أجمعت الصحف الأمريكية الصادرة اليوم، الجمعة، على أن التصعيد الإسرائيلى على قطاع غزة يمثل اختبارا دبلوماسيا مهما للرئيس محمد مرسى وجماعة الإخوان المسلمين فى مصر.
كما قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن الصراع بين إسرائيل والمسلحين فى قطاع غزة يمثل أول اختبار مهم للرئيس مرسى، فى الوقت الذى يسعى فيه إلى التوازن بين العلاقات الوثيقة مع الحكام الإسلاميين فى غزة واحترام اتفاقية السلام التى وقعتها مع مع إسرائيل منذ أكثر من 30 عاما.
وأضافت الصحيفة أنه برغم اللهجة التى بدت أكثر غضبا وتحديا من جانب القاهرة إزاء إسرائيل أكثر مما كان عليه الحال فى السابق، إلا أن القادة السياسيين والمحللين قالوا إن مرسى يسير على خط رفيع، فى محاولة التوازن مع الإحساس بالمسئولية عن الناخبين المصريين الذين يريدون الحفاظ على الاستقرار على الحدود التى لا تزال متقلبة.
وباعتباره أول رئيس منتخب فى مصر، فإن مرسى يتصدى لتحدى يتمثل فى تمييز حكومته عن نظام الرئيس السابق حسنى مبارك، الذى كان ينظر إليه على نطاق واسع بأنه تابع للمصالح الإسرائيلية والأمريكية فى المنطقة.
وأشارت الصحيفة إلى أن مرسى من جماعة الإخوان المسلمين، وهى الجماعة التى تحكم قطاع غزة، وقد دعت كل الأحزاب السياسية والنشطاء ووسائل الإعلام مرسى أمس، الخميس، إلى رسم طريق جديد مع الدولة العبرية التى ظلت فى سلام بارد مع مصر منذ عام 1979، وبعض السياسيين بمن فيهم أعضاء فى جماعة الإخوان المسلمين دعوا مرسى إلى قطع العلاقات معها.
وأشارت الصحيفة إلى أن التصعيد فى غزة يأتى فى مرحلة حرجة بالنسبة لمصر، فى الوقت الذى تتجه فيه نحو التصديق على الدستور الجديد، وتسعى للحصول على قرض صندوق النقد لإحياء اقتصادها المدمر للغاية.
ولفتت واشنطن بوست إلى أن قطع العلاقات مع إسرائيل سيضع العلاقات المصرية الضعيفة بالفعل مع الولايات المتحدة على أرضية مهزوزة، ويمكن أن يهدد المساعدات السنوية التى تتلقاها مصر من واشنطن، وتقدر بمليارى دولار.
ونقلت الصحيفة عن دينيس روس، المبعوث الأمريكى السابق للشرق الأوسط والمستشار الحالى لمعهد واشنطن، قوله إنه بينما تحاول مصر إظهار التضامن مع حماس، فإن آخر ما تريده أو تحتاجه هو صراع كبير فى غزة.. وأضاف محذرا: ما لم يتحرك "المصريون" لإرجاع حماس، فإن الأمر ربما ينتهى بدفعهم ثمنا غاليا فيما يتعلق بالمساعدات التى يحصلون عليها من الخارج. فهل تنتصر أيديولوجيتهم على احتياجاتهم الاقتصادية.
كما تشير الصحيفة إلى أن مرسى فى حاجة أيضا للحفاظ على مصداقية حكومته، فيما ينظر إليه كاختبار لم يأمل كثير من العرب أن يصبح محاولة أكبر لتأسيس حكومات إسلامية فاعلة لتخلف الأنظمة العسكرية العلمانية التى تمت الإطاحة بها العام الماضى فى الربيع العربى.
ونقلت الصحيفة عن نادر بكار، المتحدث باسم حزب النور السلفى، قوله إن الكثير سيتساءلون ما التغييرات الكبيرة بين حكومة مرسى والنظام السابق.. وكثير من الناس هنا مع الفلسطينيين، ويريدون أن يساعدونهم بأى شكل. لذلك فمن الصعب عليه إقناع الناس بأن تلك الخطوات كافية.
من ناحية أخرى، قالت وكالة أسوشيتدبرس، إن إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما تناضل للتعامل مع أكبر أحداث عنف بين الفلسطينيين وإسرائيل منذ أربع سنوات، وهى غيرة قادرة على أن تطلب حليفها القديم، الرئيس السابق حسنى بارك للتفاوض على إنهاء الهجمات الصاروخية على الدولة العبرية. وبدلا من ذلك اعتمدت الإدارة على رئيس مصر الإسلامى الذى لم يختبر بعد، والذى هو عضو فى جماعة الإخوان المسلمين مثل حكام غزة.
واعتبرت الوكالة أن هذا التحدى يظهر ضعف النفوذ الأمريكى منذ قيام الربيع العربى، وإحلال الحركات الإسلامية محل الرجال العلمانيين الأقوياء الذين كانوا حلفاء لأمريكا خلال العامين الماضيين. وأشارت الوكالة إلى أن هذا التغيير هز المؤسسات المعنية بوضع استراتيجية الأمن لقومى الأمريكى فى الشرق الأوسط، والتأثير الأكبر لذلك يتجلى فى مصر التى طالما كانت شريكة لواشنطن فى عهد مبارك وكبار ضباط جيشه فى جهود الوساطة بين إسرائيل والفلسطينيين، إلا أنها تواجه الآن دبلوماسية أكثر صعبة مع مرسى.
وتابعت الوكالة قائلة إن المحادثة الهاتفية التى أجراها الرئيس باراك أوباما مع محمد مرسى تم الحديث عنها بشكل مختلف. فبينما قال المتحدث باسم البيت الأبيض إن أوباما تحدث عن دور مصر المركزى فى الحفاظ على الأمن الإقليمى، مع التأكيد على أن أوباما أدان إطلاق صاريخ من غزة على إسرائيل، وأيد حق الدولة العبرية فى الدفاع عن نفسها. فإن مرسى قال إنه أخبر أوباما أن إسرائيل يجب أن توقف هجومها، ولا يجب أن يتكرر، وأنه اتفق مع أوباما على أن مصر والولايات المتحدة ستعملان معا لمنع أى تصعيد أو استمرار للعنف، وكان مرسى يقصد العنف لعمل العسكرى الإسرائيلى.
ووصفت أسوشيتدبرس تصريحات مرسى فى تلك القضية بأنها لا توحى بكثير من الثقة. ويقول المسئولون الأمريكيون إنهم يشعرون بالارتباك من الرسائل الآتية منهن، لكنهم لا يزالون يأملون أن تحاول حكومته إقناع قادة حماس فى غزة بضرورة وقف إطلاق النار.
من جانبها، اعتبرت صحيفة نيويورك تايمز أن الصراع المتصاعد فى غزة قد واجه الرئيس مرسى باختبار موجع لالتزاماته إزاء حماس وإزاء اتفاقية السلام مع إسرائيل. وأضافت أنه مع احتمالات مزيد من التصعيد، فإن الرئيس مرسى يجد نفسه فى مأزق شديد، فباعتباره أول رئيس منتخب فى مصر، فإنه يواجه مطالب شعبية بقطيعة جذرية مع مواقف سابقه حسنى مبارك فى الهجوم الإسرائيلى على غزة عام 2009، لكن فى الوقت نفسه هو بحاجة ماسة إلى الحفاظ على استقرار السلام البارد مع إسرائيل من أجل تأمين المساعدات الغربية وإنعاش الاقتصاد.
ويبدو أن كلا الجانبين، اللذين يدركان مدى انقسام الموالين له، يختبرونه. فحماس تضغط من أجل أن ترى مدى الدعم الذى يمكن أن تحصل عليه من شقيقتها الإيديولوجية الأكبر. والقيادة المحافظة فى إسرائيل تبدو عازمة على التحقق من عمق الالتزام الذى أعلنه مرسى مرارا بالسلام معها أيضا.
ونقلت نيويورك تايمز عن البروفيسور إفريم إنبار، مدير مركز السادات بيجين بجامعة بار إيلان الإسرئيلية قوله، إن الإسرائيليين يختبرون المصريين، والأمريكيين مع إسرائيل ضد حماس، ويبدو واضحا أن مرسى يؤيد حماس وليس الدولة العبرية.
من ناحية أخرى، قال عماد شاهين، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، إن مرسى يفعل كل ما بوسعه من أجل الحفاظ على الالتزامات القانونية لمصر فى علاقتها مع إسرائيل، مشيرا إلى أن تحرك مرسى السريع يمكن أن يمكنه من الابتعاد عن المطالب الحتمية لمصر بأن تذهب إلى أبعد من ذلك. ومع ذلك، فإن الغضب الشعبى يمكن أن يزداد خاصة لو بادرت إسرائيل بغزو غزة.
الصحف الأمريكية: مرسى يواجه اختبارا دبلوماسيا كبيرا.. الرئيس يحاول التوازن بين التزام مصر بالسلام والعلاقات مع حماس.. دينيس روس:موقف القاهرة قد يهدد المساعدات الخارجية.. حماس وإسرائيل تضغطان على مرسى
الجمعة، 16 نوفمبر 2012 11:09 ص