عبد الحميد عمران

الصراع العربى الإسرائيلى وفن إدارة الأزمات

الجمعة، 16 نوفمبر 2012 08:28 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل يمكن للعقل العربى بمعطياته الحالية.. إدارة أزمات الصراع العربى الإسرائيلى المتكررة؟ تساؤل يلح علىّ .. مما دفعنى إلى دراسة وتحليل أسلوب الشعوب والحكومات العربية الذى تتبعه فى إدارة أزمات الصراع العربى الإسرائيلى، وهو ما يبنى أساسا على أحد العلوم الحديثة المتخصصة يدرس فى الأكاديميات العالمية والمحلية ويسمى بحوث العمليات، يعتمد على التحليل العلمى للأزمات وإيجاد الحلول لها.

قد يكون ما أكتبه مخالفا لقناعاتى .. ولكنى أرى لزاما علىّ أن أكتبه.. فقد آن الأوان لأن يتحمل أحدنا مسئولية صفع الأمة العربية صفعة قوية على الوجه لكى تفيق من غيبوبتها الذاتية الطويلة التى وضعت نفسها فيها لما يقرب من الأربعين عاما .

لقد آن الأوان متأخرا جدا لكى يدرك العرب حكاما وشعوبا أن إسرائيل هى حقيقة واقعة أرضا وشعبا، وأنها ليست طفرة سياسية أو ديموجرافية.. أو ورما سرطانيا، كما ادعينا طويلا يمكن استئصالها بسهولة، إن لم يكن يستحيل استئصالها، على الأقل بالنسبة للعرب وعلى الأقل فى الوقت الحالى.

تبدأ سلسلة الأخطاء المتراكبة فى إدارة الصراع العربى الإسرائيلى التى أوصلتنا إلى حالة التحجر العقلى والسبات القومى الذى نعيشه الآن إلى ما يقرب من 65 عاما مضت عندما صدر قرار الأمم المتحدة رقم 181 عام 1947 بتقسيم أرض فلسطين المحتلة فى ذاك الوقت بالقوات البريطانية مناصفة بين الطرفين المتنازعين العرب والإسرائيليين، وكان نص القرار كالآتى:
قرار الجمعية العامة التابعة لهيئة الأمم المتحدة رقم 181 الصادر بتاريخ 29 نوفمبر 1947 .. بعد التصويت (33 مع، 13 ضد، 10 ممتنع) إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وتقسيم أراضيها إلى 3 كيانات جديدة، أى تأسيس دولة عربية وأخرى يهودية وأن تقع مدينتا القدس وبيت لحم فى منطقة خاصة تحت الوصاية الدولية، وقد أرفق بالقرار خارطة التقسيم والحدود بين الدول والمناطق.

قبلت إسرائيل القرار ولم يقبله العرب – رغم أنهم لم يكونوا يملكون أى مقدرة قتالية على الأرض تبرر هذا الرفض أو الاستمرار فى القتال.. فلنسجل هنا هذا التناقض فى التفكير العربى لأنه سيظل متكررا بصور مختلفة طوال عقود الصراع وملخصه هو.. أنت فى موقف لا تملك المقدرة على الانتصار أو حتى الاستمرار فى القتال ولكنك ترفض ما يضع حداً للحرب.. أين العقل فى هذا؟

أعقب ذلك قيام ثلاث حروب عربية إسرائيلية، لن أتوقف عند تفاصيلها فهى لا تعنينى قدر ما تعنينى نتائجها ومدلولات هذه النتائج، قامت إسرائيل ببدء الهجوم فى اثنين منهما عام 1956 وعام 1967 وتمكنت فيهما من هزيمة العرب مجتمعين وقضمت المزيد من الأراضى الفلسطينية فى الضفة الغربية وقطاع غزة، والمصرية فى سيناء، والسورية فى هضبة الجولان .

وقامت مصر ببدء الهجوم فى آخر هذه الثلاثية عام 1973 حرب أكتوبر، حيث تمكنت خلالها وبعدها- بتوليفة عسكرية سياسية مشروطة- من استرداد أراضيها التى سبق لإسرائيل الاستيلاء عليها فى الحروب السابقة، وبقيت الأراضى الفلسطينية والسورية محتلة فى أيدى إسرائيل لما يقرب من أربعين عاما، ولم يتمكن الفلسطينيون والسوريون من استعادتها حتى اليوم نتيجة تطبيق نفس القاعدة.. ويعود السؤال مرة أخرى.. إذا كنت لا تملك المقدرة على الانتصار أو حتى الاستمرار فى القتال فلماذا ترفض ما يضع حداً للحرب.. أين العقل فى هذا؟

ليس معنى كلامى هو التسليم للإسرائيليين وتركهم يذهبون بما اغتصبوه فلا مانع عندى من الاستمرار فى معاداة إسرائيل ومحاربتها لاستعادة ما اغتصبوه إذا كنا نملك الإمكانيات لذلك، ولكنه دعوة لإعمال العقل وإجراء حسابات المكسب والخسارة قبل التورط فى مواجهات تزيدنا خسارة على خسارة يديرها زعماء يقيمون فى الفنادق والقصور، ولا يشمون رائحة البارود ولا يلمسون لزوجة الدم ولا يفقدون ابنا ولا زوجا.. ولا يعنيهم سوى مكاسب سياسية وإعلامية حتى إن أحد زعمائهم وهو عزت الرشق الذى يقيم فى مكان آخر غير فلسطين صرح بالأمس بأنه لا بد من الرد على العدوان الإسرائيلى، وأنه لن يسمح لإسرائيل بتسجيل نقطة عليهم.. نقطة.. الدمار ودماء الشهداء واليتامى والثكالى والأرامل حتى لا تسجل إسرائيل عليهم نقطة؟ حسبنا الله ونعم الوكيل، ما أدعو إليه هو قصر العمليات العسكرية على الأوقات التى يتوافر فيها التوازن واحتمالات النصر، وحتى يتحقق ذلك يجب الأخذ بباقى مكونات الصراع من النواحى السياسية والاقتصادية والعلمية والمجتمعية.

أعود إلى السؤال، هل يمكن للفكر العربى الحالى مجتمعا، وضع حد للقتال والدمار والدماء التى تسيل فى غزة اليوم.. إذا كان يدير الأزمة العربية الإسرائيلية بنفس المنطق ونفس الأسلوب؟





مشاركة




التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد

جملة مفيدة

عدد الردود 0

بواسطة:

هشام - المانيا

هواه سياسه

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة