د. عبد المنعم عمارة

الثورات تقوم بها الشعوب وتفسدها النخبة

الإثنين، 12 نوفمبر 2012 05:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الثورات قدر أم إرادة شعب.
الثورات تقوم بها الشعوب وتبلعها النخبة.
وتزلطها القيادات ويتلاعب بها بعد ذلك الحكام، الثورة أى ثورة تولد يتيمة إن لم تجد لها أبًا يتكفل بها.. هى حديقة أشجارها فى البداية إن لم تجد البستانى الذى يرعاها ذبلت وماتت.
الثورات التى تنجح يصبح لها ألف صاحب وفى نفس الوقت ألف عدو ينهش فى لحمها.
الثورات دون رأس مفكر أو مدبر تولد عمياء عرجاء لا تسمع ولا ترى ولا تتكلم.

الثورة الفرنسية لم تنجح بسرعة مع عظمة شعاراتها الحرية-الإخاء-المساواة، ولهذا استمرت طويلاً تعرج وتتشنج، يصيبها العرج، حتى جاء من أصلح مسارها وأصبح لها اسم رائع بين الثورات وبلد كبير أصبح بلد الحرية والمساواة هى فرنسا.
ثورة الصين نجحت لأن لها قائدا ماوشى توبخ، كوبا وهناك كاسترو، أمريكا توحدت عندما وجد قائد عظيم هو جورج واشنطن.

ثورة يوليو كان هناك عبدالناصر، ألمانيا أوجدها بسمارك، جنوب أفريقيا.
عزيزى القارئ..

ثورة يناير 25 تعثرت وتتعثر لعدم وجود قيادة تحقق لها أحلامها ومطالبها.
ولهذا أصبح لها ألف صاحب وألف قائد، الذى شارك أو الذى لم يشارك. الشعوب المحظوظة هى التى يهيئ لها القدر الشخص المناسب.

الثورات تحتاج إلى رأس ولكن ليس أى رأس، رأس بألف رأس، وقد يثور بين كثيرين هذا السؤال، هل القدر غاضب على مصر وعلى شعبها ولهذا نعيش فى حيرة وتيه، نخرج من حفرة لنقع فى دحديرة، هل النخبة السياسية التى فرضها القدر علينا الآن غير قادرة على التوحد والاتفاق وعلى أن تكون مصر هى الأسمى. فمتى يبتسم القدر لنا ليضع النخبة السياسية على الطريق الصحيح، متى نرى أمنيات الشعب المصرى وأحلامه وأطماعه تتحقق؟
الأمنيات التى لم تتحقق أدت إلى تضاؤل آمال الحرية والديمقراطية وإلى أن تكون خطوات الشارع السياسى أسرع من خطوات النخبة السياسية، وإلى زيادة غضب الكثيرين من الثورة.
عزيزى القارئ..

أعود لقلب الموضوع نفسه الذى هو سؤال عن الرجال والقوى التى أدارت ولا تزال تدير مصر.

ويمكن القول إنها لا تخرج عن ثلاث جبهات:
الأولى هم شباب التحرير، الذين غابوا عن المسرح السياسى، الذين أشاد بهم الرئيس أوباما عندما قال لن نتفاوض مع الذين ضد حقوق الإنسان وضد حقوق المرأة، عليهم أن يعودوا للضغط من أجل تشكيل اللجنة التأسيسية ومن أجل الدستور نفسه، عليهم الضغط من أجل الإسراع بعملية التحول الديمقراطى المطلوب، عليهم الضغط على الحكومة الحالية من أجل أداء أفضل، كما ضغطوا وغيروا حكومة الفريق شفيق ثم حكومة د.عصام شرف ثم حكومة الجنزورى.. عليهم أن يتوحدوا ويقدموا للشعب المصرى قيادة أو قيادتين يلتف حولهم الشعب، وللأسف لم يبرز منهم أحد.. القوة الثانية هى القوات المسلحة وهم للأسف لم ينجحوا فى إدارة المرحلة الانتقالية، لم يضعوا الدستور المناسب فى وقته، لم يكسبوا شباب الثورة، باختصار خسروا شباب الثورة، كنا نقول إن ناصر ملهم والسادات مبدع، ومبارك إدارى موظف، ففى أى فئة يمكن أن تضع أبطال المرحلة الانتقالية أو أبطال مرحلة التحول الديمقراطى العظيم.

حضرات القراء..
مطالب شباب الثورة كانت حقيقة ولكنها كانت متواضعة يستحق الشعب المصرى ما هو أكثر منها، عيش-حرية-عدالة اجتماعية.. أحلام المصريين أكبر من ذلك.
كانوا يحلمون بحرية لم تعشها مصر طوال تاريخها من قبل وهو ما لم يتحقق.

كانوا يمنون النفس بصحافة مستقلة تدافع عن الشعب وهو ما لم يحدث.
وبدلاً من أن تتضح الصورة لمصر أمامهم، كان القلق وعدم اليقين مستمراً بالإضافة إلى ضبابية مستقبل مصر كان ذلك هو قلب الصورة.

كانوا يتمنون أن يروا الشارع السياسى وهو يمثل الأغلبية والمكون من الفقراء والعاطلين والباعة الجائلين وأبناء العشوائيات وصغار موظفى الدولة والنساء العاملات البسيطات، يكون هؤلاء على قلب رجل واحد وأن تتوحد مطالبهم وتتفق لا تنقسم على ضوء أيدلوجية وميول واتجاهات كل فريق.

لذلك كان الغليان فى الشارع السياسى مستمراً يصاحبه كثير من الفوضى والغضب وذلك كله يؤدى إلى عدم الاستقرار.

وخسروا غالبية الشعب، وخسروا الأحزاب السياسية المدنية أو الإسلامية.. ربما قد يكونون قد نجحوا مع جماعة الإخوان المسلمين ولكنه نجاح مفروض عليهم فقوة وتنظيم الإخوان هو الذى فرض نفسه عليهم، وليس عليهم لوم فى ذلك، ولا نستطيع أن نقول إن هناك شخصية واحدة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة استطاعت خطف قلوب أو عقول المصريين.. أما القوة الثالثة فهى النخبة السياسية والأحزاب السياسية وهؤلاء موال آخر قد نعود عليه مرة أخرى.

عزيزى القارئ..

شباب الثورة دوره ليست إسقاط الحاكم فقط، الجنرالات ليس دورهم أن يدافعوا عن مصالحهم ضد المدنيين فقط بل كان عليهم أن يكونوا ديمقراطيين يؤمنون بقضية التحول الديمقراطى وضرورة نجاح الثورة.

النخبة السياسية ليس مهمتها الاختلاف والصراع ولكن تكوين مناخ سياسى مناسب لحرية الرأى والعقيدة وأخيراً قد تتفق وقد أتفق على الذين أداروا الثورة ولكن النهاية أنها ليست دولة ولكنها شبه دولة Semi-state.

فلا جمعية تأسيسية يرضى عنها كل الأطراف ولا دستور موجود ولا سلطة تشريعية ولا سلطة قضائية متفق عليها بين الدولة وبين قضاتها، السلطة التنفيذية الموجودة فقط هى رئيس الجمهورية مع حكومة مؤقتة انتقالية لم يقتنع الشعب لا بها ولا برئيسها.. ويتبقى السؤال متى تصبح مصر دولة؟ هل عندك إجابة؟









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

الكاتب احمد محمود المالج

الاهداف

عدد الردود 0

بواسطة:

السيد احمد

ابوحماد شرقيه طالب حقوق ونفسي في عمل

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة