(الأم مدرسة إذا أعددتها...أعددت شعباً طيب الأعراق)، أدركنا جميعاً منذ نعومة أظافرنا أهمية دور الأم فى تكوين الأسرة ودورها الفعال فى غرس المبادئ والقيم الإنسانية للأبناء، فالأسرة أساس المجتمع وهى اللبنة الأولى فى تكوينه، وفى صلاحها وتمسكها بالمبادئ الأساسية وعاداتنا وتقاليدنا التى حافظنا عليها على مر العصور خير وصلاح للمجتمع.
وقد عاشت أمهاتنا قديما بفطرة سليمة لم تلوث بثقافات دخيلة وأفكار غريبة على مجتمعنا الشرقى، وتعاقبت أجيال تعى الحياة وتدرك مغزاها فأقامت دينها وحفظت مبادئها وقيمها وأدركت معنى الأسرة فتوطدت العلاقات الاجتماعية وزادت أواصر الحب والمودة، فالأم تحتضن الأسرة وتغرس القيم وتعلى روابط المحبة، والأب قائم على أسرته يحافظ عليها ويكد ويشقى لتوفير متطلباتها وتلبية احتياجاتها، والأبناء فى طاعة وترابط وتلاحم، فعاشت أسرنا مترابطة متحابة وظل مجتمعنا بخير.
دارت الأيام واختلف الزمان وانفتح العالم شرقه على غربه وتداخلت القيم واهتزت المبادئ واحتلت الفضائيات دور الأبوين معا، وباتت تبث سمومها وتقاليدها الغربية تارة وأفكارها المشوهة تارة أخرى، وتخلى الآباء طوعاً أو كرهاً عن دورهم وشغلتهم هموم الحياة والسعى وراء لقمة العيش عن متابعة أبنائهم وتربية نشئهم وخرج الأبناء من عباءة الأسرة تلفهم دنيا الفضائيات والنت ليعيشوا فى عالم غير عالمهم ودنيا فسيحة تختلف عن واقعهم ولم يجدوا من يرشدهم ويظهر لهم الصالح والطالح، فاستفاد القليل وأدرك منافعها والكثير من أبنائنا استهوته مفاسدها فبات فى عالم غير عالمه ودنيا ليست بدنياه، فانفصل شبابنا عن أسرهم ومجتمعهم وباتت نواة المجتمع فى خطر فالأسرة هى الأساس إن صلحت صلح المجتمع وإن "طلحت" فسد المجتمع.
وانتشرت الفوضى والبلطجة بمجتمعنا واهتزت القيم وانعدمت النخوة وتغيرت السلوكيات وأصبح مجتمعنا غريب علينا ففقد شرقيته وتقلد بالغرب وبهت لونه وشوهت شخصيته، فبات مسخاً ليس له هوية وضاع فيه الإنسان، وتلاشت الرؤى والحلم للمستقبل فى ظل انعدام القدوة والأمل وغياب دور المجتمع وعلمائه فى التوجيه السليم، وباتت أسرنا فى مهب الريح تلهو بها الأيام وتتقاذفها الأمواج فلا يوجد ملاح يسيطر ولا ربان يوجه السفينة وتحولت الأسرة إلى قنبلة موقوتة تهدد المجتمع بأسره.
وإذا كانت الأم أساس المجتمع فلنبحث عن مشاكل المرأة فى مجتمعنا ولماذا أفلت من يدها زمام الأمور، وكذلك الصعوبات التى تحيط بالأسرة المصرية وأثرها على علاقة الرجل والمرأة وانجراف الآباء مع أمواج وتيارات الحياة المتلاطمة والإهمال الأسرى للأبناء وضياعهم فى زخم الحياة، والخلل الاجتماعى الذى أفرز الكثير من المشاكل التى باتت أسرنا المصرية تعانى آثارها، وأخذ الكثير منها شكل الظواهر المرضية المنتشرة فى مجتمعنا.
وفى زخم الحياة التى نحياها والمخاطر التى تهدد الأسرة المصرية وانعكاس ذلك على مجتمعنا فلا مناص من أن نتساءل أين دور علماء الاجتماع والنفس والجمعيات المدنية المنوط بها العمل على وضع حلول لما يعانيه مجتمعنا، والعمل على لم شمل الأسرة المصرية والعودة بها إلى الترابط والتلاحم حتى نحمى أسرنا من المخاطر التى تحيط بها وتكاد تعصف بمجتمعنا المصرى، فيجب أن نتكاتف جميعاً ونعمل على إعادة روح الأسرة وإلا فلننتظر كارثة اجتماعية بدت بوادرها بانتشار البلطجة، والبطالة، والتحرش وغير ذلك من المشكلات التى لم نعتدها بمجتمعنا.
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
منى خلف
ألم وأمل