أسامة إبراهيم شرف يكتب: بعد أزمة المترو.. مصر تتحول نحو الدولة الفاشلة

الإثنين، 19 نوفمبر 2012 09:14 ص
أسامة إبراهيم شرف يكتب: بعد أزمة المترو.. مصر تتحول نحو الدولة الفاشلة صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إن مصر الثورة كانت تريد رجل دولة بامتياز يعاونه عشرات من الكفاءات المستنيرة للعبور بها لبر الأمان، فمصر فى حاجة لمواجهة المشاكل التى تركها مبارك وتعاظمت بعد الثورة من أجل بناء دولة حديثة قادرة على النهوض.. وتفاءل بعض المصريين بمشروع النهضة الذى طرحته جماعة الإخوان المسلمين كخارطة طريق للعبور من المحنة الحالية التى تشهدها البلاد ولكن مع مرور الوقت لم يجد المصريون أى خطوط لا عريضة ولا تفصيلية لهذا المشروع والذى بدا كوهم خيالى فى رءوس من تحدثوا عنه.

فحكومة مصر حالياً تفتقد لمشروع إعادة البناء الذى يحقق آمال شعبها والمصيبة الأعظم أنها تفتقد من ينفذ هذا المشروع فالحكومة ووزراؤها ليسوا على المستوى المطلوب، وتتجه مصر نحو مفهوم الدولة الفاشلة وهى الدولة التى تعجز عن القيام بدورها كمجسدة لإرادة شعبها وراعية لمصالحها وسط تآكل السلطة الشرعية وعدم القدرة على توفير قدر معقول من الخدمات العامة.

فالحكومة فشلت ورسبت إدارياً بكل المقاييس، فأظهرت أزمة الإضراب الأخيرة لعمال مترو الأنفاق مدى حالة التخبط الذى تعانى منه الحكومة المصرية ورئيس وزرائها، فالمترو مرفق حيوى للغاية فى القاهرة-بالصورة التى وصفه البعض من خلالها بأنه هو الإنجاز الوحيد للرئيس السابق خلال ثلاثين عاماً- خاصة فى ظل الازدحام الذى تعانى منه العاصمة فى ظل وجود المترو فما بالنا بغيابه!، ولكن من خلال بعض الملاحظات على هذه الأزمة وطريقة تعامل الحكومة والمسئولين معها نجد أن:

أولاً: قيام العمال بالتحذير بالإضراب وتحديد موعد مسبق له بأسبوع وسط حالة من التجاهل واللامبالاة من قبل المسئولين.
ثانياً: كان أداء الحكومة الإدارى فى هذه الأزمة قريبا للغاية من أداء حكومات نظيف وعبيد، حيث غاب مفهوم إدارة الأزمات عن حكومة الدكتور قنديل، فكانت الأزمة إدارية وليست مالية أى فى اختصاص الحكومة، وبذلك نلتمس لها العذر مالياً ورغم ذلك فهى قادرة مالياً أو إدارياً.
ثالثاً: ضياع هيبة الدولة ووجودها من خلال استجابة وزير النقل وإقالة رئيس هيئة الانفاق، على الرغم من أن ذات الوزير أثنى على الرجل مرات عديدة وأكد أنه باق فى منصبه.
رابعاً: ما زالت الحكومة تعتمد على أسلوب رد الفعل، كما أن أسلوب رد فعلها اتسم بالبطىء الشديد، فهى لا تستجيب إلا بالعين الحمراء، وهذا سلوك الحكومات الضعيفة.

لقد كانت أزمة مترو الأنفاق مجرد صورة تعبيرية عن الحكومة الحالية ورئيس وزرائها المعين من قبل الدكتور مرسى، فالحكومة يدها مرتعشة فى اتخاذ القرارات الحاسمة والصحيحة، وتتشبث بقرارات يرى الكثير فيها أن أضرارها أكثر من فوائدها على غرار غلق المحال الذى تريد الحكومة أن تحارب المجتمع من أجل تطبيقه.

يأتى ذلك وسط الإصرار العجيب والغريب من قبل الحكومة على هذا القرار ولم نجد من الحكومة نفس الإصرار فى مواجهة أزمة الإضرابات وغياب الأمن الذى ذهب ولم يعد وارتفاع الأسعار الذى يذبح المصريين وانتظام العمل فى المؤسسات الحكومية، والتى أصبحت مصدر عذاب للمواطن صاحب المصلحة حالياً.
وخرجت أزمة حوادث القطارات لتعيدنا إلى ماضى مبارك، ومع زحف بقعة الزيت التى تسربت فى النيل وانتقلت من جنوب مصر لشمالها وسط حالة من الذهول والهروب من المسئولية من قبل حكومة قنديل ومسؤليها كأنهم وزراء وحكومة دولة جيبوتى! فرئيس الوزراء الحالى ورغم كونه مهندسا متخصصا فى إدارة شئون المياه ووزير الموارد المائية السابق ورغم انتقال رفقائه معه من الوزراة لمجلس الوزراء -وتحولت الحكومة لحكومة موارد مياه- إلا أن الحكومة فشلت فى إدارة الأزمة، واتبعت سياسة الهروب للأمام.

وعليه فبعد الأزمات الإدارية المتلاحقة والفشل الإدارى للحكومة وغياب مفهوم إدارة الأزمة لدينا فإن الفترة الراهنة تتطلب إما أن تقوم الحكومة بمجهود أكبر، لأن الحكومة الحالية لا تصلح فى ظروف طبيعية، فما بالنا بفترة انتقالية عصيبة مثل هذه، أو أن تتقدم الحكومة باستقالتها وهذا ليس عيبا أن تتراجع عندما تجد نفسك غير قادر على العطاء، وتترك الفرصة لأى طرف آخر لإدارة البلاد، فالجميع متأكد من وطنية الحكومة الحالية ورجالها، ومن الوطنية أن يكون الوطن نصب أعيننا وتكون مصلحته هى العليا.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة