تمر مصر بمرحلة غاية فى الخطورة حيث تعانى من أمراض مزمنة وصراعات جذرية وحتمية فإما التوافق والتماسك لحل هذه الإزمات وإما التشتت والتشرذم والعودة لنقطة الصفر الذى يكبد الشعب خسارته لأرضه ووطنه وأمنه.
إن مسلسل الاستعراض المستمر لمليونيات الجمع وخاصة تلك التى تحرص على التمسك بهذا التوقيت للعام الثانى على التوالى، تزيد من حتمية الإصرار على تقسيم طوائف الشعب المصرى بين منادين للشريعة الإسلامية وبين آخرين بصرف النظر عن انتماءاتهم الدينية أو الفكرية وبغض النظر عن كونهم مقتنعين أم لا، إن هؤلاء يسيرون على نهج جورج بوش ومقولته إما معنا أو ضدنا، ويسعون إلى تطبيق سيناريو الخلافة بالعنف ولعل هذا مبرر لما تشهده مصر من حوادث إرهابية فى شتى ربوع الجمهورية، وقد يُعد ما تمر به مصر مؤشراً على رغبة البعض لتحويلها إلى دولة أفغانية دموية؟ أم قد يكون هذا مخططاً لتصفية الحركات الثورية؟
إن هذه التطورات تعكس الانقسامات داخل التيار الاسلامى ذاته، وتسعى لتقسيم المجتمع المصرى الى مؤمن وكافر. وأتساءل عن رسائل جمعة الشريعة على المستوى الإسلامى والسياسى، وهل تعتبر لوبيا سياسيا إسلاميا يتكون على المسرح السياسى لتحقيق التوازن مع اللوبى الإخوانى؟ وهل تيارات الإسلام السياسى الداعية إلى جمعة الشريعة الإسلامية - والتى بلغت نحو 22 حزباً إسلامياً و30 ائتلافاً وحركة سياسية - تعتبر بمثابة تكتل معارض للإخوان بديلاً عن المعارضة الحقيقية التى تتمثل فى القوى الليبرالية والاشتراكية؟ وما مدى قوته وقدرته على تكوين معارضة للتيار الحاكم فى مصر؟ وهل قدرته وقوته تنحسر فى الحشد الذى ظهر به فى ميادين مصر؟ أم هناك قدرات تنظيمية وإستراتيجية لم تظهر بعد (وهو الأخطر).
وإذا رصدنا ما تمر به الساحة المصرية من اضطرابات وانفلات أمنى فى سيناء ومختلف المحافظات المصرية بشكل لم تشهده مصر فى فترة ما قبل الثورة، نلاحظ وكأن هذا الانفلات الأمنى والحوادث الجهادية التى تتصاعد مع صعود مثل هذه التيارات الجهادية؟ يدفعنا إلى التفكير ومعرفة مدى ترابط مثل هذه الحوادث بأيديولوجية وفكر بعض التيارات الجهادية والتى ترفع شعار الإسلام إلا أن الإسلام برىء مما يدعون إليه، فيا أصحاب دعوة جمعة الشريعة هل هناك محاولات لتهميش الشريعة الإسلاميه فى مسوده الدستو؟ إن الواقع يقول لا، حيث حرص الجميع على التأكيد على أن مبادئ الشريعة الإسلامية المبدأ الرئيسى للتشريع، وهذا ليس بجديد ولا غريب على هوية الدولة المصرية فإذا رصدنا وتتبعنا السياق الدستورى المصرى بدءا من دستور 1923 مروراً بدستور 1930، ثم دستور 1956 ودستور 1964، ودستور 1971، بالإضافة إلى تعديل السادات عام 1980 نلاحظ ترسيخ هوية الدولة المصرية والتأكيد على أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع.
كيف تكون الشريعة الإسلامية مصدر كل الشرائع؟ هل دعى الإسلام إلى ذلك؟! كيف يرفع هؤلاء شعارات إسلامية ويدعون إلى إلغاء مبدأ الفصل بين السلطات ومادة حرية الرأى والتعبير من الدستور، هل لا يدركون مبادئ الديمقراطية فى الإسلام؟ إن الإسلام أصل الحقوق والحريات فقال الله تعالى "لا إكراه فى الدين" كيف يكون هناك جماعة تدعو للإسلام ومبادئه وترفع الرايات السوداء المعروفة بـرايات القاعدة والتى تسعى للعنف والإرهاب هل هذا من مبادئ الإسلام؟.
إن تعاليم الإسلام الحميدة تدعو إلى الوحدة والتوافق وليس للتفرقة وإقصاء الآخر، وإن ما حدث ما هو إلا إسقاط للقيم الإسلامية للوصول لأهداف سياسية بعيدة كل البعد عن مصالح الوطن.
أدعو القوى الليبرالية والمدنية أن تبذل كل الجهد لتأسيس دولة مصرية مدنية ديمقراطية تحترم كل الطوائف وتؤصل الحقوق والحريات والمساواة بين كل المواطنين، وأدعو التيار الحاكم إلى السعى الحقيقى والجاد للتوافق مع الفصائل السياسية لعقد اجتماعى حقيقى بعيد عن استعراض المليونيات.
* باحثة دكتوراه فى العلوم السياسية
عدد الردود 0
بواسطة:
الزينى
هل الناس فهمت الدين
عدد الردود 0
بواسطة:
نبيل نصار
احترم وفائك للاسلام ولكن
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرية جدا
شكرا للكاتبة وأضيف