احذروا غضب القضاة واحموهم.. واعلموا أنهم أساس وغيرهم عارض وأنهم محايدون وغيرهم صاحب هوى
فى فرنسا حضرت حفل تخريج دفعة من أكاديمية القضاء، وكان من المفترض أن يلتقى الرئيس الفرنسى بالخمسة الأوائل فى هذه الدفعة فوجدت ورقة معلقة من رئيس محكمة استئناف باريس وهو المنوط به تنظيم هذه الأمور، هذه الورقة هى خطاب من رئيس المحكمة إلى قصر الإليزيه بخصوص اجتماع الرئيس مع القضاة حديثى التخرج.
جاء خطاب رئيس الاستئناف إلى الرئاسة بصيغة الأمر فقال:
يجب على الرئيس أن يحدث القضاة وهو واقف، ويجب أن تكون طاولة الاجتماعات مستديرة حتى لا يقال يوما أن رئيس الدولة كان يرأس اجتماعا للقضاة، طبعاً الرئيس والإليزيه التزما تماما بما جاء فى خطاب محكمة الاستئناف، وكانوا يعلموننا فى فرنسا أن القاضى ليس من أحاد الناس، أى ليس كباقى الناس، وذلك ببساطة لأنه يحكم بينهم، وهذا لا يعطيه أى ميزة خارج المحكمة فهو مواطن مثل كل المواطنين، أما داخل المحكمة وأثناء عمله فلا يمكن بأى حال من الأحوال أن يتدخل أى شخص مهما كان ويقوم بالتأثير عليه معنويا أو ماديا، ما دفعنى لهذه المقدمة هو مشهد القضاة مجتمعين فى دار القضاء العالى فى أعداد فاقت الخمسة آلاف قاض، وفى ظاهرة نادرا أن تتكرر وبحضور مجلس القضاء الأعلى مجتمعا وفى جمعية عمومية رسمية.
وما دلالة كل ذلك؟
هناك دلالات كثيرة، أولا أن القضاة وفى نهاية المطاف قرروا أن يتحدوا، فهم أيضا لديهم تيارات بداخلهم، لكن عندما وجدوا أن الضرورة والصالح العام تقتضيان الترفع عن الاختلاف لم يجدوا صعوبة فى الوصول إلى مساحة من التفاهم لاتخاذ موقف معين.
كذلك حضور هذا العدد يؤكد استشعار القضاة جميعهم بأن هناك تهديدا ما على استقلالهم فى أعمالهم وأنه وجب التحرك تجاهه، وأخيرا فإن إضفاء الصبغة الرسمية لهذا الاجتماع تجعل قراراته ملزمة تماما لكل من حضره، والحقيقة أن سبب حضور القضاة بهذا العدد يتلخص معنويا فى الإحساس بضياع الهيبة والإحساس بتوغل السلطة التنفيذية فى أمورهم والإحساس بحاجتهم للأمن أثناء قيامهم بأعمالهم وسبب حضورهم المعلن هو أنهم يعترضون على المواد الخاصة بالسلطة القضائية داخل المسودة المقترحة لدستور البلاد.
ممكن حضرتك تسأل وتقول طيب إذا كان أكثر من خمسة آلاف قاض لا يعجبهم ما تم صياغته بشأن السلطة القضائية فى الدستور ما حال باقى شرائح المجتمع؟
وكيف عجزت هذه اللجنة المنوط بها عمل الدستور أن تتوافق وتفهم متطلبات القضاة وتصل بالحوار معهم إلى تلافى حدوث هذه الاعتراضات؟
وكيف يحدث كل ذلك ورئيس اللجنة المستشار حسام الغريانى هو من القضاة وأفنى حياته متدرجا فى أعمال السلطة القضائية إلى أن أصبح رئيسا لمجلس القضاء الأعلى؟.
الواقع يقول إن كل هذا الفشل فى التوافق حدث بالفعل والواقع يقول أيضاً أن الوقت ليس فى صالح الجميع، حيث لم يتبق إلا شهر واحد وينتهى الموعد المحدد فى الإعلان الدستورى لرفع مواد الدستور للرئيس كى يقوم بعرضها كما هى فى استفتاء للشعب.
وهنا نستطيع أن نتلمس خطورة القرارات التى اتخذتها الجمعية العمومية للقضاة أثناء اجتماعهم وإقرارهم أنهم لن يقوموا بالإشراف على الاستفتاء كخطوة أولى، نتفق أو نختلف مع هذا القرار، إلا أن الواقع يقول إنه أصبح محلا للتنفيذ.
وبالتالى ماذا سيكون العمل؟ وما دور رئيس الدولة الذى يجب أن يكون بعيدا عن اللجنة التأسيسية للدستور وفقا لطلبنا؟
الحقيقة أن الكلام المثالى والنظرى شىء والواقع العملى شىء آخر، فكل عاقل بأمور الحياة السياسية المصرية يعلم تماما أن الرئيس وجماعة الإخوان المسلمين أينما وجدوا هم كيان واحد تستطيع أن تخاطب رأسه لتصل إلى قرار يطبق بالتزام كبير على الجميع.
يعنى لو الرئيس قال بلاش تظاهر عند دار القضاء العالى واتركوا القضاة يعملون فى هدوء، بس يقول كده بجد، لن تجد أى متظاهر يعطل عمل القضاة.
ولو الرئيس طلب من أعضاء اللجنة التأسيسية التابعين لجماعته والمحبين لها وما أكثرهم فى هذه اللجنة، لو طلب منهم الاجتماع مع القضاة وبحث وجهة نظرهم بنية صادقة لفعلوا ذلك ووافقوا عليه.
ولو أن الرئيس أصدر إعلانا دستوريا أمهل فيه هذه اللجنة ثلاثة أشهر قادمة سنكون أمام حلين كلاهما جيد، الأول أن نعطى الفرصة للجنة كى تعرض كل ما لديها فى حوار مجتمعى وأن تعقد اجتماعات أخرى مع من هم خارجها وتشملهم بالذكر مواد معينة فى الدستور، وبالتالى نوسع من دائرة الاتفاق على المواد المختلف عليها.
والحل الثانى تكون المحكمة الدستورية قد فصلت فى صحة تشكيل هذه اللجنة التى هى فى ذاتها مثار جدل قانونى، من حيث شرعية إنشائها وبالتالى يصبح حكمها حجة على الجميع.
ونحن لا نتحدث عن تأجيل للاستفتاء لمدة زمنية بعيدة وإنما فقط نتحدث عن ثلاثة أشهر لأن أيضاً حرص البعض على أن تكتمل مؤسسات الدولة هو حرص فى محله.
لكن ما الذى يدعوننا للقلق عندما يعترض القضاة وقد اعترض العديد من قبلهم على مواد الدستور المقترحة؟
الفارق هو أنه، ومن المفترض، أن القاضى هو شخص منزه عن المصلحة الخاصة وعندما يختلف أصحاب المصالح يذهبون إليه ليفصل بينهم، بل أن أصحاب المذاهب الفقهية القانونية المختلفة يكون حكم القاضى بالنسبة لهم هو فصل فى اختلافهم.
قد يكون طموح البعض منا فى كيفية خروج القاضى للمجتمع وكيفية تثقيفه قانونيا وأثقاله قبل أن يعتلى منصته قد يكون هذا الطموح كبيرا، ومازال لم يتحقق منه الكثير وقد يكون البعض منا غير راض عن ظهور بعض القضاة فى وسائل الإعلام، وقد يكون البعض منا أيضاً غير راض عن أداء سلطات التحقيق فى بعض القضايا.
لكن الواقع والصالح العام يقول إنه يجب أن نحفظ للقضاء هيبته واستقلاله، فمجتمع بلا حكم بين أهله هو مجتمع الفوضى أو مجتمع اللا مجتمع.
أننى أدعو رئيس الدولة أن يطلب الاجتماع مع مجلس القضاء الأعلى فورا بحضور رئيس الجمعية التأسيسية، وأن يكون وبشكل عملى داعما لكل ما من شأنه حفظ كرامة القضاة وأن يمكنهم من أداء عملهم دون تعرض لأى مضايقات، وهو يستطيع أن أراد ذلك.
ولا أتمنى أن تحدث مواجهة بين رئيس منتخب يمثل إرادة شعبه، اتفقنا معه أو اختلفنا، وبين القضاة الذين هم محل احترام الشعب وثقته.
لأنى أعتقد أن المواجهة التى لا نتمناها ليست أبدا فى صالح الرئيس، لذا وجب التنويه.
خالد أبو بكر يكتب :أيها الرئيس تكلم مع القضاة
الثلاثاء، 13 نوفمبر 2012 05:10 م
خالد أبو بكر
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
اساس ايه بالظبط ..هم معصمون يعنى ؟؟ولا انت بتعبدهم ؟؟..كلام فارغ و كل بكبورت بيطفح باللى ج
اساس ايه بالظبط ..هم معصمون يعنى ؟؟ولا انت بتعبدهم ؟؟..كلام فارغ و كل بكبورت بيطفح باللى ج
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى
انت بتكلم ناس طرش
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد المصرى الاصيل
اقسم بالله انك انسان رائع رائع و اكثر من رائع محب لمصر
التعليق فوق
عدد الردود 0
بواسطة:
محام تحت التمرين
مداخلة واجبة لرقم واحد
عدد الردود 0
بواسطة:
sonbo
الي التعليق رقم واحد
عدد الردود 0
بواسطة:
deaa
فعلاً رجل قانون محترم ولكن .لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لاحياة لمن تنادى .
عدد الردود 0
بواسطة:
ميدو
احموا القضاء فلم يتبقى سواه مازال صامدا متماسكا
عدد الردود 0
بواسطة:
ebrahim hassan
متى تعود الثقة
عدد الردود 0
بواسطة:
ebrahim hassan
متى تعود الثقة
عدد الردود 0
بواسطة:
نبيل الدسوقى سيف " قاضى مصرى
سيكتب التاريخ