سياسة الأرض المحروقة والانقسام الدولى يمددان عرس الدم فى سوريا
الخميس، 01 نوفمبر 2012 09:42 ص
(أ.ش.أ)
لا تحتاج الكارثة السورية إلى تصريحات عربية ودولية تكتفى بمجرد توصيفها أو الإعراب عن الأسى والحزن لسقوط الضحايا، ومحاولة تحميل المسئولية عن الدم السورى النازف لهذا الطرف أو ذاك، فيما تستمر آلة القتل تحصد المزيد من أرواح الأبرياء الذين يقضون أيامهم بين مشاهد دمار لا تنتهى وتردد دولى يمدد عرس الدم الصاخب.
وفى الوقت الذى تستمر فيه تصريحات المبعوث الدولى والعربى إلى سوريا الأخضر الإبراهيمى حول سوداوية المشهد هناك، وأن الأوضاع تسير من سيئ إلى أسوأ، يستمر النظام السورى فى تنفيذ سياسة الأرض المحروقة التى تكرس مبدأ "الخيار شمشون"، طالما عجزت الإرادة الدولية عن إعمال مبدأ "المسئولية الأخلاقية" لإنقاذ سوريا والسوريين من تلك المحرقة، حتى خلال أيام عيد الأضحى المبارك.
وليس بجديد ما صرح به رئيس الوزراء وزير الخارجية القطرى الشيخ حمد بن جاسم آل ثانى بأن ما يجرى فى سوريا "حرب إبادة برخصة للقتل" من الحكومة السورية والمجتمع الدولي، فى محاولة لإعادة توصيف الأوضاع فى سوريا والرد على تصريحات الإبراهيمى بأن ما يحصل فى هذا البلد هو "حرب أهلية".
ويبدو أن المسئول القطرى يحاول فى تلك التصريحات أن يعبر عن نفاذ صبر بلاده، وربما دول المنطقة - باستثناء العراق - من الجمود فى الوضع السورى الذى يعتبر موافقة ضمنية من المجتمع الدولى عما يجرى فى سوريا، بدلا من محاولة وضع خارطة طريق يمكن تنفيذها، وإجبار نظام بشار الأسد على الالتزام بها، من خلال توافق مع مؤيديه الرئيسيين "روسيا والصين وإيران"، ضمن فكرة واضحة لكيفية الحل يتبناها مجلس الأمن وبدء مرحلة انتقالية تضمن إعادة ترتيب الأوراق.
وبحسب الشيخ حمد، فإن كل الأطراف تعرف ما هو الحل المطلوب، وتعرف ماذا يريد الشعب السوري، حيث أعتبر أن كل ما يجرى الآن تضييع وقت وإعطاء رخصة لقتل الشعب السورى وتدمير مقدرات سوريا، وأن قطر ستطرح على اللجنة العربية الخاصة بسوريا التى يرأسها سؤالا واضحا هو:"وماذا بعد الآن؟".
ويبدو أن الظروف الموضوعية لكل اللاعبين الرئيسيين فى الساحة السورية سوف تسهم فى إطالة عمر الأزمة، فعلى الرغم من وجود دول عربية متحمسة لوضع نهاية للمأساة السورية، إلا أنها لا تملك ما يكفى من أوراق ضغط التى يمكن من خلالها فرض حلول، أو على الأقل تحريك المجتمع الدولى خاصة الدول الغربية لاتخاذ مواقف عملية توقف نزيف الدم السوري.
ولعل هذه الصورة هى ما جعلت وزير الخارجية القطرى الذى يترأس اللجنة العربية الخاصة بسوريا إلى أن يتوقع "شللا فى الأسبوعين أو الثلاثة المقبلة على الساحة السورية"،وهو ما يعنى مزيدا من الدمار ومزيدا من الضحايا.
ولعل ما جرى خلال هدنة عيد الأضحى التى حاول المبعوث الأممى والعربى الأخضر الإبراهيمى أن يقرها ولم تصمد أكثر من ثلاث ساعات منذ الإعلان عن بدئها صباح أول أيام العيد، يكرس سقوط أى محاولة للهدنة، أو أى محاولة لإثناء النظام السورى عن الاستمرار فى أعمال القتل، حيث أطلقت قوات سورية متمركزة على جبل يطل على دمشق وابلا من قذائف المدفعية على حى بجنوب العاصمة مساء الخميس الماضى بعد ساعات من قبول قيادة الجيش النظامى السورى للهدنة، واستهدف القصف ضاحية الحجر الأسود الفقيرة التى يسكنها لاجئون من هضبة الجولان التى تحتلها إسرائيل.
فيما شن الطيران الحربى السورى غارة على مدينة "عربين" فى ريف دمشق بعد ساعات قليلة من إعلان الهدنة المفترضة، كما انفجرت معركة بين الجيش السورى والمعارضة فى بلدة حارم الحدودية، وأعلنت لجان التنسيق المحلية أن حصيلة القتلى الذين سقطوا فى اليوم الأول من "الهدنة" بلغت 151 قتيلا.
كما نفذت طائرة حربية سورية غارة عنيفة أمس الثلاثاء على حى جوبر شرق دمشق، بحسب ما ذكر المرصد السورى لحقوق الإنسان، وهى الغارة الأولى من طائرة حربية على العاصمة، ألقت الطائرة أربع قنابل على الحى الواقع عند طرف العاصمة من جهة الشرق والمحاذى لبلدة زملكا فى ضاحية العاصمة ودارت اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين.
ولعل ما أقدم عليه نظام بشار الأسد هو ما دفع وزير الخارجية التركى أحمد داوود أوغلو إلى التأكيد بأن بلاده لن تتحاور أبدا مع النظام السورى الذى استمر "فى قتل شعبه" خلال عطلة عيد الأضحى، معتبرا أن بلاده لن تقدم أبدا على أى مبادرة يمكن أن ينتج منها "إعطاء شرعية للنظام القائم"، وذلك ردا على دعوة وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف إلى بدء مفاوضات مع الرئيس السورى بشار الأسد وكذلك مع المعارضة لتمهيد الطريق أمام حل سياسى فى سورية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا تحتاج الكارثة السورية إلى تصريحات عربية ودولية تكتفى بمجرد توصيفها أو الإعراب عن الأسى والحزن لسقوط الضحايا، ومحاولة تحميل المسئولية عن الدم السورى النازف لهذا الطرف أو ذاك، فيما تستمر آلة القتل تحصد المزيد من أرواح الأبرياء الذين يقضون أيامهم بين مشاهد دمار لا تنتهى وتردد دولى يمدد عرس الدم الصاخب.
وفى الوقت الذى تستمر فيه تصريحات المبعوث الدولى والعربى إلى سوريا الأخضر الإبراهيمى حول سوداوية المشهد هناك، وأن الأوضاع تسير من سيئ إلى أسوأ، يستمر النظام السورى فى تنفيذ سياسة الأرض المحروقة التى تكرس مبدأ "الخيار شمشون"، طالما عجزت الإرادة الدولية عن إعمال مبدأ "المسئولية الأخلاقية" لإنقاذ سوريا والسوريين من تلك المحرقة، حتى خلال أيام عيد الأضحى المبارك.
وليس بجديد ما صرح به رئيس الوزراء وزير الخارجية القطرى الشيخ حمد بن جاسم آل ثانى بأن ما يجرى فى سوريا "حرب إبادة برخصة للقتل" من الحكومة السورية والمجتمع الدولي، فى محاولة لإعادة توصيف الأوضاع فى سوريا والرد على تصريحات الإبراهيمى بأن ما يحصل فى هذا البلد هو "حرب أهلية".
ويبدو أن المسئول القطرى يحاول فى تلك التصريحات أن يعبر عن نفاذ صبر بلاده، وربما دول المنطقة - باستثناء العراق - من الجمود فى الوضع السورى الذى يعتبر موافقة ضمنية من المجتمع الدولى عما يجرى فى سوريا، بدلا من محاولة وضع خارطة طريق يمكن تنفيذها، وإجبار نظام بشار الأسد على الالتزام بها، من خلال توافق مع مؤيديه الرئيسيين "روسيا والصين وإيران"، ضمن فكرة واضحة لكيفية الحل يتبناها مجلس الأمن وبدء مرحلة انتقالية تضمن إعادة ترتيب الأوراق.
وبحسب الشيخ حمد، فإن كل الأطراف تعرف ما هو الحل المطلوب، وتعرف ماذا يريد الشعب السوري، حيث أعتبر أن كل ما يجرى الآن تضييع وقت وإعطاء رخصة لقتل الشعب السورى وتدمير مقدرات سوريا، وأن قطر ستطرح على اللجنة العربية الخاصة بسوريا التى يرأسها سؤالا واضحا هو:"وماذا بعد الآن؟".
ويبدو أن الظروف الموضوعية لكل اللاعبين الرئيسيين فى الساحة السورية سوف تسهم فى إطالة عمر الأزمة، فعلى الرغم من وجود دول عربية متحمسة لوضع نهاية للمأساة السورية، إلا أنها لا تملك ما يكفى من أوراق ضغط التى يمكن من خلالها فرض حلول، أو على الأقل تحريك المجتمع الدولى خاصة الدول الغربية لاتخاذ مواقف عملية توقف نزيف الدم السوري.
ولعل هذه الصورة هى ما جعلت وزير الخارجية القطرى الذى يترأس اللجنة العربية الخاصة بسوريا إلى أن يتوقع "شللا فى الأسبوعين أو الثلاثة المقبلة على الساحة السورية"،وهو ما يعنى مزيدا من الدمار ومزيدا من الضحايا.
ولعل ما جرى خلال هدنة عيد الأضحى التى حاول المبعوث الأممى والعربى الأخضر الإبراهيمى أن يقرها ولم تصمد أكثر من ثلاث ساعات منذ الإعلان عن بدئها صباح أول أيام العيد، يكرس سقوط أى محاولة للهدنة، أو أى محاولة لإثناء النظام السورى عن الاستمرار فى أعمال القتل، حيث أطلقت قوات سورية متمركزة على جبل يطل على دمشق وابلا من قذائف المدفعية على حى بجنوب العاصمة مساء الخميس الماضى بعد ساعات من قبول قيادة الجيش النظامى السورى للهدنة، واستهدف القصف ضاحية الحجر الأسود الفقيرة التى يسكنها لاجئون من هضبة الجولان التى تحتلها إسرائيل.
فيما شن الطيران الحربى السورى غارة على مدينة "عربين" فى ريف دمشق بعد ساعات قليلة من إعلان الهدنة المفترضة، كما انفجرت معركة بين الجيش السورى والمعارضة فى بلدة حارم الحدودية، وأعلنت لجان التنسيق المحلية أن حصيلة القتلى الذين سقطوا فى اليوم الأول من "الهدنة" بلغت 151 قتيلا.
كما نفذت طائرة حربية سورية غارة عنيفة أمس الثلاثاء على حى جوبر شرق دمشق، بحسب ما ذكر المرصد السورى لحقوق الإنسان، وهى الغارة الأولى من طائرة حربية على العاصمة، ألقت الطائرة أربع قنابل على الحى الواقع عند طرف العاصمة من جهة الشرق والمحاذى لبلدة زملكا فى ضاحية العاصمة ودارت اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين.
ولعل ما أقدم عليه نظام بشار الأسد هو ما دفع وزير الخارجية التركى أحمد داوود أوغلو إلى التأكيد بأن بلاده لن تتحاور أبدا مع النظام السورى الذى استمر "فى قتل شعبه" خلال عطلة عيد الأضحى، معتبرا أن بلاده لن تقدم أبدا على أى مبادرة يمكن أن ينتج منها "إعطاء شرعية للنظام القائم"، وذلك ردا على دعوة وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف إلى بدء مفاوضات مع الرئيس السورى بشار الأسد وكذلك مع المعارضة لتمهيد الطريق أمام حل سياسى فى سورية.
مشاركة