قرأت بترا كروسل "شهادات الراحل وتمان"، التى تعرض فيها شهادات ورسائل والدها المهندس وتمان، الذى عاش فى الشارقة فى ستينات القرن الماضى، ومات فيها عام 1968، فى ندوة خصصت لذلك ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولى للكتاب فى دورته الحادية والثلاثين.
وأدار الندوة الدكتور عمر عبد العزيز، رئيس قسم الدراسات والأبحاث فى دائرة الثقافة والإعلام، الذى أوضح أن "الكتاب يؤرخ للشارقة أو لمرحلة من تاريخها بشهادة من المهندس وتمان، ويعتبر صورة فوتوغرافية ونادرة لا تخلو من الحنين إلى الماضى، وتتضمن شهادات مهمة عن تلك الأيام، خصوصاً أن "وتمان" أسهم فى بدايات تشكيل البنية التحتية فى الشارقة، وهو وثيقة من وثائق التدوين فيها عبقرية التفاصيل".
كما كتب فى مقدمة الكتاب، أن كتاب بترا يعتبر شهادات على الأيام الأولى فى نهضة إمارة الشارقة، إنها شهادات بيرنارد وتمان، المهندس الألمانى الذى تجول فى مرابع الشارقة، وأسهم فى تباشير تحولاتها، وخط مع زملائه دروب المروج الخُضر، ليكون شاهداً على الحال، رائياً لما بعد، ثم خط بقلمه سطوراً مضيئة عن المكان وأهله والزمان ومتوالياته.
وبدورها، تحدثت بترا كروسل بداية عن أول رسالة وصلت من والدها لها ولوالدتها، حيث كتب لهما إنه أتى إلى الجنة، وأنه وصل إلى "المكان الذى سنعود كلنا له ونقضى بقية عمرنا فيه"، مشيرة إلى أنه "مات فى الشارقة بسبب أزمة قلبية". ولفتت إلى أن المهندس وتمان كان مسئولاً عن مشروع ميناء خالد، حيث أقام فى الشارقة بين عامى 1964 و1968 إلى أن اكتمل المشروع، وكان يداوم على كتابة الرسائل إلى زوجته وابنته فى ألمانيا، وبعدما التحقت به زوجته فى الشارقة، تولت هى كتابة الرسائل إلى ابنتهما بترا قبل أن تلتحق الأخيرة بهما أيضاً. موضحة أن "والدى كان يكتب بطريقة متخصصة ودقيقة، حيث يشرح لنا كل صغيرة وكبيرة فى عمله وتفاصيله وفى مختلف شئون وجوانب الحياة".
ولفتت إلى أنه "عندما جاء والدى إلى الشارقة لم تكن لديه الرغبة فى العيش والعمل فى الدول العربية، خصوصاً أنه سبق أن زار كردستان العراق قبل الشارقة"، وقالت إن "أول زيارة لوالدى للشارقة كانت فى أغسطس وهو شهر حار جداً، وليس الشهر المناسب لزيارة الإمارات"، ولفتت إلى أن "بعض الرسائل التى أرسلتها لوالدى لم تصله لأنه كان هناك خطأ بسيط فى العنوان الذى أكتبه، وقد انبنى على ارتكابى ذلك الخطأ البسيط فى العنوان أن حرمه الرسائل فترة من الزمن".
وتحدثت بترا عن بدايات عمل والدها فى تأسيس ميناء خالد والرصيف البحرى، مشيرة إلى أنه "كان يحدثنا برسائله عن مختلف التفاصيل اليومية والعملية والمهنية، بالإضافة إلى وصفه مختلف تفاصيل الحياة اليومية"، وأضافت: "بالنسبة له كانت الشارقة هى الجنة، وكان يُرغبنا بها وكذلك والدتى فيما بعد". وقالت: "جاء المهندس وتمان إلى المنطقة، وهو يسمع عن ساحل القراصنة، لكنه فى أول رسالة يبعث بها إلى زوجته كتب مستهجناً: بدأت أسأل نفسى، ما هذا الحديث عن القراصنة، وأين يوجدون، هذا ما سأكتشفه وأقف على حقيقته، وفى ختام الرسالة قال إن إمارة الشارقة من أكثر الإمارات سحراً وروعة، فهنا المنطقة حافلة بكم هائلٍ من الرمال والشواطئ التى تبدو كالأحلام، وسلاسل من الجبال تضاهى جبال هولندا، وفى المناطق العليا هناك القطاعات والمساحات الخضراء، لكن ما يفوق كل هذا أهمية هو سجايا وخصال أهل الشارقة الذين يتسمون بالطيبة".
وأشارت إلى "أننى حضرت لأول مرة إلى الشارقة بعد أن انتهيت من دراستى الجامعية عام 1967 ومن ثم سافرنا جميعاً إلى ألمانيا، وهاجرت بعدها إلى أمريكا لمدة عشر سنوات"، لافتة إلى أن "أمى لم تعد مع والدى إلى الشارقة وندمت فيما بعد".
وتابعت: "كان عندى إحساس دائم بأنى سأعود لزيارة الشارقة لزيارة قبر والدى على الأقل". وفى زيارتها الأولى بعد غربتها فى أمريكا عشر سنوات عادت إلى زيارة الشارقة، وعلى الفور زارت المقبرة وزارت ميناء خالد وزارت أحد البيوت الإماراتية فى نفس المنطقة التى كان يسكن فيها والدها وجاء رجل متقدم فى السن، وبالمحصلة تمكن من التعرف عليها من ملامحها، قائلاً لها أنت تشبهين أحدا ما أعرفه وبعد أن عرفته بنفسها عرف أنها ابنة صديقه وتمان، وتحدثت بترا فى كتابها عن رمضان وسلوك الناس هنا، وكيف تختلف الحياة بكثير من تفاصيلها وملامحها فى رمضان، وسجلت انطباعاتها عن رمضان وذكريات والدها فى رمضان. وأوضحت إن "الشارقة تجربة شخصية مهمة وغنية بالنسبة لى".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة