محمد فودة يكتب.. علامة استفهام حول إضراب الأطباء

لست أبالغ إذا قلت أن من حق أى فئة من الشعب أن تضرب عن العمل وتعتصم وتنظم التظاهرات والاحتجاجات.. إلا فئة الأطباء، وفى المثل الشعبى يطلق عليهم ملائكة الرحمة.. ونعرف أن الملائكة لا تضرب عن العمل أو تقف فى مظاهرات.. وفى الوقت نفسه لا أحجر على الأطباء أو أفرض عليهم رأياً أو أتدخل فى شؤونهم، ولكن فقط أضع علامة استفهام حول هذا الاعتصام والإضراب عن العمل، وصحيح هو جزئى ولكن لابد أن نعرف أن الصور الصحفية التى تشير إلى تراكم وتزاحم مئات المرضى أمام كل مستشفى كبرت أم صغرت، تعنى أن هناك أزمة وأن هناك فئة من المجتمع وأغلبهم من البسطاء هم الذين يعانون ولا يعرفون بديلاً عن المستشفى الحكومى العام أو المراكز الصحية.. هذه واحدة أما الأهم فهو أن رأس الدولة، رئيس الجمهورية قد استقبل وفدا من نقابة الأطباء ووعدهم بنفسه بحل مشاكلهم، إذن فلماذا الإضراب؟ لماذا نلجأ دائماً إلى الحلول العنيفة، وهى ميراث من العهد السابق، فلم يكن المسؤولون وقتها يستجيبون إلا بالعناد أو لىّ المواقف وقد لا يستجيب أحد منهم أيضاً.. الأمر يتغير وأصبحت الديمقراطية واقعاً وليس مجرد ديكور، ولم تعد الحياة مثلما كانت مجرد ثرثرة فوق الصحف والحصاد صفر.. اليوم أصبح لمصر قيادة قريبة من الناس لا تتعالى عليهم ولا توصف أبداً بالتهاون.. وقد اعترف رئيس الوزراء إبان هذا الإضراب.. أن مصر لم تعد تحتمل أى إضرابات أو احتجاجات فئوية لأن كل ذلك من شأنه تهديد الاستقرار وتهديد الأمن وتهديد الاقتصاد فى النهاية، وبهذه المناسبة أتمنى أن نعى درس الثورة الأساسى الذى قد يغيب عنا طويلاً، ولكن لابد أن تستدل عليه بوصلة عيوننا سريعاً.. لابد من الانتباه أن العمل هو الفيصل فى هذه المرحلة الحرجة التى تعيشها مصر التى لا تزال تبحث عن الاستقرار بالمعنى الأشمل.. لأننا لا يمكن أن نظل هكذا نلف وندور حول المطالب التى هى كل الحقوق ولابد أن نحصل عليها، ولكن لنبدأ بالعمل، وثانياً وهذا هم كبير هناك سؤال لابد من فتحه ومناقشته.. أين ديوان المظالم؟ وهل صحيح هو يقوم بعمله على أكمل وجه؟ وإذا كان يقوم بعمله بدقة فلماذا تنتشر الإضرابات والاعتصامات والاحتجاجات؟ أنا أشك أن هذا الديوان يقوم بدوره كاملاً ويصل إلى أفضل النتائج.. أم أنه يبحث فقط عن المشاكل الحياتية الصغرى ولا أستصغرها فهى أساس عشرات الملايين من المصريين، ولكن لابد أيضاً من مراعاة فئات من المجتمع بأكملها بأن تعيد حقوقهم وترعى مصالحهم، فجميعنا يعرف أن الأطباء فى مصر مظلومون جداً منذ سنوات طويلة، مظلومون ومهضوم حقهم منذ السبعينيات ومنذ أن انحدر مستوى الثقافة والعلم والمتعلمين فى أيام السادات وبعد الانفتاح الذى اعترف هو شخصياً أنه لابد أن تكون له سلبيات.. انحدر العلم وارتفع مستوى العمال، وهذا أضر بتركيبة المجتمع التى لازلنا نعانى منها حتى اليوم.. أتمنى من الأطباء الثقة فى قيادتنا وأن ينتهوا من إضرابهم نهائياً.. وأن ينصت رئيس الوزراء لمطالبهم.. ويحلها فوراً وليس جزئياً لأن فئة الأطباء هى الفئة الأكثر وعياً فى مجتمعنا وعلينا حمايتها ورعايتها وألا ينجرفوا خلف شعارات ويتركون عملهم المقدس.. أرجوكم أن تنهوا الإضرابات وتعودوا إلى عملكم وكل مريض صغير له الحق فى الكبير من الأطباء، ولعل هذه مناسبة يا دكتور قنديل لفتح ملف العلم والمتعلمين والبحث العلمى، لابد أن تراعى الدولة قيمة العلماء والمتعلمين وتعيد حقوق الأطباء والمهندسين والصيادلة والمحاسبين وما إلى غير ذلك كل هؤلاء وإخوانهم تصرف عليهم الأسر ملايين الجنيهات من أجل الوصول لأعلى مستوى علمى، وإذ بهم يفاجأون أن مرتباتهم لا تكفى شيئاً بل قد تكون مجرد سد خانة، حان الوقت لأن تكون فعلية وليست أصواتنا مجرد زوبعة فى فنجان.