لم تعد أحلام سكان مدينة السلام التابعة لحى السلام بالقاهرة هى الارتقاء بمستوى معيشتهم، بل العيش فى أدنى مستوى يحقق آدميتهم، بعد أن غرقوا وسط أكوام قمامة لا تنتهى ومجارى تفرش مياهها الطرقات، وبلطجية وتجار مخدرات فقدوا أبسط صفات الإنسانية وعمارات تصل فى ارتفاعاتها إلى حد الأبراج، لتطل على شوارع ضيقة ومنازل أقيمت بعشوائية شديدة، ناهيك عن الزحام باعتباها «أى المنطقة» الأكثر كثافة سكانية حتى بات يطلق عليها مجازا «الصين الشعبية».
المدينة التى أنشأها الرئيس الراحل أنور السادات عام 1977 لمحدودى الدخل، وبات يسكن على 230 فدانا منها أكثر من 360 ألف نسمة، تفتقر إلى الرعاية والخدمات، بعد أن هرب إليها الآلاف من مساكن الإيواء والعشش ومتضررى الزلازل وضحايا مترو الأنفاق وكل الكوارث الطبيعية والصناعية بالقاهرة، حتى اكتظت عن آخرها وخلقت بين سكانها حالة من التوتر المستمر جعلتهم يستبدلون تحية الصباح أحيانا بسب الدين أو بألفاظ فاحشة.
«اليوم السابع» تجولت فى المنطقة لرصد معاناة سكانها وقال أيمن أبوعبدالله، موظف بمطار القاهرة: كنت أسكن بمنطقة عين شمس وذهبت للإقامة بمدينة السلام، ولم تنجح كل محاولات أسرتى ومحاولاتى فى الرحيل عنها، مشيرا إلى أن مدينة السلام أقيمت لاستيعاب سكان العشوائيات الذين يتعرضون لكوارث ولم تقرر الحكومة تطويرها بمختلف أنحاء العاصمة.
وأضاف أبوعبدالله أن المواصلات فى المدينة تعمل بطريقة عشوائية، والازدحام مستمر صباحا ومساءً، والسرقات تتم تحت التهديد فى وضح النهار، والمشاجرات مستمرة، وعندما نستغيث بالشرطة يرد علينا رجالها «موتوا نفسكم» وبعد فض المشاجرة تأتى لـ«لم» الجثث، مشيرا إلى وجود آلاف العمارات غير المرخصة تصل فى ارتفاعاتها إلى 20 طابقا.
وأشار أبوعبدالله إلى أن تجار المخدرات والمسجلين خطر والمجرمين ينتشرون بالشوارع والمقاهى والخرابات، حتى إننا لا نستطيع السير بعد صلاة المغرب فى أى شارع جانبى، ومن يفعل يشاهد رجلا وسيدة يمارسان الجنس وقوفا أو قعودا أو نياما، وقد يفقد أمواله ومتعلقاته وأحيانا ملابسه بواسطة البلطجية والمسجلين، مشيرا إلى أن كثيرا من الساقطات بالقاهرة يسكنَّ هذه المدينة.
وأوضح حسن محمد موظف بقطاع الكهرباء أن أهالى السلام يعانون من انقطاع أبدى للمياه، وهناك العشرات من مواسير الصرف على جانبى الشارع الجديد وشارع المرور الرئيسيين لم يتم إدخالها الخدمة، رغم أننا فى أشد الحاجة إلى الانتهاء من تشغيلها.
وقال رجل عجوز: «أقيم فى المنطقة منذ 25 عاما، وأعانى من الشوارع المزدحمة، والميكروباصات عبارة عن صفيح متحرك تسير بدون رخص، وأمام شارع المرور يوجد أشخاص يحصلون كارتة من السيارات لم نعد نحتملهم من كثرة مضايقاتهم لنا لأنهم دائما فى حالة سكر وعربدة.
وأشار محمد - حاصل على بكالوريوس تجارة - إلى أن السلام أسوأ منطقة فى العالم، قائلا: «مساء أمس فقط سرق منى بلطجى تحت تهديد السلاح الدبلة وجهاز لاب توب عليه شغل أكثر من سبع سنين فى رسالة الماجيستر التى كنت أعدها».
وأضاف محمد أن الحياة أصبحت لا تطاق بسبب سوء سلوكيات بعض السكان، حتى إن الألفاظ الخارجة والخادشة أصبحت أمورا معتادة والضوضاء يستمر حتى الثالثة فجرا بشكل يعيق التلاميذ عن المذاكرة ويزيد من معاناة كبار السن والمرضى، ناهيك عن أن شباب المنطقة فقدوا نخوتهم وأصبحوا يتحرشون بالبنات بألفاظ وأفعال غير لائقة.
واستنكر باسم رجب - ضابط - انتشار عشرات العشش بالمنطقة فى الفترة الماضية، التى يسكنها تجار المخدرات والبلطجية، كما استنكر انتشار المنازل التى يصل ارتفاعها إلى 15 طابقا أو يزيد وكلها مبنية بطرق غير مشروعة، وكلما أبلغنا الحى يرد علينا مسؤولوه: «ليس هناك أعداد كافية من قوات الشرطة لعمل الإزالات» علما بأن قسم حى السلام به قوات كافية لتأمين المنطقة بأكملها.
لكن باسم قال إنه يتوقع تطويرا فى المدينة يشمل العديد من الخدمات مع تخصيص أراضى من المحافظة لإقامة مدارس عليها، وصيانة المدارس الموجودة فعليا وزيادة قدرتها الاستيعابية للقضاء على ارتفاع كثافة الفصول مع إقامة العديد من المشروعات الخدمية المرتبطة باستكمال وإحلال وتجديد المرافق ورصف وإنارة وتشجير الشوارع الداخلية وإنشاء مركز شباب وملاعب مفتوحة وتطوير المركز الطبى ودعمه بغرفة عمليات وأجهزة ومعدات.
سكان مدينة السلام تحت رحمة تجار المخدرات والبلطجية..الأهالى: المواصلات عشوائية والازدحام مستمر.. ومنازلنا محاصرة بمياه المجارى والقمامة.. والسرقة بالإكراه ..فى وضح النهار ونعيش فى قبضة المسجلين خطر
الثلاثاء، 13 نوفمبر 2012 06:30 ص