قال الدكتور طاهر مختار، عضو اللجنة العامة لإضراب الأطباء، والمتحدث الإعلامى باسم مجلس نقابة أطباء الإسكندرية، إن حادث منفلوط كشف أن الإهمال لم يصل وزارة النقل والمواصلات، وحدها بل إن وزارة الصحة نصيبها منه ربما يتجاوز وزارة النقل.
وأضاف "طاهر" فى بيان له اليوم الأحد، إذا كان هناك إهمال فى مزلقان القطار، فإن وزارة الصحة إهمالها مركب ومتعدد، بدءا من تأخر وصول سيارات الإسعاف، لما يقرب من ساعتين من وقوع الحادث، وعندما وصلت سيارات الإسعاف كانت غير مجهزة ، ثم عندما ذهب الضحايا إلى مستشفى منفلوط العام، لم يتوافر الطاقم الطبى المجهز الذى يتلاءم مع مثل هذا الحادث، ولا كانت هناك خطة طوارئ طبية مجهزة للتعامل مع مثل هذه الحالات، أما الأدوية والمستلزمات فكان هناك عجز شديد بها وعلى رأسها أمبولات بيكربونات الصوديوم الضرورية جدا للتعامل مع الحالات الطارئة وحالات العناية المركزة التى تعانى من حموضة الدم الخطيرة التى تهدد الحياة ، مشيرا إلى أن هذه الأمبولات يوجد بها عجز شديد وتكاد تكون غير متوفرة فى كل مستشفيات الجمهورية الحكومية والتأمين الصحى والمستشفيات الجامعية منذ أكثر من 6 أشهر.
وأرجع فشل المنظومة الصحية والإهمال المتكرر فيها لضعف الإمكانيات وضعف الإنفاق الحكومى، الأمر الذى يؤدى إلى ضحايا ووفيات على مستوى الجمهورية، أكبر بكثير مما سببه حادث القطار، ولكنهم يبقون ضحايا مجهولين، لا يعرف بهم غير الأطباء الذين حاولوا إنقاذهم، فى لحظات حياتهم الفارقة، ولكنهم لم يستطيعوا بسبب نقص الإمكانيات والأدوية والأجهزة والمستلزمات.
وقال:" كم من مريض مات وكان يمكن إنقاذه لو كان هناك سرير عناية أو جهاز تنفس صناعى، وكم من مريض مات دون محاولة إنعاش قلبى رئوى حقيقى بسبب عدم وجود الأدرينالين، وأمبولات بيكربونات الصوديوم والأدرينالين رغم أهميتهما الشديدة لإنقاذ المرضى فإن هناك عجزا شديدا بهما منذ فترة كبيرة، وهو ما يبلور الفشل التام لمنظومة الصحة المصرية التى لم تستطع توفير أدوية أساسية رخيصة الثمن لا يتجاوز ثمن الأمبول منها جنيها واحدا ولكنه غير متوفر، وكم من مريض توفى وكان يمكن إنقاذه لو توفر أمبول قيمته جنيه واحد".
وأضاف :"إضراب أطباء مصر وصل إلى يومه الـ48، ورغم أنه يبرز سلبيات وزارة الصحة المصرية لإصلاحها إلا أن تجاهل المسئولين مازال مستمرا، ليصبح الإهمال الصحى ليس مجرد إهمال عادى، بل هو إهمال وفساد متعمد فى ظل تعدد النداءات للمسئولين لإنقاذ المواطنين المصريين من المصير المحتوم الذى يلاقونه فى مستشفيات الجمهورية.
وأكد "طاهر" أن صوت أطباء مصر بح وهم ينادون بإصلاح منظومة الصحة من خلال رفع ميزانية الصحة لحد أدنى 15% من ميزانية الدولة ، وكان آخر ما يتمنون اللجوء له هو الإضراب ، ولكن إنسانيتهم رغم ذلك حتمت عليهم أن يكون إضرابهم جزئيا لا يشمل الطوارئ ولا العناية المركزة ولا الحضانات ولا الغسيل الكلوى ولا الأورام ولا غيرها من الحالات الحرجة، ولكن الحكومة لم تكتف بعدم توفير الخدمات غير العاجلة للمرضى بل أهملت أيضا فى توفير الأدوية والمستلزمات والتجهيزات اللازمة للتعامل مع الحالات الطارئة وهو ما يمثل إضرابا حقيقيا من قبل الدولة عن علاج المرضى فى حالاتهم الحرجة لتحول الدولة من مجرد دولة مهملة إلى دولة قاتلة مع سبق الإصرار والترصد فى ظل صرخات الأطباء لإصلاح منظومة الصحة.
وقال عضو اللجنة العامة لإضراب الأطباء:"كنت أتعجب من عدم استجابة الدولة لمطالب الإضراب، ومن إصرارها على بقاء منظومة الصحة فى وضعها الفاسد الحالى، ولكن اليوم بعد أن علمت أنها سوف تصرف للضحايا 4000 جنيه لكل قتيل، تفهمت جيدا لماذا لا تهتم بصحة المواطنين ولا حياتهم ، ليست قلة الإمكانيات المزعومة هى السبب فهناك أموال توزع على من هم فى السلطة، ولكن السبب الحقيقى أن هذه هى قيمة المواطن الحقيقية عند النظام ، هذا هو ثمن الإنسان عند الدولة، فهل من المعقول أن تنفق الدولة على منظومة الصحة كما يطلب الأطباء وسعر الإنسان لا يتجاوز 4000 جنيه، مضيفا: "كنت أتصور أن إضراب الأطباء سوف يدفع الدولة للارتقاء بمنظومة الصحة لتقديم الخدمة الصحية التى يستحقها المواطن بعد الثورة وكنت أتساءل ماذا أهم من صحة المصريين؟! اليوم عرفت أن المعركة الحقيقية هى أن تعرف الدولة أن للإنسان قيمة لا تقدر بثمن ، هذه هى معركتنا الحقيقية، سوف لن نستسلم، وسوف نخوضها حتى النهاية حتى إن ظلت الدولة تنظر لنا كصفر على يسار الاستثمار الذى تضع الدولة كل الأصفار على يمينه حتى تدخل المليارات فى جيوب رجال الأعمال ، وسوف ننتصر".
العليا لإضراب الأطباء: إهمال وزارة الصحة يسبب وفيات أشد من قطار أسيوط
الأحد، 18 نوفمبر 2012 11:41 ص