام العنف وإحداث فوضى تقوض أحلام الشعب فى دولة وطنية ديموقراطية حديثة.

منذ تكوين جيش مصر الوطنى وحتى اليوم والجيش والشعب يدا واحدة وفشل الجميع فى الداخل والخارج فى خلق حالة من العداء بين الشعب وأبنائه فى القوات المسلحة، والتحام الجيش والشعب فى جميع مراحل التاريخ لا ينكره إلا جاحد، وكان هذا الالتحام حجر الزاوية والصخرة الصامدة التى تحطمت عليها أحلام العدو الحقيقى لمصر ولا عدو لمصر إلا الأطماع العنصرية للصهيونية العالمية ومن يساعدها من بقايا الصليبية المتصهينة وبعض ضعاف النفوس، وهم قلة قليلة، من أبناء الوطن بكل أسف فى الداخل والخارج.

بعض الفاشلين من أبناء مصر بكل أسف مهزومون نفسيا وليس أمامهم إلا أن يبيعوا أنفسهم للأعداء وآخرون بقصد لم يجدوا لهم مجالا إلا بإطلاق الشائعات والنكات والسخرية من أبطال مصر وسيفها البتار وآخرون بدون قصد لا يملكون إلا الجهل لينساقوا وراء الحملات الشرسة التى انطلقت بهدف الإهانة والقضاء على الروح المعنوية العالية لجيش مصر الوطنى، وما كل هذا إلا أوهام تعيش فى رءوسهم المريضة بالفشل.

من على هذا المنبر الحر أنحنى احتراما لكل الأبطال وما هم إلا آبائى وإخوانى وأبنائى وإجلالا لوطنيتهم التى عاشوا وماتوا على شرفها فى أيام السلم والحرب فى سبيل رفعة ونهضة مصر.

وأطالب كل وطنى شريف أن يبتعد بالجيش، كمؤسسة وطنية لا تقل عن الازهر الشريف والكنيسة المصرية فى القدسية، عن معادلات التنافس السياسى على السلطة فى وضعنا الديموقراطى الجديد الهائج بين أمواج الثورة المصرية.


أما من يقف فى معسكر الأعداء بقصد أو بدون قصد، بعلم أو بجهل مهما كانت هويته أقول: إقرأ تاريخك وتعلم منه، هذا هو جيش مصر الوطنى هذا هو سيف مصر البتار بدون مزايدة او تفاصيل أو مبالغة، وجنت على نفسها براكش عندما تنضم إلى معسكرات الظلم والاستبداد والفساد والفوضى أو العنف، لأن الشعب المصرى عظيم فى وعيه ويعرف من هو درعه وسيفه، ويعرف تماما من هم خير أجناد الأرض، وعاشت بلادى حرة قوية متحدة ومستقرة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة