كشفت الحيثيات الكاملة لحكم محكمة القضاء الإدارى الصادر يوم الثلاثاء الماضى ببطلان عقد استغلال منجم السكرى، فيما تضمنه من تحديد مساحة 160 كليومترا مربعا بمنطقة السكرى، وعدم الاعتداد بما صدر عن هيئة الثروة المعدنية بمنح الشركة الفرعونية 30 سنة قابلة للتجديد لمدة 30 سنة أخرى، لكل المناطق التى تغطيها الاتفاقية، أن المحكمة رفضت إنهاء العمل بالاتفاقية المبرمة بين وزارة الصناعة والشركة الفرعونية لمناجم الذهب الأسترالية، لأنها رأت أنه لا يوجد أى سند للقول بأن الشركة قد أخلت فى تنفيذ أحكام الاتفاقية، كما أن مركزها القانونى وحقها التعاقدى المكتسب قد قام وثبت، والتزاما بالدولة القانونية فلا يمكن تحميل الشركة أوجه العوار التى شابت الاتفاقية وإنما يقع وزرها والمسئولية على عاتق الحكومة لمنع تكرارها عند إبرام مثلها مستقبلا واستنهاض الهمم المخلصة فى متابعة ما تبقى من فترة زمنية لتنفيذ العقد بما يحفظ المال العام ويصون الثروات المستغلة.
وردت المحكمة فى حيثيات حكمها التى جاءت فى 25 ورقة وحصل "اليوم السابع" على نسخة منه، على الدفع بعدم اختصاص محاكم القضاء الإدارى بالفصل فى الدعوى على سند من أنها تنصب على اتفاقية أبرمت بموجب القانون رقم 222 لسنة 1994 والصادر من السلطة التشريعية، ومن ثم فإنها تنأى عن رقابة القضاء بأن قالت إن الطعن ينحصر على آليات تنفيذ حق الاستغلال لمنجم الذهب والمعادن المصاحبة له واستغلالها فى المناطق المحددة بالصحراء الشرقية، وفقا للشروط الواردة فى الاتفاقية المشار إليها والتى هى فى حقيقتها عقد موضوعه استغلال مورد من موارد الثروة الطبيعية فى البلاد ودون ثمة تعرض لهذه الاتفاقية فى حد ذاتها، كما أن تصر الحكومة بمنح حق استغلال للمال العام أو أحد مكوناته كالثروات المعدنية الطبيعية ما هو فى حقيقته إلا تصرف إدارى يتم بالقرار الصادر بمنحه أو بالعقد المنظم لشروطه، وهو فى طبيعة الحالات تصرف مؤقت بطبيعته، وبالتالى فإن الشروط التى تضمنها عقد الاستغلال هى شروط استثنائية جعلت هذا العقد عقدا إداريا، مما ينعقد الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة.
وذكرت المحكمة فى حيثيات حكمها أوجه العوار التى صاحبت التعاقد وعملية البحث والتنفيذ وعلى رأسها الضعف الشديد الذى اتسم به البنيان القانونى لأحكام الاتفاقية، وخلوها من المعايير والضوابط الحاكمة لآليات التنفيذ واتساع مساحات مناطق البحث، والتى قاربت مساحة 5380 كيلومترا مربعا، فى مناطق متباعدة، مع إعطاء الشركة الفرعونية لحق البحث فيها، دون تقنين الآليات الكافية لضمان جدية الشركة فى تنفيذ عمليات البحث، باستثناء مبلغ مالى تنفقه الشركة سنويا معظمه ينفق على رواتب موظفيها وبدلات انتقالهم وخلافه، مما لا يتصل بالعمل الفنى اللازم لضمان جدية عملية البحث.
كما استندت المحكمة فى حيثيات حكمها، إلى تقرير اللجنة المشتركة بمجلس الشعب المنحل، وما توصل إليه من أن السيطرة الفعلية والعملية فى تنفيذ عمليات استخراج الذهب وصهره ووزنه للشركة الفرعونية، فى ظل وجود غياب يثير الشك والريبة ودواعى المساءلة للدور الضعيف الذى تقوم به هيئة الثروة المعدنية، والتى تمثل الحكومة المصرية فى تنفيذ هذا التعاقد، وكانت النتيجة المؤسفة هو ما تنطق به أوراق الدعوى ألما وحسرة، من أن كل ما ثبت إنتاجه وبيعه من ناتج الذهب والمعادن المصاحبة من هذه الاتفاقية لا يتجاوز مبلغ 875 مليون دولار، حصلت مصر من هذا الناتج على مبلغ لا يتجاوز 19 مليون دولار فقط.
وقالت المحكمة إنه لمن العجيب أن تنص على الاتفاقية أن لمصر إذا رغبت فى شراء المنتج من الذهب أن تشتريه بالسعر العالمى، رغم أن كل ما يقدمه الشعب المصرى الكريم يكون مدعما من قوته وثرواته بينما ما يرغب فى الحصول عليه يكون بالسعر العالمى.
كما تساءلت المحكمة فى حيثيات حكمها، عن كيفية قيام الحكومة المصرية بتقديم السولار المدعم لعمليات استغلال واستخراج الذهب، بمبلغ يصل إلى مليون و600 ألف جنيه مصرى يوميا، فضلا عن سيل الإعفاءات الجمركية والضريبية المقدمة للشركة المتعاقدة، وبالطبع فإنه لا يمكن القول بوضوح الجدوى الاستثمارية لمثل هذا التعاقد.
وذكرت المحكمة عددا من الوقائع التى تشير إلى العديد من الشبهات حيث أعلنت الشركة الفرعونية عن انخفاض أسعار الذهب خلال عام 2010 وبيعها بمبلغ 900 دولار للأوقية، فى حين أن سعر معدن الذهب هو سعر عالمى معلوم للكافة ولم يعرف أنه خلال تلك الفترة هبط لمثل هذا المستوى، بل أنه دوما كان مجاوزا لسعر 1370 دولار للأوقية، وواقعة إعلان الشركة الفرعونية عن إنفاقها مبلغ 425 مليون دولار لشراء مصنع لاستخلاص الذهب، فى حين أن هذا المصنع قديم ومن أحد مناجم الذهب فى بوليفيا ولا يتجاوز سعره 15 مليون دولار - كما ذكر الفخرانى - وأهابت المحكمة، الحكومة متمثلة فى الجهة الإدارية القائمة على إدارة مرفق الثروة المعدنية، باتخاذ كافة الإجراءات التى من شأنها معالجة أوجه العوار، وضبط إيقاع تنفيذ هذا التعاقد، ولعل من أبرز تلك الإجراءات التى تراها المحكمة ضرورية فى هذا الصدد، هو تشكيل لجنة دائمة تعمل تحت إشراف الوزير المختص، تكون ممثلة للحكومة المصرية فى كل ما يتعلق بتنفيذ هذا التعاقد، وبصفة خاصة متابعة عمليات استخراج الذهب وصهره ووزنه.
وبخصوص عقد الاستغلال الذى أبطلته المحكمة فقد أكدت أنه وفقا لنص المادة الثانية من الاتفاقية أنه عقب الاكتشاف التجارى مباشرة يتم الاتفاق بين الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية والشركة الفرعونية بموافقة وزير الصناعة لتحديد منطقة الاستغلال وتحويلها من منطقة بحث لاستغلال، وقد خلت الأوراق ما يفيد موافقة وزير الصناعة على هذا العقد، وبالتالى يكون قد فقد شرطا أساسيا لصحته، كما أن الثابت من الأوراق وما انتهت إليه تحقيقات هيئة النيابة الإدارية فى القضية المقيدة لديها برقم 496 لسنة 2002 أن ما اعتمده أحمد حمدى سويدان رئيس الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية فى ذالك الوقت من بيانات غير حقيقية بالكتاب الموجه للشركة الفرعونية فى 4 نوفمبر 2001 عبارة "أنه طبقا لاجتماع مجلس إدارة الهيئة فى 21 أكتوبر و 28 أكتوبر 2001 فقد تمت الموافقة على دراسة الجدوى المقدمة من الشركة، وأن ذلك يحرك الاتفاقية من مرحلة الاستكشاف إلى مرحلة الاستغلال، ومنح الشركة 30 سنة قابلة للتجديد 30 سنة أخرى لكل المناطق التى تغطيها اتفاقية الامتياز، قد تم بالمخالفة لقرارى مجلس إدارة الهيئة ولما هو وارد ببنود الاتفاقية، وطلبت النيابة الإدارية إلى المحاكمة التأديبية وإبلاغ النيابة العامة بشأن ما اقترفه من جرم جنائى، وبالتالى فإن عقد الاستغلال قد صدر دون أى سند من صحيح القانون ومنعدم بحكم اللزوم، ومن ثم فهو لا يعدو إلا أن يكون قولا أو إجراءا باطلا لا يعتد به قانونا.
كما ردت المحكمة على الدفع بعدم توافر شرط الصفة والمصلحة فى المهندس حمدى الفخرانى مقيم الدعوى بأن قالت فى حيثيات حكمها، إن القضاء الإدارى يقوم بدوره فى حراسة الشرعية وسيادة القانون ومنجم السكرى من الملكية العامة التى هى ملكية الشعب والملكية العامة لها حرمتها وحمايتها، ودعمها واجب على كل مواطن وفقا للقانون، الأمر الذى يجعل لكل مواطن من أفراد هذا الشعب حقا فى هذه الأموال، وعليه أن يهب للدفاع عنه وفق ما يقرره القانون منها اللجوء إلى القضاء لاستصدار حكم قضائى يكون بمثابة السند التنفيذى الذى تتحقق به الحماية المنشودة، وبالتالى فإن للمهندس حمدى الفخرانى مصلحة حقيقية دفاعا عن حقه فى هذه الثروة كأى مواطن مصرى.
وقالت المحكمة إن الواقع المصرى يلزم كل مواطن مصرى أن يدافع عن الملكية العامة وحرمتها، خاصة فى ظل غياب أليم للسلطة التشريعية صاحبة الاختصاص الأصيل فى الاضطلاع بمراقبة كل نواحى الخلل فى التنفيذ السياسيات والبرامج الحكومية، وضمان تحقيق كافة السبل المتعلقة بالحفاظ على ثروات الوطن وماله العام ومنها مسائلة الحكومة واستجوابها عن مناحى الخلل فى تنفيذ مثل هذا التعاقد.
ننشر الحيثيات الكاملة لحكم بطلان عقد استغلال منجم السكرى.. الشركة ادعت بيع الأوقية بــ900 دولار فى حين أن سعرها 1370 دولار.. وضعف المراقبة والمتابعة من جانب الحكومة
الخميس، 01 نوفمبر 2012 12:38 م
منجم السكرى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
A
أين الحيثيات الكاملة؟
هذه مقتطفات و لبست حبثيات كاملة!
عدد الردود 0
بواسطة:
مدحت مصطفى
ياريت بقية شركات القطاع العام
عدد الردود 0
بواسطة:
وليد
لكي الله يا مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
مصريون من طين الارض
كم وكم وكم وكم
عدد الردود 0
بواسطة:
الجهيني
الجيش المصري
عدد الردود 0
بواسطة:
كمال
أتي دور النائب العام
عدد الردود 0
بواسطة:
جيولوجي/ محمد عامر -الثروه المعدنيه
الثوره ماتت بالحيا
عدد الردود 0
بواسطة:
جيولوجي/ محمد عامر- بالثروه المعدنيه
الثوره ماتت بالحيا