محمد عبد المجيد يكتب: الإسلام السياسى وجمعة الشريعة

الأربعاء، 14 نوفمبر 2012 07:01 م
محمد عبد المجيد يكتب: الإسلام السياسى وجمعة الشريعة جانب من جمعة الشريعة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الإسلام هو ما نزل على الرسول الكريم ونفذه حقيقة على أرض الواقع فكان قرآنا يمشى على الأرض، وسماهم المسلمون – لا سلفا ولا إخوانا - من الإسلام، وفى واقعنا الراهن توجد جماعات من المسلمين لقبوا أنفسهم بألقاب ما عرفناها من قبل، وتشددوا دون أن يعرفوا أن الأولين والتابعين لهم لم يعرف عنهم التشدد، وكانت كلمة الكفر لديهم غريبة فى نطاق دعوتهم ولم تعرف على النحو الذى نعرفه الآن، وأرادوا استحضار التاريخ المادى بصورته الشكلية من جلباب قصير وشماخ خليجى ولحية، دون أن يمتد هذا الاستحضار إلى مضمون الرسالة المحمدية التى اتسمت بالحكمة وخاطبت الناس بموعظة حسنة؛ جعلت الفيلسوف البريطانى برتراند راسل يصف الحضارة الإسلامية بأنها كانت متسامحة للغاية، وكان هذا هو عنوانها.

وتميزت الحركات التى تبنت الخلفية الإسلامية فى دعواتها منذ الثمانينيات منهجا يقوم فى معظم تلك الحركات (باستثناء الجماعات التى سمح لها بالعمل الدعوى بعد تبين عدم إقرارهم هذا النهج كأنصار السنة المحمدية والجمعيات الشرعية والجماعة السلفية بالإسكندرية) على العنف والتكفير لاسيما لرموز الأدب والفن (مثلا محاولة اغتيال نجيب محفوظ)، وهو ما استدعى من النظام السابق (المخلوع) أن يتبنى منهجا فى التعامل معهم وهو أن العنف لا يواجه إلا بالعنف ومن يتركه يفتح له باب الحوار (الفكر بالفكر) وأثمرت تلك المحاولات عن مراجعات فكرية تبين خطأ تلك الجماعات فى منهجها.

وبعد الثورة المصرية واكتساح الإسلام السياسى للمشهد وجدنا وكأنها عملية إحياء للأفكار التكفيرية والعمل المسلح لاسيما فى سيناء والتى أصبحت كأنها وطن لهؤلاء الذين لم يتورعوا عن سفك دماء الجنود المصريين فى وقت إفطارهم فى شهر كريم واستحلال قتلهم وهم فى ذلك يذكروننا بالمحن التى عشناها فى التسعينيات إبان ظهور القاعدة على مسرح الأحداث وتبنيها لعمليات أقل ما يمكن أن توصف بأنها عكس ما جاءت به رسالة السماء التى حرمت سفك الدم وانتشر الإسلام فى بقاع الأرض برسالة سلام ومن أخلاق المسلمين المهاجرين الذين تأسوا برسول السلام ومتمم مكارم الأخلاق، والآن يسعى هؤلاء لإثارة العامة بدعوى تطبيق الشريعة ومحاولة إقصائها من الدستور، وكأنهم يعودون بنا إلى الجاهلية الأولى وينسون أن خطابهم هذا موجه لأمة مسلمة عرف عنها التدين الفطرى وأن السلطة الحاكمة والأغلبية داخل الجمعية التأسيسية أيضا ينتمون إلى التيار الإسلامى!.

إن رسالة هؤلاء ودعوتهم تجعلنا فى مهب الريح وهم يدفعون بالعامة كأنهم وقود لنيران يمكن أن تشتعل فى جسد المجتمع المصرى الذى لا يزال فى مرحلة تخبط وبحث عن هويته التى تميزت دائما بالاعتدال ورفض الغلو، متناغما بذلك مع جوهر الرسالة السماوية وهؤلاء أيضا سيدفعوننا إلى فتنة تمزق هذا الوطن الصامد منذ آلاف السنين.

إن جمعة الشريعة ناقوس خطر وكأن الوطن لا يريد شرع الله والمواطن البسيط يعرف بالفطرة أن شريعة الله هى ما ينبغى أن يحكم على الأرض وهذا بديهى جدا ولا يمكن أن نجد مسلما يعارض مطلب تطبيق الشريعة، لكن علامَ الصياح والغضب ومحاولة استثارة الحس الدينى لدى المواطن؟ وعلام يدعو خطيب الجمعة على النائب العام والمستشار أحمد الزند وكأنه يدعو على اليهود؟ وأسألهم هل أمركم الله أن تدعوا على المسلمين فى المنابر؟! وهل كان رسول الله صل الله عليه وسلم ليفعل؟
إن خطيب جمعة الشريعة قال بأعلى صوته، إنها ثورتنا ولم تكن ثورة العسكر وتناولهم بالهمز واللمز، وأسأله وهل كان التيار الإسلامى نفسه مؤمنا بالثورة؟!، وإن منهم من حرم المظاهرات ومنهم من كانت له حسابات خاصة ومنهم من كان يرى أنها فتنة بالوطن، وأقول لكى لا ننسى لأن آفة النسيان أصابت هؤلاء، إن شباب 25 يناير ومن دفعوا أرواحهم فى الأيام الأولى ولم تكن لهم وجهة غير الله ثم وطنهم لم يكونوا من أتباع تلك الحركات بل على الأغلب كانوا سيكونون مثار انتقاد هؤلاء وكانوا سيتهمون بقيادة الوطن للفوضى!.
أينسى شيخنا الفاضل أن منهم من سفك دماء المصريين ومنهم من أخرهم من دائرة الإسلام بينما بقى الأزهر الشامخ يتراجع دوره فى السنوات الأخيرة وهم القيادة الدينية الأكثر اعتدالا فى عالمنا الإسلامى وكثيرا ما كنا نسمع من تلك التيارات عن شيوخ الأزهر وهم دوما متهمون بالولاء للحاكم!!.

هل كان رسول الله وهو القدوة الحسنة ليظهر على شاشات التلفاز ويتهم الفنانات فى أعراضهن وهل وظيفة الدعاة الآن أن يخرجوا المسلمين من إسلامهم ويرموهم بالفسق والفجور ويستخدموا لغة أقل ما يقال عنها إنها لا تعبر عن مكارم الأخلاق المحمدية والتى تجعلنا نحن العامة نرسم صورة مثالية عن دعاتنا وجعلونا نتساءل أيدعوننا أم يدعو علينا؟! أيعلموننا صحيح الإسلام أم يخرجوننا منه؟!

إن التيار العلمانى مرفوض شعبيا وقليل العدد وهؤلاء إن لم يعرفوا هذا فهم يتعمدون إحراج الوطن فى أوقات هو بأشد الحاجة للاعتصام بحبل الله وعدم التفرق، وهم بذلك يفقدون الكثير والكثير من الجماهير بسلوكياتهم العدائية تلك وتجعل عامة الشعب يتكلمون مثل العلمانيين ويرفضون أصحاب اللحى والجلباب لا لشىء لكن لمجرد رفضهم لهذا التشدد والتشدق لتلك التيارات والمواطن دائما ما يرسم صورة للداعية بأنه يحمل وجها بشوشا مبتسم، سمح القول، يبحث دائما عن الأعذار الشرعية لهم ويكلمهم بالحكمة والموعظة الحسنة.

لماذا لا يكونون دعاة رحمة ولماذا يدعوننا إلى الفرقة والعذاب؟، إن معظمهم دخل الواجهة السياسية، وعمل بها وخلفيتهم الدينية جعلتهم يعتقدون أن من ينتقدهم كأنه انتقد الدين نفسه! وبدلا من أن يكونوا جزءًا من الحل أصبحوا جزءًا من الأزمة.

إن الإسلام ليس به كهنوت وكتاب الله فى أيدينا وسنة نبيه أمامنا وسيرته تعطر أفئدتنا وهؤلاء لا يحتكرون الحقيقة ولا يحملون فى أيديهم صكوك الغفران ولا يمتلكون حق الشفاعة لنا عند الله، وأننا أمة تؤمن بربها ورسولها وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتستقبل بيت الله بدموع اللهفة والحب وأننا نميز الخبيث من الطيب وندرك المعروف من المنكر ونبر أمهاتنا وآباءنا ونكون لهم مثل العصا يتكئون عليها فى كبرهم ونتعلم منهم الحكمة وندرك أننا نعيش فى وطن لا يفرق بين مسلم وقبطى ونكون كالثوب الواحد المصنوع بخيوط مختلفة.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة