فى ظل دخول الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور فى صراع من الزمن من أجل إنهاء أول دستور مصرى عقب الثورة بعد صدور مسودة الدستور والخلاف القائم حولها وتهديد 30 عضواً من أعضاء التأسيسية بالانسحاب من الجمعية حال عدم تنفيذ طلباتهم المتمثلة فى إضافة التعديلات التى يرغبون بها على المسودة.
وانهال سيل من التعديلات على الجمعية التأسيسية، حيث أرسل مجلس القضاء الأعلى برئاسة المستشار محمد ممتاز متولى ومجلس ادارة نادى القضاة برئاسة المستشار أحمد الزند مذكرتين للجمعية التأسيسية لوضع الدستور تتضمنان اقتراحات وتصور كل من المجلسين لوضع السلطة القضائية لوضع الدستور، وموقفهما من نصوص باب السلطة القضائية المطروحة فى مسودة الدستور والتى رفضتها الجمعية العمومية لنادى القضاة بالإجماع.
ووجهت هيئة القضاء العسكرى بوزارة الدفاع، مذكرة إلى المستشار حسام الغريانى، رئيس الجمعية التأسيسية للدستور تبدى فيها اعتراضها على ما ورد بالمادة 26 من باب الحقوق والحريات فى فقرتها الأخيرة عبارة "ولا يجوز محاكمة مدنى أمام قضاء عسكرى بالرغم من اعتراض ممثل هيئة القضاء العسكرى عضو الجمعية.
وقالت المذكرة التى وقعها اللواء مدحت رضوان غزى، رئيس هيئة القضاء العسكرى، إن وجه الاعتراض يعود لسببين الأول شكلى والثانى موضوعى، مشيرة إلى أن هذا النص سبق إدراجه فى باب السلطة القضائية بفصل القضاء العسكرى من لجنة نظام الحكم بعبارة "ولا يجوز محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية إلا فى الحالات التى يحددها القانون.
وأضافت المذكرة أما عن السبب الموضوعى فُهم أن هذه العبارة على إطلاقها دون تحديد تخرج من اختصاص القضاء العسكرى أربعة عشر اختصاصاً أصيلا للقضاء العسكرى، تم وضعها فى 12 بنداً وتسليمها إلى المستشار حسام الغريانى ومقرر لجنة الحقوق والحريات ومقرر لجنة الصياغة، والكل وافق على عدم ملائمة إطلاق هذه العبارة دون قيد لما لذلك من تأثير على اختصاص القضاء العسكرى بحالات تتعلق بأمن وسلامة القوات المسلحة التى هى لصيقة بالأمن القومى للبلا.د
وأشارت إلى أن الرأى انحصر فى اتجاهين إما أن ينص على عبارة إلا فى الأحوال التى يحددها القانون فى نهاية الفقرة أو أن ينص على حالات الاختصاص بمحاكمة المدنيين حصرا مؤكدة أن النص خرج رغم ذلك مطلقا وبغير قيد لكل الاعتبارات التى قدمناها.
وقالت المذكرة إن القراءة الأولى للمسودة الأولية تضمن نصاً مغايراً تماماً لما انتهت إليه لجنتا السلطة القضائية ونظام الحكم تحت عنوان" القوات المسلحة" دون أن يسبق طرحه فى أى مناقشات سابقة وصيغته كالتالى،" ينظم القانون القضاء العسكرى ويبين اختصاصاته فى حدود المبادئ الواردة فى الدستور ولا يجوز بحال أن يحاكم أمام القضاء العسكرى إلا العسكريون ومن فى حكمهم.
وأضافت أنه فى القراءة الثانية للمسودة التى صدرت فى 22 أكتوبر الماضى وضع ذات النص المغاير لما انتهت إليه لجنتا نظام الحكم والسلطة القضائية مع تعديل جوهرى لم يسبق لأحد طرحه، ونص على أن القضاء العسكرى جهة قضائية مستقلة يختص وحده بالفصل فى كافة الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وأفرادها أثناء أداء مهام العسكرية ويجوز استثناء محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى فى الحالات التى يحددها القانون، ويبين القانون اختصاصاته الأخرى وذلك كله فى حدود المبادئ الواردة فى الدستور.
وأكدت مذكرة وزارة الدفاع اعتراضها الرسمى على كل هذه الصياغات وتمسكها بالصياغة التى انتهت إليها لجنتا السلطة القضائية ونظام الحكم وتمسكها بوضع النصوص الخاصة بالقضاء العسكرى فى باب السلطة القضائية لأسباب عدة منها أن ذلك يمثل عرفا دستوريا مستقرا فى دساتير مصر منذ عام 1923، وأن مبدأ الفصل بين السلطات يقتضى أن يوضع القضاء العسكرى فى باب السلطة القضائية وليس باب السلطة التنفيذية.
وأكدت المذكرة أن القضاء العسكرى وإن كان قضاء خاصاً إلا أن خصوصيته لا تنفى عنه صفة القضاء الذى يفصل فى خصومة ويوقع عقوبات تصل إلى الإعدام فى بعض الجرائم، وقد يكون من الملائم أن صادف هذا الاقتراح قبولا أن توضع الفقرة الخاصة بعدم جواز محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية إلا فى الحالات التى يحددها القانون أو بذكر هذه الحالات.
وأبدت هيئة القضاء العسكرى بوزارة الدفاع ومجلس القضاء الأعلى والجبهة الوطنية لوضع دستور لكل المصريين والهيئة العليا لحزب الوفد اعتراضاتها على المسودة وقام بعضهم بإرسال مقترحاته إلى الجمعية التأسيسية للدستور على آخر مسودة صادرة عنها.
وقال المستشار محمود الشريف، المتحدث الرسمى لنادى القضاة لـ"اليوم السابع"، إن مجلس إدارة النادى ومجلس القضاء الأعلى أبديا تحفظهما على نصوص السلطة القضائية لمسودة الدستور ووضع رؤيتهما بشأن وضع السلطة القضائية فى مسودة الدستور، مشيرا إلى أنهما ينتظران رد الجمعية التأسيسية.
وعلم "اليوم السابع" أن أبرز النصوص المقترحة من جانب نادى القضاة لباب السلطة القضائية، تتضمن لزوم موافقة المجالس القضائية العليا على القوانين المزمع تعديلها بشأن السلطة القضائية بواسطة السلطة التشريعية، وذلك حتى لا يترك شأن القضاء والقضاة لتتخبطه رياح أهواء التيارات السياسية بين التوافق والخصومة، والنص على لزوم المساواة بين كافة الهيئات القضائية، حتى لا يفتح باب التمييز دون موضع أو مقتضى، وضرورة أن يتم النص صراحة على سن تقاعد القضاة وهو 70 عاما، منعا لأى تدخل تشريعى، من شأنه أن يستهدف إقصاء أى من القضاة، ويقطع الطريق على إسباغ صفة المشروعية على عزل أى قاض.
ويرى نادى القضاة أن باب السلطة القضائية يجب أن يتضمن صراحة التزام الدولة بتأمين الحماية اللازمة للمحاكم والقضاة، وإعطاء النيابة العامة والعاملين بها الحماية، وتوفير الظروف والأجواء الملائمة لمباشرتهم أعمالهم باستقلال تام دون تدخل أو ضغط صادر عن أى جهة أو جماعة، كما يحدث حاليا من حصار للمحاكم والنيابات من قبل أشخاص أو أحزاب أو جماعات للضغط على القضاة، تحسبا لصدور حكم يناقض مصلحتها أو لإصدار حكم يصادف أهواءها.
واقترح نادى القضاة ضرورة وضع نص يلزم جهات الدولة بتنفيذ كافة أحكام القضاء، والتى تتوافر لها صفة الإلزامية، فى ضوء ما يتردد بين بعض الأوساط من لزوم الاستفتاء على الأحكام قبل تنفيذها، بما يفتح الباب للالتفاف على تنفيذها، مشيرا إلى أن المشروع لم يتضمن النص أيضا على إنشاء جهاز متخصص يعنى بتنفيذ الأحكام القضائية، خاصة أن أهم ما تعانيه العدالة فى مصر هو عدم تنفيذ العديد الأحكام، وكذلك لم يتضمن النص على وجوب تحصين الأحكام ومصدريها من التناول، سواء بالقدح أو المدح فى غير الأوساط العلمية، وعلى يد المتخصصين، لافتا إلى أن عدم النص على ذلك يشجع على إفشاء الظاهرة المذمومة من تناول الأحكام ومصدريها، وهو ما يفقد المتلقى من غير أصحاب الدراية القانونية الثقة فى قضائه، ويمهد لتفشى الفوضى وتقويض دعائم دولة القانون.
واتفقت أندية القضاة بالأقاليم مع نادى القضاة العام على أهم ضمانات استقلال القضاء فى مواد الدستور الجديد، وهذه الضمانات تتضمن تعريف وتحديد السلطة القضائية تعريفا جامعا مانعا بعبارة السلطة القضائية، لتضم فقط القضاء الطبيعى ومحاكم مجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا، وعدم تدخل أى سلطة أخرى فى شئون القضاء واحترام أحكام القضاء ووجوب تنفيذها، وكفالة الدولة لحماية دور العدالة والمحاكم وحماية القضاة، وإقرار موازنة مستقلة للقضاء كافية تحدد من ميزانية الدولة وقابلة للتغيير كل عام، وحصانة القاضى وعدم قابليته للعزل وكفايته ماديا والمساواة بين القضاة، وعدم جوز إنشاء محكمة استثنائية تحت أى مسمى، وعدم جواز إعادة تشكيل مرفق القضاء، واستصدار قانون السلطة القضائية عقب الانتهاء من وضع الدستور الجديد.
وكانت الجمعية العمومية الطارئة لنادى القضاة التى عقدت الخميس، بحضور حضور 6852 قاضيا، وشارك فيها مجلس القضاء الأعلى بالكامل برئاسة المستشار محمد ممتاز متولى، وأعضاء المجلس ومنهم النائب العام، المستشار عبد المجيد محمود، قررت رفض باب السلطة القضائية الوارد فى آخر مسودة للدستور صدرت فى 24/10/2012، ومطالبة الجمعية التأسيسية برفع باب السلطة القضائية من الدستور لحين إعادة صياغته.
وأوصت الجمعية بتفويض مجلس القضاء الأعلى ومجلس إدارة نادى قضاة مصر برئاسة المستشار الزند فى صياغة فصل السلطة القضائية من جديد بما يحقق ضمانات استقلال القضاء وعدم تدخل السلطتين التنفيذية والتشريعية فى القضاء، ورفض أى مساس بالنائب العام أو سلطات النيابة العامة فى الدستور باعتبارها شعبة أصيلة من شعب القضاء، ورفض النص على النيابة المدنية فى الدستور، وإرسال باب السلطة القضائية بعد صياغته من قبل مجلس القضاء الأعلى ونادى القضاة إلى الجمعية التأسيسية للدستور لإدراجه فى مسودة الدستور النهائية.
وأعلنت الجمعية أنه فى حالة رفض الجمعية التأسيسية للمشروع المقترح لباب السلطة القضائية والمعد من قبل مجلس القضاء الأعلى ونادى القضاة، ستنعقد الجمعية العمومية للإعلان عن تعليق العمل بجميع محاكم الجمهورية مع مقاطعة الإشراف على الاستفتاء على الدستور المعيب والانتخابات البرلمانية التالية له، والتأكيد بالإجماع على أن مجلس إدارة نادى قضاة مصر وحده دون غيره هو الممثل المنتخب الوحيد للقضاة والمتحدث الوحيد باسمهم، وأن أى قاض لن يلتزم بقرارات الجمعية العمومية سيتم شطب عضويته من الجمعية العمومية لنادى قضاة مصر.
واكد الدكتور عبد الله المغازى المتحدث باسم حزب الوفد، أن اجتماع الهيئة العليا للحزب الذى عُقد أمس الأحد، برئاسة الدكتور السيد البدوى، ناقش المواد المقترحة للدستور الجديد، وتشهد خلافا عليها بين القوى السياسية المختلفة، وأهمها التى تخص تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية وتعريفها، وصلاحيات رئيس الجمهورية.
وقال عبد الله المغازى فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، إن أعضاء الهيئة العليا للحزب اتفقوا خلال اجتماعهم على أن النصوص المقترحة لمواد الدستور الجديد، قامت بتقليص بعض صلاحيات رئيس الجمهورية ولكنها ليست بالقدر المرضى لتطلعات الشعب المصرى، لذا فأنهم أبدوا ملاحظتهم على ضرورة تقليص الصلاحيات حتى يتم الوصول تدريجيا للنظام البرلمانى.
وأضاف المغازى، أن أعضاء الهيئة العليا أكدوا خلال اجتماعهم أن النصوص المقترحة لمواد الدستور، تحمل فى طياتها أن الدولة والمجتمع تحمى تطبيق مبادئ الشريعة وهذا الأمر سيفتح بابا أمام حركات إسلامية للتدخل فى شئون المصريين لذا يجب أن تكون الدولة هى المنوطة بحماية الدستور والمصريين، مضيفا أن النصوص لم تحمل رؤية واضحة لنظام الحكم لأن المواد تسير باتجاه نظام شبه رئاسى، لذا فإن اجتماع الهيئة خلال الأسبوع القادم ستستكمل المناقشات والملاحظات التى يتم نقلها لأعضاء الجمعية التأسيسية.
وأكد محمد نعيم، عضو المكتب السياسى لحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، أن اجتماع الجبهة الوطنية لدستور لكل المصريين، والتى تضم 40 هيئة وحزباً، الذى عقد مساء الأحد الماضى، بمقر الحزب، تم خلاله مناقشة النصوص المقترحة لمواد الدستور الجديد، خاصة ما يخص نظام الحكم، وتم التوافق على ضرورة إلغاء مجلس الشورى.
وقال محمد نعيم، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن أحد النصوص المقترحة لمواد الدستور الجديد يتيح لرئيس الجمهورية التوفيق بين السلطات، لذا تم الاعتراض عليه خلال الاجتماع وضرورة حذف أو تغير الصياغة بما يمنع الرئيس من الفصل بين السلطات باعتباره على رأس السلطة التنفيذية.
وأضاف نعيم، أنه تم التوافق بين الحضور فى الاجتماع على ضرورة تسمية رئيس الوزراء داخل مجلس الشعب وليس فى مؤسسة الرئاسة، بالإضافة إلى المطالبة بأن تكون الذمة المالية لرئيس الجمهورية وأعضاء البرلمان شاملة زوجاتهم وأبنائهم منعا لأى تلاعب فى تقرير الذمة المالية.
سيل التعديلات ينهال على التأسيسية.. القضاء الأعلى ونادى القضاة يرسلان مذكرتين بمقترحاتهما.. و"القضاء العسكرى" تعترض على المادة الخاصة بمنع محاكمة المدنيين أمامها.. والوفد يطالب بتقليص صلاحيات الرئيس
الإثنين، 12 نوفمبر 2012 07:15 ص