جلب صعود جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة فى مصر معه مجموعة جديدة من السياسيات اللاتى يقلن إنهن عازمات على تحقيق المزيد من المناصب القيادية للنساء، وفى الوقت نفسه يردن تكريس رؤية إسلامية شديدة المحافظة للنساء فى مصر.
وظهرت حقوق المرأة إلى واجهة النقاش فى مصر حيث يتصارع أعضاء الجمعية التأسيسية، التى يسيطر عليها الإسلاميون، على صياغة دستور جديد للبلاد.
وأثار تركز السلطة فى يد الإسلاميين، الذين سيطروا على الانتخابات البرلمانية الشتاء الماضى وتولى أحدهم رئاسة الجمهورية، قلق مصريين علمانيين وليبراليين الذين يخشون من تقييد حقوق المرأة والأقليات.
وتقول نساء الإخوان (الأخوات المسلمات) إن الجماعة تقوم بدور أكثر من أى حركة سياسية أخرى فى مصر للنهوض بالمرأة فى المشهد السياسى، فى حين يحتكر الرجال فى الجماعة المناصب القيادية دائما بشكل شبه الكامل.
كما تقلن بثقة واضحة إنهن يضغطن من أجل الحصول على قدر أكبر من الصوت داخل جماعة الإخوان وحزبها السياسى، الحرية والعدالة، حيث يتولى الذكور جميع المناصب القيادية فيه.
ولا يزال عدد النساء فى المناصب البارزة فى الحياة السياسية المصرية صغيرا، كما كان الحال إبان عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك.
ولكن فى مصر الجديدة، شغلت المرأة منصبا رفيعا، على الأرجح فقد عين الرئيس محمد مرسى ثلاث سيدات، اثنتان منهمن ينتميان للإسلاميين، ضمن فريق مكون من واحد وعشرين مستشارا ومساعدا.
ومن بين ست سيدات فى الجمعية التأسيسية للدستور المكونة من مائة عضو، هناك ثلاث نساء من الأخوات.
وتختلف رؤيتهم عن حقوق المرأة كما يراها النشطاء الليبراليون، الذين يخشون من أن النساء الإسلاميات فى السلطة سيحملن فقط جدول أعمال الإخوان فى تفسيرها للشريعة الإسلامية المحافظة.
وتقول عزة الجرف، إحدى عضوات الجماعة فى الجمعية التأسيسية للدستور، إن أول دور للمرأة فى مصر هو "داخل الأسرة"، كزوجة وأم، ثم تأتى السياسة أو العمل فى المرتبة الثانية.
وأضافت "المرأة هى المسئولة عن تربية الجيل الجديد... وهذا يعنى أن مستقبل مصر فى أيدينا".
وقالت الجرف، (47 عاما) وأم لسبعة أطفال، إن دور المرأة فى أسرتها يجب ألا يتعارض مع مشاركتها فى السياسة، قائلة إنها توازن بين هاتين المسئوليتين.
وانضمت الجرف إلى جماعة الإخوان عندما كانت فى الخامسة عشرة من عمرها وقامت بتنظيم بعض الخدمات الاجتماعية للجماعة.
وقالت إن المناصرين العلمانيين لحقوق المرأة غير متسقين مع المجتمع ذى الأغلبية المسلمة.
"نحن نتحدث نيابة عن الشارع"، حسبما قالت الجرف.
وأضافت "الشعب المصرى متدين للغاية. إذا استمر الليبراليون فى فصل الدين عن الحياة الطبيعية، فلن يستمع إليهم الناس".
وكانت الجرف إحدى ثلاث سيدات انتخبن من حزب الحرية والعدالة ضمن أول برلمان بعد الثورة، والذى كان يضم أقل من عشر نائبات بين أعضائه البالغ عددهم نحو 500 عضو.
ثم حكمت المحكمة الدستورية العليا بحل هذا الدستور، لكن الجرف تخطط لخوض الانتخابات البرلمانية الجديدة التى ستجرى بمجرد التصديق على دستور جديد.
ويسابق الإسلاميون، الذين يشكلون الأغلبية فى الجمعية التأسيسية، الزمن لإنهاء الوثيقة خلال الأسابيع المقبلة من أجل طرحها للاستفتاء العام.
ومن أكبر المعارك التى يخوضها الإسلاميون هو الدعوة إلى المساواة بين الرجل والمرأة ولكن فيما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية. ويقول الليبراليون إن هذا الشرط سيعطى المحافظين المتشددين نفوذا لفرض قيود مشددة على حقوق المرأة.
واستقالت منال الطيبى، وهى ناشطة غير إسلامية استقالت من الجمعية التأسيسية، فى سبتمبر الماضى احتجاجا على المادة وغيرها من المواد المتعلقة بالمرأة.
من جانبها، دافعت أميمة كامل، التى تعتبر أقوى امرأة داخل جماعة الإخوان، عن هذا الشرط.
وتعد كامل إحدى أعضاء فريق مستشارى مرسى وعضوة بالجمعية التأسيسية للدستور.
وفى مقابلة أجراها معها التليفزيون المصرى مؤخرا، قالت كامل إنه بدون هذه الصياغة، يمكن أن تنقلب بعض الحقوق التى تعطيها الشريعة للرجل وليس للمرأة، مثل حق الرجل فى الزواج من أربع نساء أو قوانين الميراث التى تعطى الرجل نصيبا أكبر من المرأة.
ورفضت كامل، وهى طبيبة (51 عاما)، مخاوف استخدام المتشددين ذلك لتمرير قوانين تقيد المرأة، قائلة إن أحكام الشريعة "راسخة وليس هناك جدل حولها"، مثل تعدد الزوجات والميراث، ويمكن تطبيقها.
وقالت إن هناك حاجة لهذا الشرط أيضا كى يضمن عدم اتباع مصر للاتفاقات العالمية المتعلقة بحقوق المرأة العالمى والتى تفرض "المساواة التامة" و "تجرد شخصيتنا كشعب متدين يحترم الإسلام".
وأضافت "هناك أناس يخشون من أن يقول أحد يوما ما إن على اليمين النساء البقاء فى المنزل، وعلى الجانب الآخر يخشى الإسلاميون المحافظون من إجبار مصر يوما ما على تنفيذ الاتفاقات الدولية، مثل المساواة الكاملة".
وأثارت قضايا أخرى متاعب لسيدات الإخوان، وخاصة قضية الختان، والذى ينتشر على نطاق واسع رغم القانون الذى يحظره والذى صدر عام 2008.
ونقل عن كل من الجرف وكامل فى وسائل إعلام مصرية حديثهما عن إمكانية السماح بهذه الممارسة إلى حد ما، ولكنهما نفيتا الإدلاء بهذه التصريحات مؤخرا، وأصبحتا الآن تتوخيان الحذر فى الحديث حول هذا الأمر.
وقالت الجرف "لدينا مشاكل فى التعليم والرعاية الصحية والأمن".
وأضافت "قضية الختان لا تزعج أحدا، ولدينا قضايا أكبر".
"أنا أحترم جميع القوانين"، حسبما قالت الجرف، فى إشارة لقانون حظر الختان.
ووصفت كامل الختان "بالعادة السيئة" التى ينبغى معالجتها من خلال حملات التوعية.
ومثل غيرها من السيدات اللاتى يعملن بالسياسة فى جماعة الإخوان، تقول كامل إنها عازمة على رؤية المزيد من النساء فى مواقع السلطة.
وقالت "جماعة الإخوان تحاول وضع حجر الأساس للطريق الصحيح نحو الديمقراطية"، وذلك داخل حزبها السياسى عن طريق جلب المزيد من النساء إلى المناصب القيادية.
لكنها أضافت أن هذا سيستغرق "عدة سنوات"، لأن هناك عددا قليلا من النساء لديهن حاليا تجربة سياسية للتنافس على المناصب العليا فى الحزب.
ويقول ليبراليون إن المرأة ليست سوى غطاء رمزى لجماعة الإخوان ضمن جدول أعمال يعتبرنه معارضا قويا لحقوق المرأة.
"وجود سيدات من الإخوان فى السلطة أكثر خطورة من عدم وجودهن، نظرا لأيديولوجيتهن"، حسبما قالت هدى بدران، وهى ناشطة مخضرمة فى مجال حقوق الإنسان ورئيسة الاتحاد النسائى العام المصرى.
من جانبه، قال بهى الدين حسن، مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان، إن عضوات جماعة الإخوان "لا يؤمن بمفهوم حقوق المرأة الأساسية... وليس لدينا خيال حول مدى التقدم الذى يمكننا أن نحققه معهن".
وقالت سالى زهنى، وهو عضو مؤسس فى مركز القاهرة، إن الدستور "قضية خاسرة" نظرا لقدرة الإخوان على حشد الدعم الشعبى.
وأضافت "الجانب الليبرالى يعمل من أجل الدعوة لرؤية بديلة بين المصريين، علينا البدء فى الوصول للجمهور والإسراع فى ذلك".
الأسوشيتد برس: الإخوات المسلمات يحاولن انتزاع المزيد من حقوقهن
السبت، 10 نوفمبر 2012 03:28 م