أتصور أن المعارضة المسؤولة الرشيدة، هى المعارضة الوطنية الملتزمة بثوابت الوطن، التى تحمل برنامجًا واضحًا قابلا للتطبيق، معارضة تسعى بالوسائل السلمية للوصول إلى الحكم، وتعتمدها كوسيلة للوصول إلى تحقيق الأهداف عن طريق الإقناع والاقتناع، معارضة منفتحة على الجميع، تؤمن بلغة الحوار، وتحتكم إلى صناديق الاقتراع وتقبل برأى الأغلبية، معارضة ليس لها أجندات خارجية، بعيدة عن الشخصنة، ولا تحمل أهدافًا غير الأهداف الوطنية التى يسعى الجميع إلى تحقيقها، معارضة تفهم معنى الحرية على أنه عدم الاعتداء على حرية الآخرين، وتعرف أن لهذه الحرية حدودا يجب عدم تجاوزها، معارضة حريصة على الوحدة الوطنية قدر حرصها على عدم إحداث شرخ أو انقسام فى جسم الوطن، معارضة تعتمد فى نهجها على التواصل مع الجماهير وتسعى لحل مشاكلهم بدلا من أن تصبح ظاهرة صوتية تنتشر فى الفضائيات، معارضة تمارس العملية الديمقراطية التى كانت تنادى بها وهى فى المعارضة إن هى تسلمت الحكم.
وفى كل ديمقراطيات العالم تعتبر المعارضة الرشيدة المسؤولة ضرورة، إذ لا يمكن أن يستوى الحكم إلا بها، ولا يمكن أن يكون هناك مساحة للديمقراطية وأن تجد هذه الديمقراطية سبيلاً للتطبيق، إلا بوجود المعارضة القوية الرشيدة.
وأنظمة الحكم الديمقراطية تعرف تمامًا كيف تستثمر رأى المعارضة فى كل مشاريع القوانين التى تنوى سنها، أو الأنظمة والتعليمات التى تنوى تطبيقها، أو التعديلات التى تنوى إجراءها.
وإذ تعتبر المعارضة المسؤولة الرشيدة صمام الأمان الحقيقى للدولة الديمقراطية حيث تمنع الدولة من الانزلاق إلى الهاوية فى كثير من الأحيان، عن طريق وضع اليد على الجُرح من جهة، وعن طريق السعى لتطبيق برامجها عندما تتاح لها الفرصة لذلك، على اعتبارها واحدة من أدوات التغيير.
وأظن أن المعارضات الأكثر جدوى ونجاحًا، هى تلك المعارضات التى تؤطر نفسها فى أحزاب سياسية وقوى وطنية تمكّنها من حشد أكبر عدد ممكن من المواطنين تعمل من خلالهم لتطبيق برامجها، وتسويق أفكارها.
فالمعارضة القوية ذات البرامج الواضحة الهادفة التى تصوغ أهدافها ضمن الأهداف العامة للمجتمع، والتى تؤمن بمبدأ العدالة وتطبقه أولا بين كوادرها، هى المعارضة الأبقى والأسرع وصولا إلى الهدف.
والمعارضة الرشيدة فى العادة تبنى آراءها على دراسات، ينتج عنها بلورة المواقف تجاه الأحداث، وتعتمد الحجة والمنطق فى طرحها، وفى حواراتها ونقاشاتها، وتعتمد فى أغلب الأوقات لغة الحوار للوصول إلى الهدف، ومن ثمّ تكون الأقدر على صياغة الأهداف وتحديد الوسائل وفق منهجية مقبولة للشارع بشكل عام، فيها تركيز على جوهر الأشياء وبعيدة عن التسطيح والتحاور فى العموميات مما يجعلها مؤهلة أكثر من غيرها لاستقطاب الشارع وبالتالى مرشحة للوصول إلى الحكم أكثر من غيرها.
أظن لو أننا فى مصر فهمنا جيدًا دور المعارضة الحقيقية الرشيدة ما وصلنا إلى ما نراه الآن، حيث تحولت المعارضة - فى كثير من الأحيان - إلى زعيق صوتى عبر الفضائيات والمؤتمرات والندوات، وابتعدت بشكل كبير عن التواصل مع الجماهير وحل مشاكلهم، وبنت حساباتها على الخصومة السياسية، التى ربما تهدم أكثر مما تبنى.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
engeng
لا عندنا حاجة تانية
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى وبس
قادمووووووووووووون
وليسقط المتاسلمين تجار الدين
وكل منافق
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
الي الكاتب
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
هش يا معارضة
عدد الردود 0
بواسطة:
علي سليمان
معارضة و نخبة فاشلة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود
معارضة وطنية تحمل برنامجًا واضحًا قابلا للتطبيق
برنامج كمشروع النهضة مثلاً ؟
عدد الردود 0
بواسطة:
مجدى
كلامك فيه شئ من الصح ... ولكن!!!!
عدد الردود 0
بواسطة:
ahmad abdelaziz
أصحاب العقول