عندما نتكلم فى قضية ما، أو أمرٍ ما، لابد أن نكون منشرحين الصدر، حتى عندما نواجه بعضنا البعض، فلابد أن تكون براحة الصدر واسعة تستوعب أى شىءٍ، لا بصدر ضيق تموت فيه الأفكار، الآراء والأطروحات، ولا نعرف ماذا نقول؟ أو نفكر فيما يدور من حولنا.
إن خير مثال على ذلك، أشرف الخلق "سيدنا محمد" صلى الله عليه وسلم، كان دائماً صدره رحب لكل أمر يمر عليه، وكيف كان يتخذ القرارات التى تشرح الصدور، ولا يختلف اثنان على ذلك، فهو المنارة الكبرى لنا، لكن متى سوف نحاول ونجرّب ونقتدى به دون معاداة للآخرين؟ لماذا لا نتماسك قليلاً؟ لماذا لا نكون صادقين مع أنفسنا؟ حتى يرى الفكر النور الذى يـنـيـر عقولنا جميعاً؟
من هنا إذا وجدت جماعة أو مجموعة معينة تهدف لبناء وطن، تريد أن تنشر الحب والسلام بين الناس، تريد أن تحل مشاكل الناس، دون نزاعات فلابد من الاقتداء بسيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، دون أى إيذاء للآخرين، دون فضح الآخرين، دون تجريح الآخرين.
إن الدين الإسلامى، بُنى على أسس وقواعد متينة، لا تهتز إلى يوم الدين مهما حصل وسيحصل، ولكن بفكرنا ومعارضتنا لبعضنا البعض، قد تهتز هذه الأصول الدينية، ولكنى على يقين بأن لو هناك إختلاف بين الأطراف المعنية، لابد أن نتحكم فى أصواتنا وعقولنا وأفكارنا.
عندما تجد جماعة معينة وجدت فجأة، رغم إنها موجودة منذ القدم، قد يسأل البعض ما هو هدف هذه الجماعة، وأين تعمل ولصالح من تعمل؟ أم هى هادفة تعمل لصالح وطن، يريد أن تستقر حياته بعد عناء شديد، بعد فقر مضجع يزعج الآخرين من شدة العناء الذى تمر به هذه الفئات.
لقد مرت مصر الحبيبة بظروف قاسية عاتية، تريد أن تفرد ذراعيها للجميع، تريد أن تحتضن الجميع دون تفرقة، نعم إن مصر الحبيبة كبيرة بحنانها وعطفها علينا جميعاً، لكن أتسأل ماذا نحن قدمنا لها؟ ماذا نحن فاعلون بها؟ فمصرُ الحبيبة تتوجع من آلام منتشرة تحيط بها من كل الأطراف، تريد رجالها أن يخففوا عنها هذه الآلام، آلام رغيف العيش، وأسطوانة الغاز، والعشوائيات، وغيرها، إنى أتوجع عليك يا حبيبة.
الآن ظهرت وبكل شراسة جماعة الإخوان المسلمين على الساحة، فماذا تقدم هذه الجماعة للوطن الغالى؟ هل سوف تقدر على حل هذه الأوجاع كلها؟، لم أرى أنا وغيرى حتى الآن حل لأى من هذه المشاكل.
الكل يريد توضيح صورة الجماعة، فلماذا لم يظهروا ويدلوا بدلوهم، ويوضحون الصورة للشعب بل لو حتى جزء من الشعب؟ الجميع يريد أن يفهم ما هى جماعة الإخوان المسلمين.
إن الإخوان المسلمين، لابد أن يكونوا صورة حقيقية نابعة تهدف إلى بناء وطن جميل، إلى أصدقاء مجاورين، إن الوطن يحب الجميع دون استثنى أى أحد لابد للإخوان أن تطمئن الشعب أو جزء من الشعب ماهو هدفها؟
وكيف تضع يدها فى أيد الآخرين والمجاورين؟ لم أعـــرف.
ينتابنى قول الأستاذ حسن البنا، حينما قال "الإخوان كالشجر يرميه الناس بالحجر فيرميهم بالثمر"، لكن ما يحدث الآن عكس هذه المقولة للشيخ حسن البنا، فهناك ألفاظ تجرح، معاملات لم تبوح بما ينبغى أن يكون.
إن الإخوان لابد أن يكون لهم دور كبير فى حل المشكلات التى تمر بها مصر الحبيبة، إذا كانوا يريدون أن يبقوا على الساحة، أو أن يكون لهم أهداف أخرى بعيداً عن الوطن، ومباشرة أعمالهم التى تهدف إلى جماعة الإخوان، أين هم من رغيف العيش وأسطوانة الغاز والعشوائيات وأين هم من ذلك؟ إذا أرادوا.
مع كل الاحترام والتقدير للإخوان لم انتقد أحد منكم، ولا أريد أن انتقد الأخرين، ولكن هناك وجهات نظر، لابد أن تطرح حتى نفكر ماذا سوف نعمل من أجل وطن يريد أن يحيا؟
أن نتسامح، ونترابط، وأن نكون عبرة لغيرنا من جيراننا.
أضف على ذلك أن سيدنا محمد " ص"، لم يفرض رأيه أو خطته لنشر الإسلام بالقوة والأقوال العنيفة، لا وعندما كان بالطائف رفضت دعوته بالحجارة وغيرها، لم يقم ويشن حرباً على أهل الطائف، لم يشن لفظاً جارحاً، لم يشن تجريحا، لكن تركهم لحالهم، لعل الله يهديهم يوماً ما، أو يسلم أحداً منهم، وهم كفار، ليسوا بمسلمين حينذاك.
فما بالنا نحن أصحاب عقيدة ورسالة لابد أن نتحد، نتعاون دون فرض رأى أو وجهة نظر بالقوة، أو بأفعال مشينة.
إن المناصب ذائلة بلا رجعة، بل بالعكس، إن الأفراد راحلون إلى ربهم يوماً ما، ولكن الوطن باق بحلوة ومرة.
أتذكر قول أبى لى حينما كنت شاباً يافعاً إذا قال لى يوماً ما، "لا تعامل الناس بمعاملتهم، حتى يأتى يوماً يقولون ماذا نحن فعلنا بهذا" أى معاتبة النفس. ومازلت أعمل بقول أبى، وأتعامل مع هذه المقولة التى لها تأثير على قلبى وعلى حياتى.
يقول الله تعالى "لا خير فى كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس، ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً" صدق الله العظيم.
حماك الله يا حبيبة، يا مصر، يا غالية على قلب كل مصرى وعربى، أنت دائماً شامخة، عالية، لا تهتزى أبداً، إنك محمية من الله سبحانه وتعالى، إنك الأخت الكبرى التى تلم الشمل العربى بأجمعه، لعل ناسك يا مصر يلموا شملك أيضاً، أنت الباقية، ونحن راحلون.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة